في مقابلة مع راديو دبنقا، تناول المحامي والخبير القانوني المعز حضرة التعديلات الدستورية التي أجرتها الحكومة السودانية مؤخرًا في بورتسودان، والتي تشمل مجلسي السيادة والوزراء. وأوضح حضرة أن الوثيقة الدستورية لم تعد قائمة منذ 25 أكتوبر 2022، حينما قام الفريق عبد الفتاح البرهان بالانقلاب على الشرعية، حسب قوله. وأشار إلى أنه قد تم تعديل الوثيقة بالفعل بعد ذلك التاريخ، حيث جرى حذف جميع المواد المتعلقة بـ “قوى الحرية والتغيير”، التي كانت جزءًا أساسيًا من حكومة الفترة الانتقالية، مما يجعلها “كأنها غير موجودة”، ولا يحق لأي جهة تعديلها.
قامت وزارة العدل بنشر الوثيقة الدستورية المعدلة في الجريدة الرسمية وأصبحت سارية اعتبارًا من يوم الأحد، حيث ألغت الوثيقة أي إشارات لتحالف قوى الحرية والتغيير وقوات الدعم السريع.
تم حظر أي تعديل يسمح لحاملي الجوازات الأجنبية بتولي أي منصب حكومي، كما تم وضع رسم وتنفيذ السياسة الخارجية تحت إشراف مجلس السيادة. وبالإضافة إلى ذلك، تم إلغاء لجنة التحقيق الخاصة بجريمة فض اعتصام القيادة العامة.
انتقد حضرة التعديلات الأخيرة، مشيرًا إلى أنها تعزز بشكل كامل حكمًا دكتاتوريًا، حيث توفر للقادة العسكريين حصانة قانونية من أي مساءلة عن الجرائم التي ارتكبت منذ فض اعتصام القيادة العامة وحتى الحرب الحالية. كما تمنح العسكر اغلبية مطلقة، حيث تجمع لهم جميع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، مما يسفر عن نظام جديد ديكتاتوري بامتياز. واعتبر أن هذا الوضع يشبه “الفرعونية”، مستشهدًا بالعبارة: “لا أريكم إلا ما أرى”.
أبدى حضرة استغرابه من إلغاء فقرة في الوثيقة الدستورية تتعلق بتشكيل لجنة للتحقيق في قضية فض الاعتصام المعروفة، معتبراً ذلك “بادرة خطيرة تؤسس للإفلات من العقاب”، مما يعزز القناعة بأن الجيش يسيطر على مفاصل السلطة. وأضاف أن حتى حرب 15 أبريل الحالية يجب أن تخضع للتحقيق، غير أن القضاء في السودان لم يعد مؤهلاً ولا يملك الإرادة اللازمة لذلك. وطالب المحكمة الجنائية الدولية بالتدخل، مشيراً إلى أن جميع الوقائع تشير إلى أن المحاكم في السودان، في ظل هذه التعديلات، لن تتمكن من أداء دورها المهني. واقترح حضرة أن توسيع نطاق المحكمة الجنائية ليشمل جميع أنحاء السودان بدلاً من التركيز على دارفور، مؤكداً أن هذه التعديلات أسقطت حقاً دستورياً كان الهدف منه منع الإفلات من العقاب، وأنه لا يحق لأي جهة إلغاؤه.
وفيما يتعلق بالفترة الانتقالية التي نصت عليها التعديلات، أكد حضرة أنها تمنح العسكريين فترة حكم جديدة تمتد لـ 39 شهرًا، بالرغم من أنهم يتولون الحكم منذ عام 2019، متسائلاً: “كيف منحوا أنفسهم هذا الحق، بينما كانوا قد رفضوا سابقًا اقتراح تمديد الفترة الانتقالية لخمس سنوات من أجل تفكيك نظام 30 يونيو؟”. وأوضح الخبير القانوني معز حضرة أن تعديلات الوثيقة تعزز من الحكم الدائم للعسكريين، حيث ألغت جميع المواد التي تمنع ترشح الأعضاء بعد انتهاء الفترة الانتقالية، مما يدل على رغبتهم في الاستمرار بالسلطة بعد هذه الفترة.
