اخبار الرياضة

انطباع رائع عن مرموش في ظهوره الأول… وشراكة إيجابية مع هالاند

مصدر الخبر / صحيفة الشرق الاوسط

شهدت المباراة ضد تشيلسي، أول من أمس، ظهور اثنين لأول مرة من اللاعبين الثلاثة الذين تعاقد معهم مانشستر سيتي في فترة الانتقالات الشتوية الحالية، وبدا واضحاً أن المهاجم الجناح المصري عمر مرموش يمكن أن يكون إضافة قوية تساعد الفريق على العودة إلى المسار الصحيح.

لم يتمكن المدير الفني الإسباني، جوسيب غوارديولا، من إخفاء سعادته في الدقائق الأخيرة من المباراة التي فاز فيها مانشستر سيتي على تشيلسي بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد مساء السبت، ولا يمكننا أن نلومه على استمتاعه بتلك اللحظات بعد أشهر من القلق والاضطرابات.

لكن الابتسامة ربما لم تكن فقط من أجل النقاط الثلاث، أو استعادة زمام الأمور بعد فترة كارثية، أو عودة مانشستر سيتي إلى المراكز الأربعة الأولى المؤهلة للمشاركة في دوري أبطال أوروبا… لكن هذه الابتسامة كانت بسبب حقيقة أن فوز مانشستر سيتي في هذه المباراة كان نواة أو بذرة لتغيير تكتيكي جديد، أو ما يمكن وصفها بـ«طريقة جديدة لإحياء مشروع مانشستر سيتي»؛ محورها النجم المصري الشاب عمر مرموش.

مرموش كان إيجابياً على مرمى تشيلسي وسجل هدفاً أُلغي بسبب التسلل (أ.ف.ب)

سيكون من السذاجة أن نبالغ في تأثير ذلك، مع الأخذ في الحسبان الطبيعة السلبية للمنافس في هذه المباراة، حيث لم يكن تشيلسي في أفضل حالاته، ولم يتمكن من استغلال تقدمه المبكر، قبل أن يسقط بسبب الأخطاء المألوفة من حارسه روبرت سانشيز.

وتحدث غوارديولا عن بعض النقاط المثيرة للاهتمام بشأن هذه المباراة، حيث قال: «الطريقة التي تُلعب بها كرة القدم الحديثة، هي الطريقة التي يلعب بها بورنموث، والطريقة التي يلعب بها برايتون، والطريقة التي يلعب بها نيوكاسل؛ مثلما كنا نلعب نحن أيضاً، فهذه هي كرة القدم الحديثة. كرة القدم اليوم لم تعد تتعلق بالتمركز في أماكن معينة، بل يتعين عليك أن تتحكم في إيقاع المباراة».

وبصفة غوارديولا أحد رواد طرق اللعب التي تعتمد على التمركز الصحيح داخل الملعب، بالشكل الذي رأيناه خلال العقد الماضي أو أكثر من خلال التمريرات القصيرة والاستحواذ على الكرة، فقد كانت تصريحاته زلزالية للغاية.

وتشير هذه التصريحات إلى أن المدير الفني الإسباني قد أدرك أن اللعبة قد تطورت، وأنه يتعين على مانشستر سيتي أن يتحرك مع الزمن حتى لا يتخلف عن الركب. وربما شاهد المتابعون بوادر ومؤشرات ذلك بالفعل أمام تشيلسي.

فمنذ البداية، ظهر مانشستر سيتي بشكل مختلف، حيث لم يلعب كثيراً من الكرات الطويلة للأمام فحسب؛ بل ركض لاعبوه أيضاً كثيراً خلف خط دفاع تشيلسي. وكان مرموش؛ النجم المصري الآتي من آينتراخت فرنكفورت، متمركزاً بشكل قريب للغاية من رأس الحربة النرويجي إيرلينغ هالاند، وكان كلا اللاعبين يركض بشكل مباشر نحو المرمى بشكل لم نعهده من مهاجمي مانشستر سيتي، وقد ساعدهما في ذلك الاندفاع من الخلف لزميليهما يوسكو غفارديول وماتيوس نونيز؛ مما شكل خطورة مستمرة على دفاع تشيلسي.

غوارديولا هنأ مرموش على بدايته القوية (رويترز)

في البداية، نجح مرموش في إبعاد ريس جيمس عن تمركزه الصحيح، وهو ما سمح لغفارديول بأن ينطلق للأمام دون رقابة ويتسلم الكرات الطويلة. لكن الإيطالي إنزو ماريسكا، مدرب تشيلسي، حاول تصحيح هذا الأمر من خلال توجيه تعليمات إلى نوني مادويكي بأن يتمركز على هذا الجانب، كما طلب من جيمس أن يراقب مرموش، الذي كان يخلق حالة من الفوضى في دفاعات تشيلسي بسبب تحركاته المستمرة.

