قال الناطق الرسمي السابق لوزارة الكهرباء والموارد المائية إبراهيم شقلاوي لـ”العربي الجديد”: إن قرار زيادة تعرفة الكهرباء للقطاعات كافة بما فيها الزراعية والصناعية والتجارية ظلت ضمن خطة قطاع الكهرباء منذ عام 2019، حيث ظلت ترحل من عام لآخر. وأشار شقلاوي لعدم اتجاه القطاع لاتخاذ حلول جذرية طوال هذه الفترة لسد الاحتياج السنوي المتجدد سنوياً والمقدر بنسبة 20%، حيث كان بالإمكان مسارعة العمل في دخول كهرباء بورتسودان كلانييب بسعة 374 ميغاوات، بالإضافة لمحطة قري 3 لإضافة 510 ميغاوات.
وكشفت تسريبات داخلية عن اتجاه لزيادة تعرفة الكهرباء للقطاع السكني 4000 جنيه لأول كيلووات، وترتفع تدريجياً حتى تصل إلى 7500 جنيه لكل 100 كيلووات فوق الـ1500 كيلو. وفي القطاع الزراعي بلغت التعرفة 2000 جنيه للشريحة من 100 كيلو حتى 500 كيلو، وترتفع إلى 3500 جنيه للاستهلاك فوق الـ20 ألف كيلو، فيما خصصت زيادة موحدة للقطاع الصناعي بواقع 5000 جنيه لكل 100 كيلو، وتصل زيادة المستشفيات الخاصة إلى 9 آلاف جنيه لكل 100 كيلو، والمدارس 4500 جنيه لكل 100 كيلو.
وقال إن المشروع كان بإشراف شركة سمينس، وأنجز 70% من الأعمال، قبل الإطاحة بحكومة الإنقاذ. ولفت لمعاناة القطاع كل هذه الفترة من عدم الاستقرار الإداري، ما عطل كذلك أعمال الصيانة السنوية التي فقدت كثير من العاملين فيها، جراء التشريد والخلافات الداخلية بجانب اندلاع الحرب التي كانت بمثابة الضربة القاضية للبنى التحتية له.
وأشار إلى “تعرّض البنى التحتية للكهرباء لانهيار شبه كامل في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، حيث جرت سرقة الكوابل والمشغلات، بالإضافة لتأثر الخطوط والمحولات بالعمليات العسكرية، هذا فضلاً عن الاستهداف الممنهج من قبل قوات الدعم السريع لمحطات التوليد في سدي مروي وسيتيت وأم دباكر، فضلاً عن استهداف عدد من المحطات التحويلية”.
وأكد شقلاوي “ارتباط هذه الزيادة أيضاً بتأثر البنية التحتية للطاقة بالحرب، حيث تراجع الإنتاج الكهربائي نتيجة تعطل بعض المحطات، وانخفاض منسوب المياه في الخزانات، وتأخر أعمال الصيانة، إلى جانب توقف الربط الكهربائي مع إثيوبيا. وكذا عدم تنشيط الربط مع مصر، رغم قطع شوط كبير في الأعمال، كما أن شح النقد الأجنبي وارتفاع تكلفة مدخلات التشغيل والصيانة شكّلا ضغطاً إضافياً على قطاع الكهرباء”.
وأوضح شقلاوي أن “هذا الواقع المعقد جعل إدارة الكهرباء أمام خيارات صعبة، اضطرتها للجوء لقرار زيادة تعرفة الكهرباء لجميع القطاعات لتغطية جزء من العجز المالي لمقابلة تعويض الفاقد ورفع كفاءة الطاقة في البلاد”. وقال: إن “قرار الزيادة في الوقت ذاته، أُعلن في ظل تحديات اقتصادية وأمنية معقدة، ما جعلها ذات تأثير مباشر على تكلفة الإنتاج وانعكاس ذلك على أسعار السلع والخدمات، الأمر الذي يزيد الأعباء على المنتجين والمستهلكين على حد سواء”.
وطالب شقلاوي بضرورة البحث عن بدائل عاجلة لتخفيف آثار القرار على القطاعات المستهدفة، وتعزيز استقرار قطاع الطاقة، بما يحقق التوازن بين متطلبات التشغيل والقدرة الشرائية للمواطنين. في السياق، قال المحلل الاقتصادي كمال كرار لـ”العربي الجديد”: إن “الدمار الواسع الذي لحق بالقطاعات الإنتاجية وتأثيراته السالبة على حركة التجارة بما فيها الصادرات والواردات أضعف مصادر تمويل الموازنة، مما اضطر الحكومة للجوء لفرض مزيد من الضرائب وزيادة الأسعار، ومن بينها سعر الدولار الجمركي، وتعرفة الكهرباء”.
وأضاف كرار أن “محاولة البحث عن المزيد من الأموال لتمويل الحرب يُدخل الاقتصاد في أزمة عميقة، يعبر عنها التضخم الحاد، وغلاء الأسعار، وانهيار قيمة الجنيه، ما يجعل الغالبية العظمى من الناس وهم الفقراء تحت وطأة ضغوط معيشية هائلة”. وأشار إلى أن “الكهرباء تعتبر محرك الاقتصاد، وسيكون لزيادة التعرفة تداعياتها على مختلف قطاعات الاقتصاد”.
ونوه بأن زيادة تعرفة الكهرباء تأتي في الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي تستمر لأيام في بعض المناطق. في المقابل أشار المحلل الاقتصادي عادل عبد العزيز لـ”العربي الجديد” للتدمير والنهب الذي تعرض له قطاع الكهرباء والمياه ومحطات توليد الكهرباء ومنشآت التحويل وأبراج الضغط العالي والمنخفض، وقدّر خسائر قطاع الكهرباء والمياه بحوالي 10 مليارات دولار.
المصدر من هنا