السودان الان السودان عاجل

اللاجئون السودانيون: آراء متباينة حول الميثاق التأسيسي والحكومة الموازية

مصدر الخبر / راديو دبنقا

مع تفاقم الأزمة في السودان، تتباين وجهات نظر اللاجئين السودانيين حول العملية السياسية الجديدة. حيث يرفض بعضهم ميثاق نيروبي بشكل قاطع، بينما يرى آخرون أن أي حل سياسي يساهم في إنهاء النزاع ويخفف من معاناة الشعب يستحق النظر فيه. في المقابل، هناك مجموعة ثالثة تتبنى مواقف متحفظة، تتابع التطورات السياسية دون أن تعلن عن موقفها بشكل واضح سواء بالقبول أو الرفض.

تم توقيع 24 كيانًا عسكريًا وسياسيًا ومدنيًا على الميثاق التأسيسي في نيروبي مساء السبت، مما يمهد الطريق لإنشاء حكومة موازية. من بين الكيانات الموقعة، تبرز قوات الدعم السريع، والحركة الشعبية برئاسة الحلو، وحزب الأمة القومي، والجبهة الثورية بقيادة الدكتور الهادي إدريس، بالإضافة إلى قوى أخرى تسعى لتحقيق أهدافها السياسية.

في مخيمات كونقو وقاقا للاجئين السودانيين شرق تشاد، عبر عدد من اللاجئين عن رفضهم التام لاتفاق نيروبي، مؤكدين أن هذا الاتفاق لا يعكس تطلعاتهم وآمالهم في تحقيق السلام والاستقرار في وطنهم.

وقال أحد المتحدثين من المخيم:

نعتقد أن هذه الخطوة غير مناسبة، لأن الموقعين ليس لديهم تفويض لتحديد مصير الشعب السوداني، بينما نحن نعيش في حالة تشرد بسبب هذه الحرب.

وأوضح أن الاتفاق تم في وقت تواصل فيه قوات الدعم السريع ارتكاب انتهاكات ضد المدنيين، متسائلاً: “كيف يمكن الحديث عن السلام في حين أن الدماء لا تزال تسفك يوميًا؟”

تحدث لاجئ آخر عن استمرار عمليات الاعتقال التعسفية التي تقوم بها قوات الدعم السريع، مشيرًا إلى واقعة اعتقال فريق رياضي في نيالا بتهمة دعم الجيش.

وصف متحدث ثالث الحكومة التي من المقرر تشكيلها بموجب الاتفاق بأنها “حكومة جنجويد، وهي لا تمثلنا.” وتابع:

“أي حكومة تُشكل في المناطق التي تحت سيطرة الدعم السريع أو بمشاركته مرفوضة بشكل قاطع.”

كما أدان الفظائع التي زعم أن الدعم السريع ارتكبها ضد المدنيين، معبرًا عن دهشته من انضمام شخصيات بارزة مثل عبد العزيز الحلو وفضل الله برمة ناصر إلى الاتفاق.

وانهى حديثه بقوله: “الحكومة التي يسعون لتشكيلها لا تهمنا ولا تمثلنا، ونرفضها بشكل قاطع.”

مخيم أفتيت – إثيوبيا: الحل السياسي يعتبر أقل تكلفة من النزاع المسلح.

في مخيم أفتيت للاجئين السودانيين في إثيوبيا، عبّر بعض اللاجئين عن دعمهم لأي مبادرة سياسية تهدف إلى إنهاء الحرب وتخفيف معاناة الناس.

قال اللاجئ إبراهيم: “التكاليف السياسية أقل من تكاليف الحرب، ونحن كمواطنين تعرضنا لأضرار كبيرة وأصبحنا لاجئين ونازحين، لذا فإننا نرحب بأي حل يوقف الحرب.”

استبعد إبراهيم إمكانية أن تؤدي التحالفات السياسية الجديدة إلى تقسيم السودان، مشددًا على أهمية انضمام المؤسسة العسكرية للعملية السياسية والمشاركة فيها بفاعلية. كما أكد على ضرورة التمييز بين الجيش كمؤسسة وطنية والقادة العسكريين الذين يسيئون استخدامه لأغراض سياسية.

قال متحدث آخر من المخيم: “نحن كمواطنين، على الرغم من كل ما حدث، نستطيع التسامح ونسيان الماضي من أجل تحقيق السلام. لا توجد خلافات بيننا كمجتمع، لكن السياسيين هم من أدخلوا الفجوات بين أبناء الوطن.”