ولسوء حظ تشيلسي؛ الذي تقدم مبكراً بهدف السبق، أدى هذا التعديل إلى هدف التعادل؛ لأن مادويكي غير معتاد اللعب في خط الدفاع، وبالتالي ارتكب خطأ كبيراً بتمركزه الخاطئ الذي سمح لنونيز بأن يكسر مصيدة التسلل. لقد أُنقذت تسديدة نونيز، لكن غفارديول تابع الكرة المرتدة ووضعها داخل الشباك. لقد كان لاعبو مانشستر سيتي يركضون في كل مكان؛ بمن فيهم الظهيران؛ وهي طريقة لعب جديدة تماماً من جانب الفريق.

وحتى قبل إدراك هدف التعادل، كان لاعبو مانشستر سيتي، الذين يواصلون الركض بشكل مباشر نحو المرمى، يحاصرون أجنحة تشيلسي، لكن هذا الأمر أصبح أكثر وضوحاً خلال الشوط الثاني، عندما سجل مانشستر سيتي هدفين آخرين من تمريرات طويلة للأمام. جاء هدف هالاند بسبب خطأ واضح من سانشيز، لكن تهور حارس المرمى في الخروج جاء نتيجة عدد المرات التي شاهد فيها مدافعي فريقه وهم يتراجعون للخلف.

من ناحية أخرى، ارتكب سانشيز – الذي لم يحظ بدعم مديره الفني بعد الخطأ الذي ارتكبه أمام وولفرهامبتون يوم الاثنين، مع اعتراف ماريسكا بأنه «ما زال بعيداً جداً عن المستوى الذي أريد أن يصل إليه» – 5 أخطاء أدت إلى استقبال أهداف في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم؛ أكثر من أي لاعب آخر بالمسابقة.

وجاء الهدف الثالث «على طريقة أهداف التسعينات من القرن الماضي»، على حد تعبير المعلق غاري نيفيل على شبكة «سكاي سبورتس»، عبر تمريرات ولمسات سريعة وشراكة هجومية تقليدية بين هالاند وفيل فودين.

بحلول هذا الوقت، لم يكن مرموش على أرض الملعب، لكنه لعب دوراً رئيسياً في تحديد الطريقة التي سارت بها المباراة من خلال الركض المباشر، سواء للقيام بالواجبات الهجومية والدفاعية، ومن الواضح أنه سيلعب دوراً مهماً في مستقبل الفريق.

وإذا كان مرموش قد أعطى انطباعاً جيداً في مشاركته الأولى، فإن زميله المدافع الوافد الجديد الأوزبكي عبد القادر خوسانوف الآتي من لانس الفرنسي، بدا مهزوزاً ومنح تشيلسي هدفاً مبكراً في الدقيقة الثالثة، ومر عليه الشوط الأول صعباً للغاية.

كان بإمكان تشيلسي أن يستغل الهزة النفسية التي أصابت المدافع الشاب بشكل أفضل؛ فقد أهدر الفريق أكثر من فرصة مثالية لإضافة الهدف الثاني. وعلق إنزو ماريسكا على ذلك قائلاً: «بدأت المباراة بشكل جيد للغاية بالنسبة إلينا… سجلنا الهدف الأول، وكان بوسعنا أن نسجل الهدفين الثاني والثالث، وهو ما كان سيغير شكل المباراة تماماً».

في الحقيقة، كان من الممكن أن يتقدم تشيلسي بهدفين دون رد في الدقيقة التاسعة، لكنه أهدر فرصتين عندما مرر كول بالمر الكرة بشكل غير جيد إلى نيكولاس جاكسون الموجود أمام المرمى. وعند تلك النقطة، كان خوسانوف يبدو مذعوراً، بينما عانى مانشستر سيتي بالكامل من حالة إحباط ويأس شديدة، ولو أحرز تشيلسي هذا الهدف لكان بإمكانه تحقيق فوز ساحق.

مرموش سيكون قطعة رئيسية في تشكيلة سيتي المتجدد (إ.ب.أ)

لكن لم ينجح تشيلسي في استغلال الفرص التي أتيحت له في بداية اللقاء، وعليه أن يلوم نفسه على إهدار الهدايا التي قدمت إليه. عندما رأى لاعبو تشيلسي حالات الارتباك المبكرة لمانشستر سيتي، كان يتعين عليهم أن يخالفوا تعليمات المدير الفني الإيطالي بالبقاء في الخلف والسماح لمانشستر سيتي بالاستحواذ على الكرة ومحاولة شن هجمات مرتدة سريعة. لكن تمسُّك لاعبي تشيلسي بخطة مديرهم الفني سمحت لسيتي بالعودة في اللقاء مرة أخرى.

