توقع خبراء في الشأن الأفريقي، يوم الأربعاء، أن يواجه قائد الجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، صعوبة كبيرة في استعادة عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي خلال القمة المقررة يوم الجمعة المقبل. وأشار هؤلاء الخبراء إلى أن الظروف السياسية والأمنية التي أدت إلى تجميد العضوية لا تزال قائمة، مما يجعل من غير المرجح أن يتمكن البرهان من تحقيق هذا الهدف في الوقت الراهن.
وفي سياق متصل، أكدت مصادر أن القمة المقبلة ستستمر في تجميد عضوية السودان، حيث تركز الحكومة العسكرية جهودها على استعادة هذه العضوية. يأتي ذلك في وقت تشهد فيه البلاد توترات سياسية، حيث تسعى الحكومة إلى تعزيز موقفها في الساحة الأفريقية، رغم التحديات التي تواجهها من قبل قوى سياسية أخرى، بما في ذلك الحكومة الموازية التي يُتوقع أن تتشكل في مناطق سيطرة “قوات الدعم السريع”.
من جهة أخرى، من المتوقع أن تتناول القمة مجموعة من القضايا المهمة، بما في ذلك انتخاب رئيس جديد لمفوضية الاتحاد الأفريقي، حيث يتنافس على هذا المنصب عدد من الشخصيات البارزة مثل محمود علي يوسف، وزير خارجية جيبوتي السابق، ورايلا أودينجو، رئيس وزراء كينيا السابق، وريتشارد راندرياماندراتو، وزير خارجية مدغشقر السابق. هذه الانتخابات قد تؤثر بشكل كبير على مستقبل العلاقات بين السودان والاتحاد الأفريقي، في ظل السعي المستمر للجيش السوداني لاستعادة حق تمثيل البلاد في المنظمة.
الإبقاء على التجميد
وفيما يتعلق بالموضوع، أشار المحلل السياسي علي الدالي إلى أنه من المحتمل الاستمرار في تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، وذلك بسبب وجود عدة عقبات تحول دون استعادتها، أبرزها استمرار النزاع وتشكيل حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها “قوات الدعم السريع”.
أوضح الدالي في تصريح لـ”إرم نيوز” أن البرهان قام بعدة تحركات في الفترة الأخيرة، تضمنت زيارات متكررة لعدد من الدول المؤثرة في الاتحاد الأفريقي، كخطوة استباقية لتشجيعها على دعم السودان أثناء انعقاد القمة المقبلة من أجل إنهاء تجميد عضويته، حسبما ذكر.
وأضاف “أن حكومة بورتسودان بذلت جهودًا كبيرة لاستعادة عضويتها في الاتحاد الأفريقي، بدءًا من زيارات البرهان الخارجية وصولاً إلى حديثه قبل يومين عن تشكيل حكومة مدنية، لكن يبدو أن هناك تحديات كبيرة تواجهها خلال القمة الأفريقية المقبلة”.
وأشار إلى أن الحديث عن إنشاء حكومة مدنية في بورتسودان لن يكون كافياً لدفع الاتحاد الأفريقي لرفع تجميد عضوية السودان.
أشار الدالي إلى أن الحكومة الموازية المتوقع تشكيلها في مناطق سيطرة “قوات الدعم السريع” ستشكل عائقاً كبيراً أمام حكومة بورتسودان التي تسعى للحصول على عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي.
وأشار إلى أن الحكومة الموازية ستنافس حكومة البرهان على شرعية تمثيل السودان في المنظمات الإقليمية والدولية، مما سيعطل مخططاتها لاستعادة عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي.
وأشار إلى أن “أكبر التحديات التي تواجه استعادة السودان لعضويته في الاتحاد الأفريقي هي استمرار الصراع، في ظل الضغوطات الدولية والإقليمية لوقفه”. وتوقع أن تواصل الدول الأفريقية تعزيز قرار تجميد عضوية السودان كوسيلة للضغط على الأطراف المعنية للعودة إلى طاولة المفاوضات.
وأضاف الدالي أن “العقوبات الأمريكية المفروضة على قادة الجيش السوداني ستؤثر أيضاً على قرار رفع تجميد عضوية السودان؛ لأن القرار الأفريقي مرتبط بالمواقف الدولية تجاه السودان”، كما ذكر.
تحركات دولية
أشار الدالي إلى وجود تحركات دولية وإقليمية لعقد اجتماع دولي كبير يتزامن مع قمة الاتحاد الأفريقي، لمناقشة الوضع في السودان، متوقعاً أن تؤثر نتائج هذا الاجتماع على قرار رفع التجميد.
وأشار إلى أن هناك عدة دول أساسية وذات تأثير في الاتحاد الأفريقي لا تزال تتبنى موقفاً محايداً تجاه الأزمة في السودان، متوقعاً أن تصوت لصالح استمرارية التجميد داخل الاتحاد الأفريقي.
وقال إن “البرهان إذا رغِب في إنهاء تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، يجب عليه تجاوز هذه العقبات، وأن يسعى بجدية إلى إنهاء الحرب بدلاً من الحديث عن تشكيل حكومة مدنية”، مشيراً إلى أن العالم يترقب إنهاء معاناة الشعب السوداني.
أعلنت حكومة البرهان يوم الأحد الماضي عن إطلاق “خريطة طريق للإعداد لمرحلة ما بعد الحرب واستئناف العملية السياسية الشاملة”، والتي تتضمن “إجراء حوار وطني شامل لجميع القوى السياسية والمجتمعية، وتشكيل حكومة مكونة من كفاءات وطنية مستقلة لاستئناف مهام المرحلة الانتقالية، ومساعدة الدولة في التغلب على آثار الحرب، وإجراء التعديلات اللازمة على الوثيقة الدستورية والمصادقة عليها من قبل القوى الوطنية والمجتمعية، ثم اختيار رئيس وزراء مدني لإدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون أي تدخل”.
قال خبراء في وقت سابق في تصريحات لـ”إرم نيوز” إن البرهان يهدف من خلال تقديم هذه الخريطة للطريق إلى إنهاء تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، ومنح سلطة بورتسودان الشرعية لتمثيل السودان في المنظمة، وذلك قبل الإعلان المرتقب عن الحكومة الموازية التي سيتم تشكيلها في المناطق التي تسيطر عليها “قوات الدعم السريع”.
شروط العضوية
استبعد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أبو عبيدة برغوث، أن يقوم الاتحاد الأفريقي بإعادة عضوية السودان، لأنه لم يستوفِ الشروط المطلوبة بعد، إذ لا تزال أسباب تعليق العضوية قائمة.
قال برغوث لـ”إرم نيوز” إن هناك أسبابًا جديدة أضيفت لتلك التي استند عليها الاتحاد الأفريقي في تعليق عضوية السودان، موضحًا أن الانقلاب على الوثيقة الدستورية الذي نفذه المكون العسكري في 25 أكتوبر 2021، قد وقع قبيل اندلاع الحرب المستمرة التي أدت إلى انهيار دستوري شامل في البلاد.
وأكد أن السودان في وضعه الحالي لا يفي بالشروط اللازمة للانضمام إلى الاتحاد الأفريقي وفقًا للوائح والدستور المعمول بهما. وأضاف “حتى يتحسن الوضع، ستبقى العضوية مجمدة، لأن الشروط المطلوبة للعضوية في منظمة الاتحاد الأفريقي لا تنطبق على السودان في هذه الظروف”.