تحقيق لـ: سلمى عبد العزيز
تصميم: محمد الحاج أحمد
إخراج بصري: وفاء خيري
بصوتٍ منخفض خوفًا من افتضاح أمرها، أرسلت نجاة علي (اسم مستعار)، المحكومة بالإعدام شنقًا، رسالة صوتية قصيرة عبر تطبيق “واتساب” إلى معدّة التحقيق، لم تتجاوز الثانيتين، وأتبعتها بكتابة: “لقد سُجنت ظلمًا، واضطررت للعمل تحت ظروف الحرب القاسية لإعالة إخوتي ووالدتي المريضة و…”، لكنها لم تتمكن من إكمال حديثها حيث اقتربت منها السجّانة التي ترافقها كظلها، حتى عند رغبتها في الذهاب إلى دورة المياه، وذلك منذ أن أصدرت محكمة ولاية نهر النيل الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني حكمًا بالإعدام عليها بتهمة التخابر مع “قوات الدعم السريع”.
وثقت معدة التحقيق قصص 15 امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 و70 عاماً، هربن من قسوة الدعم السريع بحثاً عن ملاذ آمن، لكنهن وجدن أنفسهن في السجون، ومدانين بأحكام تصل إلى الإعدام. بعضهن تم تبرئتهن بعد أشهر من المعاناة خلف القضبان، بينما لا تزال أخريات ينتظرن مصيرهن.
أصدرت المحاكم في المناطق التي تخضع للجيش السوداني في مدن مثل (عطبرة، وكسلا، وبورتسودان، والدامر، والمناقل، وأمدرمان) أحكامًا بإعدام النساء شنقًا حتى الموت، وذلك بسبب اكتشاف (مقاطع فيديو، أو صور، أو وصفات طبية، أو تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي) أثناء تفتيشهن من قبل الجنود في نقاط التفتيش الموزعة على الطرق المؤدية إلى تلك المدن، أو اعتقالهن لأسباب متنوعة. وتأتي هذه الأحكام استنادًا إلى المواد 50-51-26 من القانون الجنائي السوداني لعام 1991، في حين يعبّر المحامون عن شكوكهم في صحة ونزاهة هذه المحاكمات.
تم اعتقال الدر (24 عامًا)، التي تعمل كفنية مختبرات طبية، في 13 مايو 2024، أثناء محاولتها النزوح مع عائلتها من منطقة عد بابكر في محلية شرق النيل في شمال شرق العاصمة الخرطوم، حيث كانت بعض أجزاء المنطقة تحت سيطرة “قوات الدعم السريع”، متجهين إلى مدينة عطبرة في ولاية نهر النيل، التي تخضع لسيطرة الجيش السوداني، هربًا من انتهاكات القوات غير النظامية.
عند وصول العائلة إلى مدينة الدامر، تم تفتيشهم هم وأمتعتهم. يقول شقيق الدُر: “أخرجوا جميع حقائبنا وفتشوها بدقة، حيث عثروا على وصفة دواء في حقيبة اليد التي كانت تحملها الدُر، و’طلقة’ قالوا إنهم وجدوها داخل حقيبة ملابس شقيقتها الصغيرة مريم. أخبرتهم الدُر أنها لا تعرف شيئًا عن الطلقة، وأنها كانت تعمل في مختبر طبي في منطقة شرق النيل، وأن وصفة الدواء كانت لشخص طلب منها تسليمها لآخر، وعندما لم تجده وضعتها في حقيبتها وانتهى الأمر بنسيانها. لكنهم اتهموها بالتعاون مع “قوات الدعم السريع”، وتم احتجازها في قسم الشرطة في مدينة عطبرة لمدة 26 يومًا قبل أن تُحول إلى سجن النساء وتصدر عليها حكم بالإعدام.
تقول فاطمة محمد، والدة الدر: “غادرت أنا وأولادي منزلنا في منطقة (العزبة طيبة الأحامدة) في مدينة الخرطوم بحري إلى منزل أقاربي في شرق النيل بعد مرور شهر على اندلاع الحرب، عندما بدأ أفراد الدعم السريع باقتحام المنازل. بقينا هناك لعدة أشهر، لكنهم كانوا يتهمون الشباب الذين يرفضون التعاون معهم بالتخابر لصالح الجيش، لذا قررت مغادرة همام وآخواته خوفًا من استهدافه”.
