في وقت كان برنامج السلة الغذائية الذي تقدمه جمعية العون المباشر الكويتية يمثل بارقة أمل للعديد من اللاجئين السودانيين في كمبالا، تحول هذا الأمل إلى خيبة بسبب التجاوزات الإدارية والفوضى التي شابت عملية التوزيع في بعض المراكز. وقد أظهرت شهادات اللاجئين أن العديد من الأسر المستحقة لم تتمكن من الحصول على حصصها الغذائية نتيجة لهذه الفوضى، مما زاد من معاناتهم اليومية.
شهد مركز كوالا حالة من الارتباك الإداري والتجاوزات الملحوظة، حيث بدأت المشكلات في يوم الثلاثاء 25 مارس. تأخرت عملية التوزيع بشكل ملحوظ بسبب سوء تنظيم اللجنة المسؤولة عن المركز، والتي لم تتمكن من حصر المستفيدين بدقة. وأوضح سالم الصافي، عضو لجنة خدمات ومراقبة مركز كوالا، في تقريره أن الفوضى التي سادت المركز أدت إلى معاناة كبيرة للأسر، خاصة في ظل ظروف الصيام التي يمر بها الكثيرون.
وأشار الصافي إلى أن هذه الاضطرابات كانت نتيجة مباشرة لسوء التنظيم والإدارة من قبل اللجنة المشرفة، بالإضافة إلى غياب التنسيق الفعّال بين الجهات المعنية. إن هذه المشكلات تعكس الحاجة الملحة لتحسين آليات العمل والتوزيع لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بشكل منظم وفعّال، مما يسهم في تخفيف معاناة اللاجئين في هذه الظروف الصعبة.
رصد المخالفات والتجاوزات
من أبرز المشكلات التي أشار إليها التقرير هي تسجيل الأسر يدويًا باستخدام أوراق غير رسمية، مما أدى إلى تلاعب في الأرقام. كما شهدت عملية التوزيع تأخيرًا بسبب التركيز على التغطية الإعلامية بدلاً من بدء توزيع المساعدات على الفور. وأوضح الصافي أن السلال الغذائية لم تكن مُعدة مسبقًا، وإنما تم تجميعها خلال عملية التوزيع، مما زاد من التأخير. بالإضافة إلى ذلك، واجهت العملية مشاكل في التنسيق، حيث شعر اللاجئون بأنهم مجبرون على المساهمة في تنظيم السلال نتيجة نقص العمال المتاحين.
من المناظر الأخرى التي أثارت الجدل، حدوث تأخير في وصول شحنات المواد الغذائية مثل العدس والسكر والدقيق، مما زاد من الريبة بشأن شفافية العملية. كما لوحظ غياب كامل للأمن في المركز.
أفاد اللاجئون في شهاداتهم من خلال عدة مجموعات على تطبيق “واتساب” مثل “ندعم بعض” و”كمبالا كمبالا” بأن عملية توزيع المساعدات لم تكن تتم بشكل عادل أو شفاف، حيث حصل بعض الأشخاص على سلال غذائية أكثر من الآخرين، بينما غادر آخرون دون أي مساعدة رغم احتياجهم الشديد. وأشاروا إلى أنه تم السماح لبعض الأفراد بالدخول دون الحاجة للتسجيل المسبق، في حين تمت معالجة قوائم اللاجئين الرسمية بطريقة غير سليمة.
أفادت إحدى اللاجئات أنهم وصلوا إلى المركز في الساعة الحادية عشر صباحًا، وانتظروا لفترات طويلة، بينما تم توزيع السلال الغذائية في الساعة الثانية عشر ليلاً، وتساءلت: “كيف يمكن توزيع سلة غذائية في منتصف الليل؟”.
وأضافت إحدى اللاجئات في تعليق لها: “الصمت عن الحق بمثابة شيطان ساكت. إذا كانت الأمور تسير بنزاهة، فلماذا تم استبعاد الأصوات التي نادت بالشفافية؟ ولماذا يتم تهديد من يعارض أو يكشف المخالفات؟”
من بين الرسوم الرئيسية المطروحة، استغلال بعض أعضاء اللجنة المنظمة سلطتهم للحصول على حصص غذائية إضافية لأنفسهم أو لأفراد عائلتهم، في حين لم يتلقَ بعض المستحقين أي مساعدات. كما تم الإبلاغ عن وجود شحنات من المواد الغذائية التي لم تُوزع، مما أثار تساؤلات حول مصير هذه المواد وما إذا كانت ستُستخدم لأغراض غير مخصصة لها.