والأسوأ من ذلك، أن هذا جعل تشيلسي سلبياً للغاية عندما لا تكون الكرة في حوزته. لقد لعب مانشستر سيتي كل هذه التمريرات المباشرة لأن لاعبيه كانوا يملكون الوقت الكافي لتسلم الكرة والتفكير بهدوء ودون ضغط لتمرير الكرة للاعب الذي يركض للأمام.

لقد كان تشيلسي سلبياً في الضغط على المنافس، وسلبياً بشأن عدم قدرته على استغلال الفرص وقتل المباراة تماماً، وعدم تحكمه في زمام ووتيرة المباراة؛ مما سمح لسيتي بالعودة في النتيجة واللعب بطريقة تكتيكية جديدة وغير متوقعة تماماً.

وقال غوارديولا عقب المباراة: «يتعين علينا أن ندرك أن ما نقوم به ليس كافياً. لقد طلبت من اللاعبين أن يتقدموا، وبالفعل نفذوا ذلك».

وأعرب غوارديولا عن سعادته «بالانسجام السريع والتحركات المذهلة من مرموش في ظهوره الأول مع الفريق»، وأيضاً عن ثقته بقدرات خوسانوف رغم الهفوة التي كلفت الفريق هدفاً مبكراً.

وقال غوارديولا: «لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة إلى خوسانوف. تدرب مرة واحدة وبعدها وجد نفسه في مواجهة (نيكولاس) جاكسون وكول (بالمر) و(نوني) مادويكي و(جيدون) سانشو. يحتاج أي لاعب مثله إلى وقت. لا يزال صغيراً في السن، وسيتعلم».

وأوضح: «عانينا مؤخراً، وكان الموسم صعباً للغاية. معظم اللاعبين كانوا هنا مع الفريق لمدة 8 أو 9 سنوات، ولن أغير رأيي بشأنهم في شهرين فقط».

وأضاف: «يتعين علينا أن ندرك أن ما نقوم به ليس كافياً، فأنا أطلب منهم أن يكثفوا جهودهم، وهذا ما فعلناه. خلقنا فرصاً كافية لتسجيل الأهداف، وفي النهاية أنا سعيد للغاية بالفوز».

وعن مرموش (25 عاماً) قال غوارديولا: «انسجم على الفور مع بقية الفريق رغم انضمامه قبل يومين فقط. إنه لاعب جيد جداً، خصوصاً طريقة الربط مع اللاعبين الآخرين وتحركاته المذهلة في الملعب. رغم أنها أول مباراة له، فإنه انسجم سريعاً وتحرك بشكل رائع».

من جهته، يعتقد هالاند أن مرموش؛ شريكه الجديد في خط الهجوم، سيكون صفقة «رائعة» بعد ظهوره الأول المثير للإعجاب، فقد سجل هدفاً أُلغي بداعي التسلل في الدقيقة الـ35، وسدد كرة قوية تصدى لها حارس تشيلسي في بداية اللقاء، قبل أن يترك مكانه للقائد الدولي البلجيكي كيفن دي بروين في ربع الساعة الأخير.

وقال هالاند عن الدولي المصري: «أعتقد أنه في الشوط الأول كان بإمكانكم أن تروا أنه يمتلك شيئاً خاصاً، وهذا هو السبب وراء شراء مانشستر سيتي له».

وأضاف: «الأمر يتعلق بمنحه الثقة. سيكون لاعباً رائعاً بالنسبة إلينا. لقد قدم نصف موسم أول مذهلاً مع آينتراخت فرنكفورت. نأمل أن يقدم الشيء نفسه في النصف الثاني من الموسم معنا».

وسجل مرموش 20 هدفاً في 26 مباراة مع آينتراخت فرنكفورت هذا الموسم، قبل أن ينتقل إلى سيتي مقابل 59 مليون جنيه استرليني (72.6 مليون دولار) قبل 5 أيام.

وفرض هالاند نفسه نجماً في المباراة التي قلب فيها سيتي تخلفه بهدف إلى فوز 3 – 1 بعدما سجل الهدف الثاني وصنع الثالث لفيل فودن، وساهم في ارتقاء فريقه إلى المركز الرابع.

لذا؛ لم يكن من الغريب أن نرى الابتسامة تعلو وجه غوارديولا. لقد اعتاد مانشستر سيتي لعب كرة قدم حديثة، وهو الأمر الذي يمكنه فعله مرة أخرى في ظل وجود مرموش إلى جانب هالاند في الخط الأمامي.

المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

صحيفة الشرق الاوسط