واصل الجيش السوداني زحفه نحو قلب العاصمة الخرطوم، حيث شهدت المنطقة مواجهات عنيفة مع “قوات الدعم السريع”، التي لا تزال تحتفظ بالسيطرة على مركز المدينة والقصر الرئاسي. وقد اتسعت نطاق العمليات العسكرية للجيش لتشمل عدة محاور، حيث تمكنت قواته من دفع “قوات الدعم السريع” للتراجع عن بعض النقاط الاستراتيجية في مناطق الجزيرة وشرق النيل، بالإضافة إلى أحياء جنوب وغرب الخرطوم، مما يعكس تقدمًا ملحوظًا في العمليات العسكرية.
تواصل القوات المسلحة السودانية تقدمها نحو الخرطوم من عدة اتجاهات، حيث تركزت العمليات في الجنوب الغربي باستخدام قوات المدرعات، بينما تتقدم من الجنوب عبر الضفة الغربية لنهر النيل الأزرق قادمة من بلدة “المسعودية”. كما تشهد الضفة الشرقية للنيل الأزرق من بلدة “سوبا” تقدمًا ملحوظًا، بالإضافة إلى العمليات التي تُنفذ من الشرق عبر “الوادي الأخضر”، ومن الشمال والغربي عبر “المقرن”. تستهدف هذه العمليات استعادة السيطرة على مدينة الخرطوم بحري وتطهير المناطق المتبقية، مع التركيز على استعادة وسط الخرطوم والقصر الرئاسي.
بينما الجيش يتقدم في جميع المحاور القتالية، حذر الناطق الرسمي باسم الجيش، العميد نبيل عبد الله، بعض الإعلاميين غير المسمّين من نشر “مجريات العمليات” مستندين الى مصادر عسكرية، موضحاً: “بعض الإعلاميين والمواقع يعتادون نشر أخبار حول مجريات العمليات، بعضها ينسب لمصادر عسكرية، أو دون الإشارة إلى أي مصدر”. وأكد على عدم الاعتماد على أي معلومات لا تصدر عن مكتب الناطق الرسمي ومنصاته الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي، في إشارة إلى نشر بعض المؤيدين للجيش أخباراً غير دقيقة تؤثر على سير العمليات.
من جانبها، نشرت قوات سلاح المدرعات مقاطع فيديو من مصنع “لوحات المرور” بشارع الغابة، بالقرب من مطابع “سك العملة” غرب وسط الخرطوم، ومقر “الكتيبة الاستراتيجية” التي سيطرت عليها “الدعم السريع” في الأشهر الأولى من الحرب، لدعم القوات المتواجدة في منطقة “المقرن” غرب المدينة.
وأفاد شهود بأن “جيش المدرعات” قد أكمل سيطرته على “المنطقة الصناعية”، وأصبح قريباً جداً من “الكتيبة الاستراتيجية”. وجرى تداول مقاطع فيديو على منصات التواصل تظهر جنوداً من الجيش وهم يتوعدون باستعادة المناطق الاستراتيجية واحتلال منطقة المقرن غرب وسط الخرطوم في القريب العاجل.
وفي أحياء جنوب وسط الخرطوم، دارت معارك للتأمين في أحياء “السجانة، وأبو حمامة، والديوم”، حيث حاولت قوات الجيش تأمين تقدمها نحو وسط الخرطوم ومنطقة “السوق العربي”.
وفقاً للناشط “محمد خليفة”، الذي يحظى بمتابعة ملايين الأشخاص، نشهد عمليات كبيرة ومتعددة في أحياء وسط مدينة الخرطوم. تسعى خلالها قوات “سلاح المهندسين” لكسر دفاعات الخصم باستخدام الطائرات المسيرة والعمليات الخاصة، بينما تواجهها “قوات الدعم السريع” بقناصة يتخذون من البنايات العالية مراكز لهم في المنطقة.
في الجنوب على ضفة النيل الأزرق الشرقية، تم تداول مقاطع فيديو من بلدة “المسعودية” بعد استعادتها من “قوات الدعم السريع”، ويُتوقع أن يتقدم الجيش نحو بلدة “الباقير” مستهدفاً “مدينة جياد الصناعية” على الحدود بين ولايتي الخرطوم والجزيرة، ومن ثم الانتقال إلى بلدة “سوبا” التي يمتد عليها “جسر سوبا” الذي تستفيد منه “قوات الدعم السريع” في حركتها عبر ضفتي نهر النيل الأزرق.
سُمعت أصوات معارك عنيفة في منطقة “شرق النيل” وضاحية “كافوري”، حيث تتركز “قوات الدعم السريع”، واستخدمت فيها الطائرات الحربية والمدفعية الثقيلة. كما أفادت المصادر الإعلامية ببدء الجيش في اقتحام الضاحية، التي تعد من أهم معاقل “قوات الدعم السريع” في مدينة الخرطوم بحري، واستولى على عدد من المناطق الشمالية منها.
كما اقتربت القوات القادمة من شمال غربي ولاية الجزيرة من بلدة “جبل أولياء”، حيث الجسر الاستراتيجي المتواجد على “خزان جبل أولياء”. في حال استيلائها عليه، ستقطع الطريق على “قوات الدعم السريع” وتقيّد تحركاتها شرقا وغربا على نهر النيل الأبيض، مما يقطع خط الإمداد بين ولايات الغرب والعاصمة.
منذ استعادة مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، في الشهر الماضي، واصل الجيش تقدمه على حساب “قوات الدعم السريع” دون مقاومة كبيرة، واستطاع اجتياح البلدات في طريقه. كما تقدمت الجيوش القادمة من الشمال نحو مركز الخرطوم بعد عبورهم لجسر “الحلفايا”، وتمكنوا من فك الحصار عن قيادة سلاح الإشارة، والقيادة العامة للجيش، ومصفاة النفط في أقصى شمال الخرطوم بحري.
بعد هذه العمليات، استعاد الجيش أحياء وسط الخرطوم بحري، والجزء الشمالي من جسر “المك نمر” الذي يربط الخرطوم بحري بالخرطوم، وهو على بُعد أمتار من القصر الرئاسي الذي تسيطر عليه “قوات الدعم السريع”، فيما تبقى أحياء كافوري ومنطقة شرق النيل تحت سيطرة “الدعم السريع”.