حياة

بالصور ..نهر النيل .. عطبرة تشهد احتفال برأس السنة الصينية في السودان – عيد الربيع الصيني

مصدر الخبر / وكالات

29/1/2025 رأس السنة الصينية – عيد الربيع الصيني

يبدأ عيد الربيع عادة في اليوم الأول من الشهر الأول في التقويم القمري الصيني، ويستمر الاحتفال به لمدة 15 يومًا، حيث ينتهي بمهرجان المصابيح. يمثل هذا العيد بداية فصل الربيع، ويعتبر فرصة لتجديد الروابط الأسرية والاجتماعية.

في يوم الأربعاء الماضي، شهدت قاعة “الصندوق القومي” في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل شمال السودان تحولاً ملحوظاً، حيث تزينت القاعة بالفوانيس الملونة وامتلأت بالحيوية والنشاط، بعد فترة من الهدوء والركود. هذا الحدث المميز جاء ليعكس روح التفاؤل والأمل في المدينة، التي لطالما عُرفت بتاريخها الصناعي العريق.

الشوارع المؤدية إلى القاعة في حي (الدرجة)، الذي يُعتبر من الأحياء البارزة في عطبرة، شهدت ازدحاماً غير مسبوق، حيث توافد المئات من المواطنين والزوار لحضور الاحتفال الذي يُنظم لأول مرة في المدينة بمناسبة عيد الربيع الصيني. هذا الحدث لم يكن مجرد احتفال ثقافي، بل كان بمثابة جسر للتواصل بين الثقافات وتعزيز العلاقات بين السودان والصين.

على الرغم من التحديات التي تواجهها مدينة عطبرة، مثل تأثيرات الحرب المستمرة والتهديدات الأمنية الناتجة عن القصف المتقطع من الطائرات المسيرة، لم يمنع ذلك المسؤولين المحليين وسكان المدينة، بالإضافة إلى عدد من الزوار الصينيين، من المشاركة في هذا الاحتفال. إن هذا التجمع يعكس إرادة المجتمع المحلي في التغلب على الصعوبات والاحتفاء بالثقافات المختلفة، مما يعزز الأمل في مستقبل أفضل.

نظم مركز الماندرين للتدريب، قسم اللغة الصينية، احتفالية بمناسبة عيد الربيع الصيني، تحت عنوان “الاحتفال بعيد الربيع الصيني لبناء جسر ثقافي وتعزيز العلاقات”.

تضمن الاحتفال عروضًا فنية متنوعة، كان من أبرزها الأغاني الفردية والجماعية التي قدّمها طلاب مركز الماندرين، بالإضافة إلى مسرحيات قصيرة وقصائد مستوحاة من مضامين عيد الربيع، مما أتاح للمشاركين فرصة للغوص في الثقافة الصينية.

قال مدير مركز الماندرين موفق عاطف بابكر: “هذا اليوم هو تحقيق حلم، وبالرغم من التحديات، استطعنا الاحتفال بعيد الربيع. أنا في غاية السعادة لما حققناه”.

وأضاف في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)): “هدفنا من هذا الاحتفال هو إظهار المعنى الحقيقي للتواصل والأخوة بين الشعبين السوداني والصيني، وندرك أن كل هذه المعاني تتجلى في عيد الربيع”.

وأضاف “لقد واجهنا تحديات كبيرة بسبب الوضع الحالي في السودان، ولم يكن من السهل الحصول على شعارات عيد الربيع والرسومات المتعلقة به، لذلك استعنا بصديق في الصين الذي ساعدنا بإرسالها”.

وأشار بابكر إلى أهمية الاحتفال بعيد الربيع، قائلاً: “نحن نحتفل بمناسبة مهمة ذات قيمة عالمية، وقد أصبحت الآن حدثاً عالمياً بعد إدراج الاحتفال ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو.”

بدأ الاحتفال بعزف النشيدين الوطنيين للسودان والصين.

قدمت الطالبة رؤي خالد، المعروفة باسمها الصيني فانغ شين، قصيدة شعرية في مركز الماندرين بعنوان “مواجهة البحر، حيث الدفء والزهور في الربيع”، والتي عبرت من خلالها عن الأمل والسعادة.

حصلت الفقرة الغنائية الجماعية لمجموعة من طلاب المركز على نصيب وفير من إعجاب وتفاعل الجمهور الكبير الذي ملأ قاعة الاحتفال.

ارتفعت أصوات التصفيق أثناء أداء الأغنية بعنوان “الأصدقاء”، وعلى الرغم من أن معظم الحضور لا يفهمون معاني كلمات الأغنية التي تم تقديمها باللغة الصينية، إلا أن لحنها المؤثر وأداء الفرقة المتميز حظيا بإعجاب الجماهير.

أوضحت الطالبة رؤى خالد، التي قادت المجموعة الغنائية، أن أغنية “الأصدقاء” كانت تجسيدًا لأحد أهم معاني الاحتفال بعيد الربيع.

وقالت رؤى، وهي طالبة في السنة الرابعة بقسم اللغة الصينية بمركز (الماندرين)، لوكالة ((شينخوا)) “أنا أحب الغناء الصيني منذ طفولتي، وقد يكون هذا هو السبب وراء رغبتي في تعلم اللغة الصينية”.