فيديو مقابلة والدة الدر، السيدة فاطمة محمد.
بيّنات الاتهام ضد الدُر حمدون تتكون من (وصفة طبية) و(طلقة) فقط، ولا تحتوي الوصفة الطبية على اسمها، كما أنها تفتقر إلى أي تاريخ. بالإضافة إلى ذلك، فهي مكتوبة تحت ترويسة تحمل عبارة (القائد العام للقوات المسلحة)، مما يدل على أنها تعود لفترة سابقة على الحرب.
في 11 أغسطس 2024، أصدرت المحكمة العامة حكمًا بالإعدام شنقًا ضد الشخص المدعو حمدون بتهمة مخالفة المادة (51) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991، وذلك بناءً على الأدلة المقدمة سابقًا. تم الطعن في هذا الحكم أمام “محكمة الاستئناف” التي تتكون من ثلاثة قضاة، وقد عبّر كل منهم عن رأيه.
جاء القرار الأخير من “محكمة الاستئناف” بإعادة ملف القضية إلى المحكمة العامة لتوجيه التهم المناسبة، حيث وُجهت إليها هذه المرة تهم بخرق المواد 50/51/26. وبعد عدة جلسات، أصدرت المحكمة العامة حكمًا بالإعدام شنقًا ضدها للمرة الثانية. والان، تنتظر الدُر حمدون مرة أخرى قرار محكمة الاستئناف الذي لم يصدر بعد.
تتناول المادة (50) من القانون الجنائي السوداني لعام 1991، المعدل في 2020، كما هو مذكور في النسخة المنشورة في الجريدة الرسمية لحكومة السودان، العدد 1904 بتاريخ 13 يوليو، قضية تقويض النظام الدستوري. حيث تنص على أنه “يُعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد، أو فترة سجن أقل، مع إمكانية مصادرة جميع أمواله، كل من يرتكب أي فعل بقصد تقويض النظام الدستوري للبلاد أو تعريض استقلالها أو وحدتها للخطر”.
تتناول المادة (51) قضية التحريض على الحرب ضد الدولة، وتحدد أن “من يقوم بإثارة الحرب ضد الدولة يُعتبر مرتكبًا جريمة، ويعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد أو السجن لفترة أقل، مع إمكانية مصادرة جميع ممتلكاته من:”
(أ) يحرض على الحرب ضد الدولة من خلال تجميع الأفراد أو تدريبهم أو جمع الأسلحة أو المعدات، أو يلقي باللوم أو يدعم الجاني بأي شكل من الأشكال، أو
(ب) يشغل منصبًا في الخدمة العسكرية أو المدنية لأي دولة تكون في حالة حرب مع السودان، أو يقوم بإجراء أي أعمال تجارية أو معاملات أخرى معها أو مع وكلائها، أو
(ج) يقوم داخل السودان، بدون الحصول على إذن من الدولة، بتجنيد الجنود وتحضيرهم لمهاجمة دولة أجنبية أو ينفذ أعمالاً عدائية ضد دولة أجنبية قد تؤدي إلى تعرض البلاد لخطر الحرب، أو
(د) يقوم بتخريب أو إتلاف أو تعطيل أي من الأسلحة أو المؤن أو المعدات أو السفن أو الطائرات أو وسائل النقل أو الاتصال أو المباني العامة أو أدوات المرافق العامة مثل الكهرباء أو الماء أو غيرها، بهدف الإضرار بالوضع الحربي للبلاد.
تتعلق المادة (26) بالمساعدة، وتنص على أنه: (أي شخص يساعد في ارتكاب فعل يعتبر جريمة بهدف تسهيل حدوثها، سيتم تطبيق أحكام المادة (25) المتعلقة بالتحريض عليه، وسيُعاقب بالعقوبة المحددة للتحريض وفقًا للظروف).
