طيف أول :
والرغبة تصب في منتهى الأنانية
إذ يهطل الآن جُل الشعور
يملأ الأمكنة بالأنا
وينبت جشع السلطة حتى يطول ساقه لكن أوراقه اليابسة تتساقط على الرؤوس لتكشف أن لاصلة له بالتربة !!
ويفشل الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش رئيس المجلس الإنقلابي في إخفاء مشاعر غضبه وإنفعاله في تصريحات الأمس والذي يعود سببها لأمرين : الأول أن الجنرال يشعر بحالة يُتم ُوذلك بسبب فقد الإنتماء للعائلة الإفريقية التي خسر واجهاتها وانقطع عشمه في أي محاولة لكسب عطفها واحتواءها،
وباءت كل جهوده الدبلوماسية والسياسية بالفشل، ولم ينجح وزير خارجيته في مساعيه لعودة الحكومة للحضن الأفريقي ، حيث جاهر البيت الإفريقي بعدم قبول الجنرال ، وكف يده عن دعمه ومساندته، وحسم موقفه النهائي بتصريح مفوض السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي بانكولي أديوي الذي قال إن آليات الإتحاد الإفريقي واضحة بشأن رفع العقوبات واستئناف أنشطة السودان في الاتحاد) وهي إجابة واضحة تعني إصرار الإتحاد على عدم الاعتراف بحكومة البرهان الإنقلابية الفاقدة للشرعية
وذكرنا من قبل أن إنتظار حكومة البرهان لدعم الإتحاد الافريقي لها في ظل الإنقلاب اشبه بإنتظار سراب يحسبه الظمأن ماء
والسبب الثاني لإنفعال البرهان وخطابه الذي خرج من وقار القائد الي “شخصنة” القضايا السياسية وذكر السياسيين بالإسم، وهي مرحلة متأخرة في التدهور لخطاب القادة ، هو أن الحديث عن إعلان حكومة موازية لحكومته أزعج الجنرال وأقلقه، وهزّ مقعده على دفة القيادة
فحكومة الدعم السريع بالرغم من أن لامستقبل لها إلا أنها ستشكل خطرا كبيرا على البرهان ، ليس لما يترتب عليها من آثار سلبية اقتصادية وسياسية وعسكرية على حكومة بورتسودن، لكن لأنها تمس ايضا كرامة البرهان الشخصية بصفته “عاشق سلطة” ومنصب ، ولايريد أحد أن يشاطره القيادة وينافسه على الكرسي ، لذلك إن مجرد ذكر حكومتين سودانيتين احداهما بقيادته والثانية بقيادة الدعم السريع فهذا يعد خصما على رصيده السياسي والعسكري مستقبلا
كما تكشف الطريقة الإنفعالية للقائد أن هناك حلا دوليا وخطة سياسية قادمة بقوة فما حاول البرهان نفيه ورفضه.. أثبته ( قالوا لينا هل تقبلوا بحمدوك)!!
وهذا الحل الدولي إن حدث فلا أظن أن “جقلبة” البرهان ستوقفه ، لأنه ربما لا يطرح ألا والعصا معه ولن يأتي بالتراضي ، إن كان الخيار حمدوك اوغيره.
اما حديثه عن الشعب السوداني لايقبل إلا من حاربوا في الميدان فهذا يعد تعديا واضحا لسرقة لسان الشعب وقراره وإرادته فمن قال للبرهان أن الشعب السوداني لن يقبل بغيرهم، ومن فوضه حتى يكون ناطقا رسميا بإسمه!! ، وهل سأل البرهان نفسه ، إن كان هو سيقبله الشعب ام لا !!
وليس هناك مقارنه مابين زاهد سلطة كحمدوك،بصفته ” رجل سلام ” غادر مقعده وقدم إستقالته ، ومازال يسعى لوقف الحرب وتحقيق السلام للشعب
ومابين “رجل حرب” دمر البلاد ويصر على استمرارها و يتشبث بالسلطة ويجلس على كرسيه فوق أكوام الرماد، وأطلال الوطن ، ومازال مهووسا بالحكم، وقتل الآلاف من الشعب لأجل هذه الغاية !!
