في إطار جهود مصر لتعزيز تعاونها مع الدول الأفريقية، أكدت مصر والكونغو على أهمية “الحفاظ على استقرار السودان والصومال، ودعم مؤسسات الدولة الوطنية فيهما”، كما اتفقت القاهرة وبرازافيل على ضرورة “وقف إطلاق النار في قطاع غزة”.
صدر بيان مشترك بين مصر والكونغو مساء الخميس، يعبر عن توافق البلدين، وذلك عقب زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكونغو يوم الأربعاء، حيث التقى الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نجيسو. وأكد البيان على أهمية “تعزيز التعاون الثنائي في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية”، وفقاً لوزارة الخارجية المصرية.
قدم عبد العاطي رسالة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى نظيره الكونغولي، تناولت “التطورات الإيجابية التي تشهدها علاقات البلدين”، بالإضافة إلى التأكيد على “ضرورة اتخاذ المزيد من الخطوات لتعزيز مجالات التعاون الثنائي”.
تتفق وجهات نظر مصر والكونغو في العديد من القضايا المتعلقة بالأوضاع الإقليمية، وخاصة الأحداث الجارية في مناطق “البحيرات العظمى والساحل والقرن الأفريقي”، كما جاء في البيان المشترك الصادر عن البلدين، الذي أكد على ضرورة “وقف إطلاق النار في غزة، والحفاظ على وحدة وسلامة واستقرار السودان والصومال”.
تؤكد مصر على أهمية “الحفاظ على وحدة واستقرار وسيادة أراضي السودان”، وأعلنت مؤخراً رفضها لمحاولات “تشكيل حكومة موازية في السودان”. وفي يناير الماضي، وقعت مصر والصومال على إعلان سياسي مشترك يهدف إلى رفع مستوى العلاقات بين القاهرة ومقديشو إلى “شراكة استراتيجية شاملة”.
وأعربت مصر عن تقديرها لدور الرئيس الكونغولي في “رئاسة اللجنة الرفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي المعنية بليبيا”.
يرأس الرئيس الكونغولي اللجنة الرفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي بشأن ليبيا، والتي تضم 10 دول. وقد استضافت العاصمة برازافيل اجتماع قمة للجنة في فبراير 2024، بمشاركة رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، بهدف تعزيز جهود “المصالحة الليبية”.
على المستوى الثنائي، اتفقت القاهرة وبرازافيل على ضرورة تعزيز التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والتنموية. كما أكدت وزارة الخارجية المصرية على رغبة الشركات المصرية في زيادة استثماراتها في السوق الكونغولية، وخاصة في مجالات البنية التحتية والطاقة والموارد المائية والزراعة والدواء.
خلال زيارته لبرازافيل، التقى وزير الخارجية المصري بعدد من الوزراء الكونغوليين، من بينهم وزراء العدل والشؤون الاقتصادية والتعليم العالي والنقل والطيران المدني. وأكد على “حرص بلاده على تعزيز التعاون في كافة القطاعات الفنية”، مشيراً إلى “دور الخبرات المصرية في تطوير القدرات، من خلال أنشطة أجهزة وزارة الخارجية مثل الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية ومركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ السلام والمعهد الدبلوماسي المصري”.
تسعى مصر إلى جمع دعم أفريقي لتحقيق الاستقرار في السودان والصومال، ورفض أي تدخلات خارجية في شؤونهما، حسبما ذكر عضو “المجلس المصري للشؤون الخارجية”، السفير صلاح حليمة. وأوضح أن “محادثات وزير الخارجية المصري في برازافيل عكست توافق البلدين من أجل استقرار ثلاث مناطق في أفريقيا، بدءاً من منطقة البحيرات العظمى والساحل والقرن الأفريقي”. كما أشار إلى أن “القاهرة تسعى أيضاً إلى التأكيد على موقفها الرافض لوجود أي دولة غير مطلة على البحر الأحمر على ساحله”.
تعتبر حليمة أن “التعاون بين مصر والكونغو له أهمية كبيرة في تعزيز الأمن الأفريقي”، مشيرة في حديثها مع “الشرق الأوسط” إلى أن “القاهرة تسعى لتعزيز علاقاتها الأفريقية لتصل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية”، مضيفة أن من فوائد التقارب بين مصر والكونغو هو “إعلان برازافيل دعمها للمرشح المصري لرئاسة منظمة اليونيسكو”.
في سياق التنسيق بين برازافيل والقاهرة على الساحة الدولية، أعلنت جمهورية الكونغو عن “موافقتها على التوافق الأفريقي، ودعم المرشح المصري خالد العناني لمنصب المدير العام لمنظمة اليونيسكو في الفترة من 2025 إلى 2029″، وهو ما أشادت به وزارة الخارجية المصرية.
يتحدث الخبير المصري في الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، عن دور الكونغو في الأزمة الليبية، حيث أكد لـ”الشرق الأوسط” أن “برازافيل تلعب دوراً مهماً في تطورات الوضع الليبي، نظراً لرئاستها للجنة الاتحاد الأفريقي المعنية بليبيا، ويجب التنسيق مع القاهرة في هذا الشأن”.
يعتقد زهدي أن “القاهرة تهدف إلى إحياء مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية”، واستند في ذلك إلى “اهتمام وزير الخارجية المصري بتعزيز جهود التعاون الاقتصادي خلال محادثاته ولقاءاته الخارجية، بما في ذلك مع الكونغو”، مشيراً إلى أن “مصر تسعى لتوسيع تعاونها الاقتصادي والتجاري مع الدول الأفريقية المختلفة”.