عُثر على طفلين، أحدهما في الرابعة من عمره والآخر في الثانية، ضحايا للغارة الجوية التي استهدفت مدينة نيالا يوم الاثنين الماضي. وقد أفادت مربية أحد الطفلين بأن أربعة من أفراد عائلتها فقدوا حياتهم في هذه الغارة، حيث توفيت والدتها وثلاثة من إخوتها، بينما نجا والدها وأخوها الأكبر لعدم تواجدهما في المنزل أثناء وقوع الهجوم. هذه الحادثة المأساوية تعكس حجم المعاناة التي يعيشها المدنيون في ظل تصاعد النزاع المسلح في المنطقة، حيث يتعرض الأطفال بشكل خاص لأبشع صور العنف.
تستمر الطائرات الحربية في تنفيذ غاراتها على مدينة نيالا، حيث وقعت أحدث الغارات يوم الأربعاء الماضي. وقد أفاد سكان المدينة لراديو دبنقا بأن الهجمات استهدفت مطار نيالا وأحياء شرقية من المدينة، مما أدى إلى حالة من الذعر والقلق بين السكان. الغارات المتكررة تسببت في مقتل 39 شخصاً خلال الأيام القليلة الماضية، مما يسلط الضوء على الأثر المدمر للنزاع على حياة المدنيين، وخاصة الأطفال الذين يعتبرون الأكثر تضرراً من هذه الأحداث.
في ظل هذه الظروف الصعبة، يبذل الأطباء في مستشفى نيالا جهوداً كبيرة لتقديم الرعاية الطبية للجرحى والمصابين. وقد أشار أحد الأطباء في منظمة أطباء بلا حدود إلى التحديات الكبيرة التي تواجههم في تقديم المساعدة، حيث تتزايد أعداد المصابين نتيجة الغارات الجوية المستمرة. الوضع الإنساني في المدينة يتطلب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي لتخفيف معاناة السكان وتوفير الحماية اللازمة لهم، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية.
وتشير السيدة آن ماري سواي، ممثلة اليونيسف في السودان، في بيان لها يوم الأربعاء، إلى مقتل 40 طفلاً خلال ثلاثة أيام بسبب الحرب المستمرة في السودان. وأضافت أن القصف في كادوقلي بجنوب كردفان أسفر عن مقتل 21 طفلاً وإصابة 29 آخرين بجروح يوم الاثنين. وفقاً للتقارير، قُتل 11 طفلاً على الأقل جراء قصف استهدف سوقاً للماشية في الفاشر بدارفور، كما وردت أنباء عن مقتل ثمانية أطفال آخرين وإصابة ستة في قصف على سوق صابرين بالخرطوم يوم السبت.
وقد وردت أنباء عن مقتل 40 طفلاً على الأقل خلال ثلاثة أيام فقط في ثلاث مناطق منفصلة بالبلاد، مما يعكس التهديدات المتزايدة والمخيفة التي يواجهها الأطفال في السودان. ومن المؤسف أن تمر أيام قليلة دون تلقي تقارير جديدة عن مقتل وإصابة أطفال.
وذكرت حكومة جنوب كردفان أن 110 أشخاص قتلوا وأصيبوا جراء القصف المدفعي الذي شنه قوات الدعم السريع، فيما أفاد المجلس الأعلى للطفولة في الولاية بأن من بين القتلى 21 طفلاً، بينما تعرض 30 آخرون للإصابة. وأوضحت أن الإصابات التي تعرض لها الأطفال كانت خطيرة، لاسيما في الرأس والبطن وبتر الأطراف. من جانبها، نفت الحركة الشعبية مسؤوليتها عن القصف واتهمت الجيش بمهاجمة مواقعها.
وأكدت السيدة آن ماري سواي أن أكثر من 900 حادثة انتهاك جسيم ضد الأطفال تم الإبلاغ عنها بين يونيو وديسمبر 2024، بمعدل يزيد عن أربع حوادث يومياً، 80% منها تتعلق بالقتل والتشويه في ولايات دارفور والخرطوم والجزيرة.
واستمرت السيدة آن ماري بالقول إنه منذ بداية العام لم تظهر أي مؤشرات على تراجع القتال. وخلال الأسبوع الأخير من يناير، وفقاً للتقارير، قُتل وأصيب سبعة أطفال في هجوم على المستشفى الوحيد العامل في مدينة الفاشر. كما قُتل أو أصيب ثلاثة أطفال آخرين عندما سقطت قذيفة على مساحة مخصصة للأطفال تابعة لليونيسف في الخرطوم.
وأضافت أن الأطفال في السودان يدفعون الثمن باهظاً نتيجة الصراع المستمر، وندعو جميع أطراف النزاع للالتزام بالقانون الإنساني الدولي واحترام وحماية حقوق جميع الأطفال في السودان.
وأشارت إلى أن استمرار الصراع يهدد حياة الأطفال ومستقبلهم، ومن أجلهم يجب إنهاء أعمال العنف على الفور.