يُشير الخبير في القانون الدولي وحقوق الإنسان المعز حضرة إلى أن جميع أحكام الإعدام التي أُصدرت مؤخراً تعتبر أحكاماً غير حقيقية وغير مبنية على أسس منطقية. ويضيف أنه لو تم تطبيق مبدأ المحاكمة العادلة من قبل القاضي الذي أصدر هذه الأحكام، لكان يجب عليه إلغاء البلاغات.
وأضاف حضرة أن السلطة القضائية والنيابية في السودان أصبحت “أداة تنفيذ” لتوجيهات السلطة السياسية، مشيراً إلى أن مثل هذه المحاكمات تبعث رسائل سلبية تفيد بعدم وجود قضاء عادل ومحايد في السودان. كما قال: “لا يمكن محاكمة امرأة بالإعدام لمجرد وجود صور أو محادثات على هاتفها فقط.”
كما أُشير إلى منع بعض المتهمين من لقاء محاميهم، والقبض على محاميين كانا يحاولان الدفاع عن بعض هؤلاء المتهمين.
إن إجراءات السلطات السودانية، مثل تنفيذ أحكام الإعدام، والاعتقال والتفتيش بدون إذن من النيابة العامة، أو الاحتجاز لفترات طويلة دون توجيه تهم، أو تسجيل بلاغات بناءً على أدلة غير كافية، تتنافى مع عدد من القوانين والمواثيق الدولية التي قامت السودان بتوقيعها أو التصديق عليها. وتشمل هذه المواد 6.(1)، 6 .(2)، 9.(1)، 10.(1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بالإضافة إلى المواد (6)، و7 (1. د)، و7 (2)، و(26) من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (ميثاق بانجول).
العهد الدولي لحقوق الإنسان المدنية والسياسية
أكملت غفران عثمان، التي تبلغ من العمر 21 عامًا، شهرها السابع في سجن النساء بولاية كسلا شرقي السودان، بعيدة عن طفلتها ذات الثلاث سنوات، في انتظار قرار محكمة الاستئناف. جاء ذلك بعد أن أصدرت المحكمة العامة حكمًا بإعدامها شنقًا بسبب توددها لقائد من قوات الدعم السريع، حيث اتُهمت بالتعاون معه.
تم اعتقال غفران في مساء الثامن من يوليو/ تموز 2024، بعد مداهمة منزلها وأخذها إلى مقر القوات الخاصة في مدينة حلفا. وفي هناك، أظهر ضابط من هاتفه “لقطة شاشة” لتعليق يُزعم أنه يعود لها حيث تترحم على قائد الدعم السريع علي يعقوب، ثم بدأت عملية التحقيق معها لساعات طويلة وتم ترحيلها إلى ما يُعرف بـ “الخلية الأمنية” في مدينة كسلا.
بعد مرور 49 يومًا من الاحتجاز في الزنزانة، نُقلت إلى مقر المباحث المركزية في زنزانة انفرادية، ثم انتقلت لاحقًا إلى سجن النساء في مدينة كسلا، حيث بدأت جلسات المحاكمة للاستماع إلى الشهود، ومن بينهم مهندس يعمل في نيابة المعلوماتية في كسلا، الذي نفى أن تكون لقطة الشاشة التي تُظهر الترحم على قائد الدعم السريع قد أُخذت من هاتفها. في 11 نوفمبر 2024، أصدرت محكمة الجنايات في مدينة كسلا حكمًا بالإعدام شنقًا بحقها استنادًا إلى المواد 5051 من القانون الجنائي السوداني.
بررت المحكمة حكمها بالإعدام لأسباب تتعلق بتأييد غفران لقوات الدعم السريع، استناداً إلى لقطة شاشة معينة وبعض التعليقات على منصات التواصل الاجتماعي. وفقًا لمحاميها، الذي أضاف: “هذه المبررات لا تصلح كدليل للإدانة بالإعدام، وقد ارتكب القاضي خطأً قانونيًا جسيمًا، ونحن ننتظر قرار محكمة الاستئناف الذي لم يصدر حتى الآن”.