بالإضافة إلى مركز كوالا، أشار اللاجئون في مراكز أخرى مثل كاومبي وكيساسي وكباقالا ومينقا ولونقجا إلى وجود مشاكل إدارية أيضًا، مثل التأخيرات وضعف التنسيق، وسوء المعاملة، وغياب آلية واضحة لتنظيم سير العملية، بالإضافة إلى اتهامات بإذلال وإهانة المستفيدين.
وفقًا لرواية لاجئ من منطقة لونغجا، تم تخصيص 500 سلة غذائية فقط رغم أن عدد المستحقين في الحي يتجاوز 2000 شخص. وخلال عملية التوزيع، أشار اللاجئ إلى أن المحسوبية كانت ظاهرة، حيث تم منح سلة واحدة لعشرة أشخاص، في حين تم استبعاد آخرين، خاصة “السنجل” الذين لم يحصلوا على نصيبهم من المساعدات.
أشار إلى أن العديد من الأسر اضطرت لدفع مبلغ 5000 شلن للحصول على بطاقة استلام السلة، وهو أمر لم يحدث في أحياء أخرى. وفي الوقت نفسه، نبه إلى وجود انتهازيين في كل حي حصلوا على حصصهم دون خجل، مما أدى إلى تفاقم الأزمة. كما أثار سؤالًا حول غياب كشوفات منظمة وواضحة لكل حي، مؤكدًا أن عدم وجود ختم رسمي من رئيس الحي المعتمد يعزز المحاباة والجشع.
في نهاية شهادته، طرح اللاجئ تساؤلاً حول سبب دفع المبالغ مقابل بطاقة استلام السلة، متسائلاً عن الجهة التي اتخذت هذا القرار، خصوصًا في حي لونقجا.
على العكس من ذلك، ذكر اللاجئون في مراكز أخرى مثل عنتيبي وانتندا وناليا أن عملية توزيع المساعدات تمت بسلاسة وتنظيم جيد مع احترام كبير من قبل اللجان المسؤولة. في مركز ناليا، قدمت اللجنة تقريرها المالي المفصل، حيث أوضحت تفاصيل النفقات والإيرادات مع التزامها بالشفافية في توضيح سبب صرف كل مبلغ.
في هذه الأثناء، طالب اللاجئون بتصعيد الأمور ورفع دعاوى ضد المتورطين في الفساد، واستخدام الرقم المجاني المخصص لتقديم الشكاوى إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) للإبلاغ عن أي انتهاكات تحدث أثناء توزيع المساعدات، بما في ذلك حالات الرشوة والفساد (كما حدث عندما تم دفع 20 ألف شلن في إحدى المراكز)، بالإضافة إلى الإهانات أو سوء المعاملة من قبل أي شخص أو جهة مسؤولة. كما دعا اللاجئون إلى الإبلاغ عن أي تعديات في توزيع المساعدات أو عدم وصولها إلى المستفيدين.
أعلن الكاشف حسين عباس، رئيس مبادرة اللاجئين السودانيين في كمبالا، في بيان توضيحي أن العمل قد تم بنجاح منذ اليوم الأول لافتتاح مركز كوالا، حيث تم توزيع 99% من السلال على المناطق المستهدفة في الأحياء.
واتهم مجموعة محددة بالاعتداء على عدد قليل من السلال. وأكد عباس أن مكتبه يتابع القضية بتنسيق مستمر مع الشركاء من أجل تنفيذ ما تبقى من الكمية المعلنة، مشيراً إلى أن أي بيان يصدر عن جهة غير مشاركة في المبادرة سيكون مسؤولاً قانونياً عن ذلك.
مع تزايد الاستياء بين اللاجئين في كمبالا، ارتفعت المطالب بإجراء تحقيق شامل حول طريقة توزيع السلال الغذائية وضمان وصول المساعدات لمن يستحقها دون محاباة أو فساد. كما نادى المشاركون بإنشاء لجان رقابية مستقلة للإشراف على أي مساعدات مستقبلية، بهدف ضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات.
أشارت إحدى اللاجئات إلى أن المشكلة تتخطى مجرد توزيع المعونات، فهي تتعلق بضمان العدالة والمساواة، حتى لا تتحول هذه المساعدات إلى وسيلة لاستغلال المحتاجين أو أداة لتحقيق مصالح شخصية على حساب الآلاف من اللاجئين الذين يعتمدون عليها لتأمين قوت يومهم.
يستااااهلو الحقاااارة هذا استحقاق