حذرت المنظمات التطوعية من المخاطر الجسيمة التي قد تنجم عن عودة انتشار مرض الكوليرا في السودان، حيث تم تسجيل حوالي 60 حالة وفاة من بين أكثر من 1200 حالة تم استقبالها في مستشفى مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض خلال اليومين الماضيين. هذه الأرقام تعكس الوضع الصحي المتدهور الذي يواجهه السودان، مما يثير مخاوف كبيرة بشأن قدرة النظام الصحي على التعامل مع هذه الأزمة.
وقد نشرت المنظمات مقاطع فيديو توثق معاناة العشرات من المرضى الذين يجلسون على الأرض في المستشفى الرئيسي بكوستي، مما يعكس الظروف المأساوية التي يعيشها هؤلاء المصابون. التدهور الحاد في الخدمات الصحية في السودان، والذي تفاقم منذ اندلاع النزاع المسلح في منتصف أبريل 2023، يساهم في تفشي الأمراض ويزيد من معاناة المواطنين.
في ظل القلق المتزايد من إمكانية انتشار الوباء إلى المدن المجاورة، أكد المتحدث باسم نقابة أطباء السودان لموقع “سكاي نيوز عربية” أنهم يبذلون جهودًا كبيرة للحصول على إحصائيات دقيقة حول عدد الإصابات الفعلي. وقد أشار إلى تلقيهم معلومات عن 47 حالة مؤكدة و110 حالات اشتباه في مدينة ربك القريبة من كوستي، مما يعكس الحاجة الملحة لتوفير الدعم الطبي والموارد اللازمة لمواجهة هذا التحدي الصحي.
أشار محمد نور، الذي يقود مجموعة شبابية تعمل على مساعدة المرضى في الحصول على العلاج المطلوب، إلى أن الفرق التطوعية تواجه تحديات ومخاطر جسيمة نتيجة الانتشار السريع للمرض.
أشار في حديثه إلى “سكاي نيوز عربية” أنه “لم يتبقَ أي مكان في المستشفى، حيث امتلأت غرف العزل والتنويم بأعداد تفوق قدرتها الاستيعابية. الناس ينامون على الأرض والوضع حرج”.
أشار نور إلى وجود نقص كبير في المستلزمات الطبية والمعقمات ووسائل الوقاية، مما يعرض العاملين في القطاع الصحي والفرق التطوعية لمخاطر الإصابة بالعدوى.
أكد سكان المدينة التي تستضيف آلاف النازحين من مناطق النزاع في العاصمة ووسط وغرب البلاد، أن السبب الرئيسي وراء انتشار الكوليرا بهذه السرعة هو النقص الحاد في مياه الشرب نتيجة توقف العديد من مضخات ومحطات معالجة المياه.
يعاني القطاع الصحي في السودان من تدهور كبير بعد أن أصبحت أكثر من 80 منشأة طبية خارج الخدمة نتيجة النزاع.
في يوم الخميس، أطلقت منظمة الصحة العالمية نداءً عاجلاً لجمع 262 مليون دولار من أجل إنقاذ حياة الملايين من السودانيين الذين يواجهون تفشيًا واسعًا للأمراض المعدية ونقصًا حادًا في الخدمات الطبية، مما أدى إلى تخفيض نسبة الأشخاص القادرين على الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية إلى 17 في المئة فقط من إجمالي السكان الذين يصل عددهم إلى حوالي 48 مليون نسمة.
قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدحانوم غيبريسوس، في حسابه على منصة “اكس”، إن “الصراع المستمر في السودان لمدة تقارب العامين قد أسفر عن أزمة إنسانية وصحية غير مسبوقة”.
وأشار إلى أن “الاحتياجات الصحية كبيرة، ونحث المانحين على استثمار مواردهم في الإنسانية من خلال دعم الطلب على المساعدة الصحية لآلاف السكان.”