تحفظ رؤى أغاني صينية مشهورة، وهي تحلم بالسفر إلى الصين والعيش هناك. إضافة إلى موهبتها في الغناء، فإنها تهتم أيضاً بالإعلام وتتمنى أن تصبح مذيعة أخبار باللغة الصينية.

تضمن الاحتفال عرضًا مسرحيًا قدمته طالبتان من مركز الماندرين، حيث سلطت المسرحية الكوميدية القصيرة الضوء على قيم الروابط الأسرية.

صاحب الاحتفال معرض مليء بالزينة والفوانيس والنقوش الصينية التقليدية الفريدة، بينما انتشرت رائحة الطعام الصيني في أرجاء قاعة المعرض، قبل أن يستمتع الحضور بمذاقه.

عكست فعاليات المعرض مجموعة متنوعة من البرامج التي تهدف إلى التعريف بالثقافة الصينية، وتقديم معلومات للجمهور حول بعض العادات والتقاليد الصينية، مثل كيفية صنع الفوانيس الصينية وتعلم فن الخط الصيني.

لم يقتصر حضور الاحتفال على سكان مدينة عطبرة فقط، بل انضم سودانيون من مدن أخرى للاحتفال بعيد الربيع.

سافرت المواطنة السودانية نبراس مالك، البالغة من العمر 23 عاماً، من مدينة أم درمان الواقعة شمال العاصمة الخرطوم إلى مدينة عطبرة في ولاية نهر النيل للمشاركة في احتفالات عيد الربيع.

قالت نبراس لوكالة شينخوا: “سافرت لأكثر من 15 ساعة، وقد واجهت عدة مخاطر وصعوبات أمنية، وكل ذلك من أجل تحقيق حلمي في حضور هذا الاحتفال الهام”.

وأضافت: “منذ بداية الحرب لم يكن بإمكاني المشاركة في أي نشاط يتعلق بالثقافة الصينية، وها أنا اليوم أستطيع الاستمتاع بالاحتفال بعيد الربيع. إنها لحظات مؤثرة، فقد أعاد لي هذا الاحتفال ذكريات لا تُنسى عندما كنت أحضر مثل هذه الفعاليات مع والدي في الخرطوم.”

في قاعة المعرض، استمتع الزوار بالأنشطة الترفيهية المصاحبة، الذي كان من أبرزها قص أوراق النوافذ، وكتابة الحروف الصينية، بالإضافة إلى تناول الأطعمة الصينية.

على ثلاث طاولات، وضعت 7 قدور، منها 4 لوجبة الجياوتسي، و2 لوجبة الشعرية باللحم البقري، وقِدر واحد لكرات الأرز.

نال الطعام الصيني إعجاب الكثيرين الذين جربوه، حيث قالت انشراح أحمد، موظفة حكومية: “إن طعم الطعام الصيني رائع حقًا، وأنا أحب الوجبات الصينية، لكن للأسف، هي غير متاحة حاليًا في السودان بسبب الحرب”.

وقالت لـ “شينخوا” وهي تتناول طبقًا من الشعرية باللحم: “أنا أستمتع بهذه الوجبة، وأحاول استخدام العصا لتناول الطعام، ولدي معرفة جيدة بأسماء الأطباق المرتبطة بعيد الربيع”.

سبق لانشراح أن شاركت في احتفالية عيد الربيع في قاعة الصداقة بالخرطوم قبل عدة سنوات، لكنها تتمنى السفر إلى الصين لتعيش تجربة حقيقية للاحتفال بعيد الربيع هناك.

وشارك في الاحتفالية التي أقيمت في قاعة الصندوق القومي بمدينة عطبرة اليوم مئات من السودانيين، بالإضافة إلى عدد من أعضاء الجالية الصينية في السودان.

قال “تشانغ يو تشونغ”، مدير مستشفى هواشيا الصيني، الذي جاء من مدينة بورتسودان في شرق السودان لحضور الاحتفال: “هذه هي المرة الأولى التي أشارك فيها احتفالاً بعيد الربيع ينظمه السودانيون، وهو فعلاً احتفال فريد من نوعه”.

وأضاف لـ”شينخوا”: “في ظل الأوضاع الحالية في السودان، فإن هذا الاحتفال يحمل قيمة كبيرة ويبعث على المشاعر والدفء”.

وأشار إلى أن عدد الصينيين الموجودين حالياً في بورتسودان قليل جداً، وفي ظل هذه الظروف، يكتفي العديد منهم بوضع ملصقات خاصة بعيد الربيع وتناول الطعام مع زملائهم في العمل أو أصدقائهم للاحتفال بالعيد بأسلوب بسيط.

بعد انتهاء الاحتفال، عبر مدير مركز الماندرين موفق عاطف بابكر، الجهة المنظمة للحدث، عن مشاعره المتناقضة، حيث يشعر بالفرحة لأنه تجاوز عدة عوائق كانت تواجه تنظيم الاحتفال، وفي الوقت نفسه يشعر بالحزن بسبب نقص بعض الفقرات الهامة، مثل فقرات الألعاب النارية.

وأضاف “لا توجد ألعاب نارية في المدينة، ولا يمكن استخدامها بسبب الظروف الأمنية، ولكني آمل أن يحل عيد الربيع القادم وبلادنا في أمان، وعندها سيكون بإمكاننا تنظيم احتفال يليق بأهمية عيد الربيع”.

شينخوا

عن مصدر الخبر

وكالات