بتاريخ 28 يناير 2025، تم نقل غفران عثمان من سجن كسلا، حيث كانت محتجزة لمدة تقارب الأربعة أشهر، إلى سجن بورتسودان، الذي يُعتبر العاصمة الإدارية المؤقتة.
توضح رحاب المبارك، عضوة المكتب التنفيذي لمحامي الطوارئ، أنه تم إصدار 16 حكمًا بالإعدام ضد نساء في ولايات البحر الأحمر والشمالية وكسلا والقضارف والنيل الأبيض ونهر النيل والمناقل بالجزيرة، بالإضافة إلى كرري شمال أم درمان في ولاية الخرطوم. كما تشير إلى أن العديد من النساء في مدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق يواجهون أحكامًا مشابهة، بينما لا تزال هناك أخريات محتجزات في انتظار محاكمتهن.
وأفادت المبارك بأن الخلية الأمنية في مدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق قامت باعتقال خمس نساء في الثاني من يناير 2025، وتعرضن للتهديد بالسجن لمدة عشر سنوات إذا لم يعترفوا بتعاونهن مع “قوات الدعم السريع”. كما كشفت عن اكتظاظ السجون والمعتقلات في مدينة الدمازين بالنساء، ورفض السلطات الأمنية السماح لمنظمة الصليب الأحمر بزيارة المعتقلات.
تعتقد المحامية إقبال محمد علي أن الزيادة في عدد النساء المفقودات مؤخراً تعود إلى الاعتقالات غير القانونية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في السودان. وتقول: “بعض النساء اللاتي اختفين قسرياً يتم القبض عليهن واحتجازهن ومحاكمتهن بالإعدام بناءً على مواد تستند إلى أدلة غير كافية لا تصلح لتكون سبباً للإدانة”.
في صباح يوم الثاني من سبتمبر 2023، قامت طائرة حربية بإلقاء براميل مدفعية على ميدان يلعب فيه أطفال في منطقة (الكلاكلة ود العَقلي) شرق العاصمة الخرطوم، مما أدى إلى مقتل عدد من الأطفال، من بينهم طفل عمره 14 عاماً، وهو ابن السيدة عائشة محمد (اسم مستعار)، البالغة من العمر 32 عاماً، مع صديقه. تتذكر (عائشة) ذلك اليوم وتقول: “خرجتُ فوجدت أجزاء من الجثث متناثرة على الأرض، لم يكن هناك جثة كاملة، جميعهم تمزقوا، هنا كف يد، وهناك قطعة من فروة رأس، وعلى بعد مسافة قصيرة كان هناك شيء من القدم، حتى الأشجار المحيطة بالميدان قد احترقت وتفحمت”.
تم نقل أجزاء من الجثث إلى المستشفى التركي القريب من المنطقة، وهناك أجبر أفراد من “الدعم السريع” عائشة على تصوير فيديو انتقدت فيه القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان. لم يكن لديها خيار آخر، حيث كانت ترغب في استلام جثة ابنها وتخشى على زوجها الذي يعمل في الشرطة القضائية، لذا قامت بتصوير الفيديو.
لم تتمكن عائشة من البقاء في تلك المنطقة بعد مقتل ابنها، فانتقلت إلى منطقة القوز، إحدى قرى ولاية الجزيرة، ومن ثم إلى ولاية كسلا ثم إلى مصر. كانت تأمل في الابتعاد عن المكان لكي تنسى حادثة وفاة ابنها، لكنها لم تستطع ذلك وعادت مرة أخرى إلى كسلا. وبعد أسبوع، أبلغت جارتها عنها طمعًا في مبلغ 400 ألف جنيه سوداني وقطعة الأرض التي خصصها والي الولاية كمكافأة لكل من يبلغ عن أي شخص يُعتقد أنه متعاون مع “قوات الدعم السريع”.
