شهدت عدة ولايات سودانية انقطاعًا تامًا للتيار الكهربائي، وذلك نتيجة لهجوم جديد استهدف محطة كهرباء سد مروي، التي تقع على بعد 350 كيلومترًا شمال العاصمة الخرطوم، بواسطة طائرات مسيرة. هذا الهجوم يعمق من أزمة إمدادات الكهرباء التي تعاني منها أكثر من نصف المناطق في السودان، مما يزيد من معاناة المواطنين في ظل الظروف الراهنة.
تأثرت شبكة الكهرباء بشكل كبير جراء النزاع المستمر، حيث تعرضت العديد من خطوط الإمداد ومحطات توليد الطاقة لأضرار جسيمة خلال العامين الماضيين. هذه الأضرار لم تؤثر فقط على قطاع الكهرباء، بل كان لها تأثيرات سلبية على الإنتاج الزراعي والصناعي، بالإضافة إلى الخدمات الصحية، مما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
تشير التقديرات إلى أن الخسائر المباشرة في البنية التحتية قد تتراوح بين 180 و200 مليار دولار، بينما تتجاوز الخسائر غير المباشرة 500 مليار دولار، وهو ما يعادل حوالي 13 ضعف الناتج السنوي للسودان الذي يقدر بنحو 36 مليار دولار. من المتوقع أن تستغرق عملية إعادة بناء ما دمرته الحرب سنوات طويلة، في ظل اقتصاد يعاني من تراجع حاد في الإيرادات تجاوز 80%.
تسبب القصف الجوي والبري في تدمير كبير للبنية التحتية للكهرباء، كما تعرضت معظم شبكات وخطوط الإمداد لعمليات نهب واسعة النطاق.
أكد مهندس متخصص في مجال التخطيط الحضري لموقع “سكاي نيوز عربية” أن حوالي 90 بالمئة من شبكة ومنشآت الكهرباء الأساسية قد تعرضت لأضرار مختلفة.
قال المهندس الذي طلب عدم ذكر هويته إن أكثر من 50% من سكان السودان باتوا يعانون من نقص في الكهرباء بعد الحرب، مقارنة بحوالي 20% قبل اندلاعها.
انعكاسات خطيرة
لقد أثّر الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي في معظم أنحاء البلاد سلبًا على أداء العديد من القطاعات الحيوية مثل الصناعة والرعاية الصحية والزراعة.
بعد انخفاض إنتاج الحبوب الذي قدرت منظمة الزراعة والأغذية العالمية “الفاو” نسبة نقصه بحوالي 46 بالمئة في الموسم الماضي، تزداد المخاوف من أن يؤدي استمرار نقص الكهرباء إلى انخفاض أكبر في الإنتاج الزراعي خلال الموسم الحالي، حيث يعتمد أغلب المزارعين في البلاد على الكهرباء لري محاصيلهم.
تُعد هذه المرة الخامسة التي تتعرض فيها منشآت الكهرباء في سد مروي للهجمات بواسطة الطائرات المسيرة، منذ بداية النزاع في السودان في منتصف أبريل 2023.
تسبب الهجمات في أضرار جسيمة لمحولات كهرباء السد، التي توفر حوالي 40 بالمئة من إجمالي الإمدادات الكهربائية في البلاد.
أعلن الجيش في بيان له أنه تصدى لهجوم طائرات مسيرة استهدف منطقة سد مروي، متهمًا قوات الدعم السريع بتنفيذ هذا الهجوم، لكن لم يصدر حتى الآن أي بيان رسمي من قوات الدعم السريع.
ذكر بيان موجز على الصفحة الرسمية للشركة السودانية لتوزيع الكهرباء أن الهجوم أدى إلى توقف كامل لمعظم المحطات التحويلية في مختلف مناطق البلاد، مشيرًا إلى أن فريقًا من المهندسين يجري عمليات فحص لتقدير حجم الأضرار.
نقص حاد
حدث الهجوم الأخير في وقت تعاني فيه البلاد من نقص في إمدادات الكهرباء يصل إلى حوالي 60 بالمئة، حيث توقفت معظم المناطق عن تلقي الكهرباء بانتظام منذ بداية الحرب.
تُعَدُّ محطة توليد الكهرباء في خزان مروي أكبر محطات التوليد المائي الست التي تعمل في السودان، حيث تُنتج ما بين 70 إلى 75 في المئة من إجمالي إنتاج الكهرباء الحالي في البلاد، والذي يُقدَّر حالياً بما بين 1100 إلى 1200 ميغاواط؛ وهو ما يقل بأكثر من 60 في المئة عن حجم الاستهلاك الكلي الذي يتراوح بين 2900 إلى 3000 ميغاواط.
ازدادت وتيرة الانقطاعات في الأسابيع الأخيرة نتيجة لعمليات صيانة شملت عدة منشآت، من بينها خطوط نقل الكهرباء من إثيوبيا، وفقًا لتقارير صحفية.