فيما يتعلق بالسلطة التشريعية، بيّن حضرة أن التعديلات سمحت بمشاركة عناصر نظام الإنقاذ، حيث نصّت على أن البرلمان القادم سيتكوّن من حركات سلام جوبا والقوى الوطنية الأخرى دون تحديد واضح، بينما تم استبعاد جميع قوى ثورة ديسمبر. وأضاف أن هذا المجلس سيكون شكليًا دون أي قيمة حقيقية، خاصة بعد منحه صلاحيات رقابية مؤقتة لمجلسي السيادة والوزراء، حيث يهيمن العسكر على المجلسين بالكامل.
كما انتقد حضرة بندًا في التعديلات يتيح لرئيس مجلس السيادة إصدار تشريعات بدون تحديد مدة زمنية لسريانها قبل عرضها على الهيئة التشريعية، معتبرًا أن ذلك يعزز الاستبداد.
انتقد حضرة مسألة تحديد مصادر التشريع وفرض اللغة العربية، متجاهلاً اللغات والثقافات المحلية، وأعتبر ذلك تعزيزاً لفكر من وصفهم بالإسلامويين.
أوضح حضرة بشأن تشكيل مجلس السيادة أن التعديلات أعطت العسكريين الأغلبية، مما يعني أنهم يمتلكون القدرة على اتخاذ قراراتهم بشكل منفرد. كما تضمنت التعديلات أن القائد العام للجيش سيكون رئيسًا للمجلس حتى انتهاء الفترة الانتقالية، دون الإشارة إلى ضرورة أن يكون القائد الأعلى للجيش مدنيًا، مما يضع كافة السلطات والصلاحيات في يد شخص واحد.
فيما يتعلق بصلاحيات تعيين رئيس الوزراء، أوضح حضرة أن التعديلات جعلت مجلسي السيادة والوزراء مسؤولين عن هذا التعيين، على الرغم من أن كلا المجلسين يسيطر عليهما العسكريون، مما يعني فعليًا أن العسكر هم من يقومون بتعيين وإعفاء رئيس الوزراء. كما تم إلغاء فقرة اعتماد تعيين رئيس الوزراء من قبل المجلس التشريعي واستبدلت بقرار تعيين مباشر.
شملت التعديلات أيضًا منح مجلس السيادة حق تعيين وإعفاء رئيس مجلس القضاء ونوابه، بالإضافة إلى قضاة المحكمة الدستورية، مما يعكس السيطرة التامة للعسكريين على السلطة القضائية.
وختم المعز حديثه مشددًا على أن التعديلات الدستورية الأخيرة حولت مجلس السيادة إلى كيان عسكري بالكامل، مما يجعل من المستحيل توقع أي مستوى من الشفافية أو الديمقراطية تحت هذا التعديل. وأشار إلى أن هذه التعديلات تكرّس حكمًا دكتاتوريًا مطلقًا، لا يمكن لأية سلطة معارضته أو عرقلة قراراته.
قال الخبير القانوني معز حضرة إن التعديلات الدستورية التي تمت الموافقة عليها يوم الأربعاء غير قانونية وباطلة، ولا تتمتع بالشرعية.
أفاد في مقابلة مع راديو دبنقا أن الوثيقة قد انتهت ولم تعد قائمة منذ انقلاب 25 أكتوبر. وقد أشار إلى أن الأطراف المعنية في الوثيقة الدستورية، والتي تضم الحرية والتغيير والمكون العسكري، لم تعد موجودة، بالإضافة إلى عدم وجود المجلس التشريعي. كما وصف التعديلات بأنها بلا جدوى لأن الأساس لم يعد موجودًا، واعتبر ما حدث غير دستوري.