تم اعتقال عائشة في مركز “الخلية الأمنية” بمدينة كسلا، داخل مكان يشبه الصفوف الدراسية. وضعت في فصل بدون كهرباء أو مياه للشرب أو حتى أسِرّة للنوم. تقول: “كنت أمد ثوبي على الأرض وأنام، وتعرضت لمعاملة قاسية، حيث سمعت شتائم لا أستطيع نطقها. قالوا لي إنني ‘متعاونة’. حاولت أن أوضح لهم أنني أم فقدت ابنها، لكنهم كانوا يقولون لي إنني كاذبة، وكان يأتي أحدهم ليضربني وآخر ليشتموني. أعاني الآن من ألم في قدمي اليمنى بسبب الضرب بعصا من قبل أحد الجنود، وقد عُذبت لدرجة تمنيت فيها الموت.”
بعد ذلك، تم إحالتها إلى المحكمة، حيث استمرت محاكمتها لثماني جلسات. تقول عائشة إن القاضي اتهمها بالكذب وادعاء وفاة ابنها بينما هو لا يزال على قيد الحياة. وتساءلت بدهشة: “هل هناك أم تتمنى موت ابنها بهذه الطريقة؟!”، وأضافت: “قدمت للمحكمة صورة من شهادة ميلاده ورقمه الوطني، وصورة شخصية له، وصورة أخرى لجثمانه الممزق داخل كيس، لكنه أصر على موقفه.”
لم تتمكن والدة الدُر حمدون من كبح دموعها وهي تسرد معاناة ابنتها في سجن النساء بمدينة عطبرة، حيث احتُجزت هناك لمدة تقارب الستة أشهر قبل أن تُرحّل إلى سجن بورتسودان في بداية يناير 2025.
تقول السيدة فاطمة محمد: “ابنتي تنام على الأرض لأنه لا يوجد أسرّة أو حتى بطانيات في السجن، مما تسبب في احمرار واضح في جلدها خلال زيارتي الأخيرة لها. لكن كل ذلك لا يُعتبر أكثر صعوبة من وجود الثعابين داخل السجن. تمسح السيدة دموعها وتتابع: “قالت لي ابنتي، توجد ثعابين في السجن يا أمي، تخرج أثناء نومنا على الأرض فنستيقظ مرعوبين”.
تعاني (الدر) منذ صغرها من نقص في الكالسيوم ومشاكل صحية في أسنانها ولثتها، مما يجعلها بحاجة إلى تناول عدد من الفيتامينات شهرياً، لكنها غير متاحة في السجن. وتقول والدتها: “لم نتمكن من توفيرها لها منذ عدة أشهر”.
الأوضاع في سجن النساء بمدينة كسلا، حيث أمضت غفران عثمان أربعة أشهر، لا تختلف كثيرًا عن سجن عطبرة. ووفقًا للمحامية رحاب المبارك، فإن حالة غفران الصحية سيئة للغاية نتيجة مدة احتجازها الممتدة التي بلغت 7 أشهر منذ اعتقالها. وأشارت المبارك إلى أن الفتاة، بجانب تدهور صحتها وإصابتها بالتهاب حاد يتطلب إعطاء المحاليل عبر الوريد، تعاني أيضًا من مضاعفات حمى الضنك التي تعرضت لها أثناء النزوح المتكرر، بالإضافة إلى تدهور حالتها النفسية بسبب ابتعادها عن طفلتها.
وفقًا لمستند حصلت عليه معدّة التحقيق، فإن النيابة العامة المختصة قامت برفع قضية ضد غفران عثمان ووجهت إليها تهمًا بموجب المواد 5051، بعد أن أفاد المبلغ المعتمد من القوات المسلحة السودانية بأنها تدعم قوات الدعم السريع المتمردة.
أكد محامو الدفاع عن المحكومات بالإعدام – الذين تحدثت معهم معدّة التحقيق – أن الأشخاص الذين قاموا بالإبلاغ عنهن هم موفدون من القوات المسلحة السودانية لرفع بلاغات ضدهن بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.
قدّمت معدّة التحقيق ما لديها من شهادات وحقائق بشأن قضية الأحكام بالإعدام التي صدرت ضد نساء سودانيات دون أي أسس أو أدلة قوية، إلى القوات المسلحة، لكنها لم تتلقَّ أي رد حتى لحظة نشر التحقيق.
* تم إنتاج هذا التحقيق بموجب شراكة نشر مع منصة “نساء ربحن الحرب”.