وبخصوص محاسبة المتورطين في الحرب، ذكر لاجئ آخر: “على مر تاريخ الحروب والصراعات، لم يحصل المواطن على أي تعويض حقيقي، لذلك من الأفضل التركيز على تحقيق السلام في البداية.”

دعا الجيش إلى ضرورة مراعاة مصالح الشعب، وطالب النخب السياسية بالعمل نحو تحقيق وفاق حقيقي ينهي الصراع، مما يتيح للجيش التركيز على مهمته الأساسية في حماية البلاد.

حذّر نور الدين زكريا، أحد اللاجئين السودانيين في ليبيا، من أن إنشاء حكومة موازية سيؤدي إلى تفاقم التعقيد في الساحة السياسية، مشيرًا إلى أن:

“ستؤدي هذه الخطوة إلى زيادة الاستقطاب، مما سيساهم في prolonging النزاع.”

وقد أشار إلى وجود انقسامات بين القوى السياسية، حيث يعتقد البعض أن قوات الدعم السريع يمكن استخدامها كاستراتيجية مؤقتة لإضعاف الجيش، بينما يرى آخرون أن ذلك يعتبر رهانًا غير صحيح قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة.

أعرب أيضًا عن دعمه لمطالب بعض القوى السياسية التي تطالب بإبعاد كافة المكونات العسكرية عن الحكم، لكنه اعترف بأن هذا الاقتراح يواجه صعوبات كبيرة، أهمها أن القوة العسكرية تفرض واقعًا سياسيًا يصعب تخطيه.

أما اللاجئة السودانية اعتماد أحمد، فقد اعتبرت تشكيل حكومة موازية بمثابة “تفتت للبلاد ومهزلة لن نقبل بها.”

وأضافت: “كيف يمكن للسياسيين أن يدعموا القوات السريعة لتكوين حكومة، في حين أن هذه القوات ترتكب الفظائع في الفاشر ومعسكرات النازحين ومدن مختلفة في السودان؟”.

في مخيم جون توك في جنوب السودان، كانت الأجواء أكثر انفتاحًا، حيث عبّر بعض اللاجئين عن دعمهم لاتفاق نيروبي، لكنهم أكدوا على أهمية أن يكون التنفيذ جادًا من أجل تحقيق السلام.

قال اللاجئ جمعة: “نضالنا بالكامل من أجل حقوقنا، ونأمل أن تكون هذه الخطوة حقيقية لتحقيق طموحاتنا وحل قضايا الشعب، وألا نعود مجددًا للندم على ما حدث.”

أما لاجئة أخرى فقد عبرت عن موقف أكثر حيادية، حيث قالت: “ليس لدي رأي في هذا الموضوع، نحن نحلم بأن نعيش ما تبقى من حياتنا في أمان وسلام وحرية.”

وأوضحت سيدة أخرى: “إذا اتفق الناس على رأي واحد، فنحن نتفق معهم، ليس لدينا أي مشكلة.”

عبّر لاجئ آخر عن دعمه للاتفاق، ولكن بشرط أن يسفر عن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار بشكل فعلي.

أفاد اللاجئ إبراهيم نصر الدين من رواندا أن توقيع الميثاق السياسي في نيروبي يعتبر خطوة هامة نحو تعزيز السلام. وأشار إلى أن تفرق القوى السياسية غير مجدي. كما دعا الحكومة في بورتسودان إلى أخذ الوضع على محمل الجد وعدم تجاهله. وأكد دعمه للجهة التي تسعى لتحقيق السلام، وأيضاً للجهود الأكثر إصراراً على إنهاء الحرب، مضيفاً أنه لا يمكنه العودة إلى وطنه إلا في ظل حكومة مدنية.

تعكس هذه الآراء المتفاوتة مدى التعقيد الذي يكتنف الأزمة في السودان، إذ ينقسم اللاجئون بين رفض قاطع لأي اتفاق لا يعبر عن إرادة الشعب، ودعم مشروط للحلول السياسية، ومواقف مرنة تراقب تطورات الأوضاع.

يظل الحل النهائي للأزمة مرتبطًا بحوار سياسي شامل ينهي النزاع ويؤدي بالسودان نحو الاستقرار والسلام المستدام.

عن مصدر الخبر

راديو دبنقا