والهجوم على حمدوك والقوى المدنية ليس بسبب الحكم او قبول الشعب او رفضه لهم ، الهجوم عليهم بسبب أن الإتحاد الأفريقي أعطى القيمة لرئيسهم المستقيل الغائب الحاضر ، ونزعها من البرهان الحاضر الغائب ، وهذا هو سبب ( الغيرة السياسية) الفاضحة التي اشعلت الغضب ودفعت البرهان لهذا الإنفعال!!
ومن قبل تحدثنا أن القوى المدنية لم تتخذ موقفها من الحرب مجرد شعار، لكنها نجحت في مراميها عندما جعلت العالم ينظر في كتاب جرائم الطرفين ليصل الي انهما جنرلان مهووسان بالسلطة قتلا الشعب السوداني ودمرا أرضه وممتلكاته فقط من أجل كرسي الحكم ، وعندما فشلا في حربهما الآن يريدان أن يتقاسما الوطن والحكومات ، حتى يكون كل واحد منها رئيس على (نص بلد )، وهذا أكبر دليل على تضاءل احلامهما السياسية والعسكرية
لذلك تبقى كل حكومة من هاتين الحكومتين العسكريتين غير الشرعتين مجرد واجهات مؤقته تكتب على كل بوابة منهما ( مخالف قابل للازالة) لأنها لن تحظى ابدا بمباركة دولية
ولا تأييد داخلي لكن حديث البرهان بالأمس لخص توصيات إجتماع على كرتي واحمد هارون الذي إلتأم أمس الأول والذي تحدثنا عن انه تم لمحاصرة البرهان،. وذكرنا أن كرتي وهارون اشترطا عليه الإعتراف بوجودهما وتخليه عن خطابه الأخير الذي حاول فيه التمرد على التنظيم،. ولأن هارون وكرتي يريدان الحكم والسيطرة على القرار السياسي بإعتبارهما الأكثر حضورا على الأرض عبر كتائبهما، لذلك ظل البرهان يردد في خطابه أمس ولأكثر من مرة ( أنه يجب أن تكون الأولية في الحكم للذين حاربوا في الميدان)!!
وبهذا يدخل البرهان الآن دائرة العزلة السياسية الكاملة على خطى البشير، فداخليا خسر الجنرال شعبه فهو ليس المفضل عنده للحكم ولكنه لايعلم !!
وخارجيا خسر البرهان اكثر من 25 دولة عربية وغربية وافريقية وخسر الإتحاد الأوربي ، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي والإيغاد، وخسر الرجل خصومه وعدد كبير من حلفائه!!
كما يفوت عليه أنه قائد جيش عجز عن حسم حربه ومازال يتحدث عن السياسة في ظل المعارك الآنية التي يقتل فيها المواطن في عدد من المدن، فمن العار أن ينظر القائد الي شعبه وهو يقتل ويشرد وينزح ويجوع ، ووطنه ينهار أمام عينيه ومع هذا يقف ( بشهية مفتوحة) للسلطة يحدث الناس عمن الذي يجب أن يحكم السودان!! ولكن حتى وإن بقى البرهان على رأس حكومة “الطرف الثالث” الذي لن يستطيع الحكم بعيدا عن لافتة الجيش، ولن يستطيع البرهان الحكم إلا بسند قياداته، فهي أيضا بلا شك حكومة كيزانية تقع على الناصية “المخالفة” التي ستشملها الإزالة !!
طيف أخير :
وزير الخارجية الإيراني: إتفقنا على مشاركة طهران في إعادة بناء ما دمرته الحرب في السودان
(حتى إيران تريد أن تكون أداة إعمار لادمار)!!
الجريدة
المصدر من هنا