عقب تصريح عبد الرحيم الاخيرة حول الغارات المصرية.. تصريح مصري جديد حول تدخلها في حرب السودان

تجاهلت مصر “مزاعم جديدة” أطلقها نائب قائد “قوات الدعم السريع”، عبد الرحيم دقلو (شقيق محمد حمدان دقلو “حميدتي”)، الذي زعم أن “طائرات مصرية قامت بتنفيذ غارات جوية خلال الحرب في السودان”.

قال مصدر مسؤول في مصر يوم السبت إن “القاهرة لن تتعليق على تصريحات دقلو”، وأوضح لـ”الشرق الأوسط” أن “(وزارة الخارجية المصرية) قد نفت سابقًا مزاعم مشابهة ذكرها قائد (الدعم السريع) العام الماضي”.

مع قرب مرور عامين على الحرب الأهلية في السودان، حقق الجيش السوداني تقدماً ميدانياً أخيراً، حيث أعلن عن تحرير العاصمة الخرطوم بالكامل من سيطرة “الدعم السريع” التي كانت تحكمها منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023.

في تصعيد جديد من قبل قوات “الدعم السريع” ضد مصر، ادعى شقيق “حميدتي” أن القاهرة تتدخل في الصراع السوداني وأن “الطائرات المصرية قامت بشن غارات جوية على السودانيين والمدنيين”.

ظهر عبد الرحيم في مقطع فيديو يوم السبت بين أنصاره في دارفور (غرب السودان)، حيث تحدث عن “لقاء جمعه بمدير المخابرات المصرية السابق، عباس كامل، في وقت سابق أثناء توليه المنصب، حيث عرض رؤيته للحكومة المصرية لوقف الحرب”. وادعى عبد الرحيم أنه “رفض التوقيع على الشروط التي تضمنتها تلك الرؤية”، مشيرًا إلى أن “القاهرة ترغب في اتفاق سلام بصيغة جاهزة للتوقيع”.

في القاهرة، أشار المصدر المصري المسؤول إلى أن “بلاده لن تتناول هذه الادعاءات بالتعليق”، مضيفاً أن “مصر تؤكد دائماً على أهمية إنهاء الحرب في السودان، وحماية المدنيين، وتدعم جهود الإغاثة الإنسانية للمتضررين منها”.

ليست هذه المرة الأولى التي يتهم فيها “الدعم السريع” القاهرة بتنفيذ غارات جوية في السودان؛ فقد زعم “حميدتي” في مقطع فيديو مسجل في أكتوبر الماضي أن “طائرات مصرية استهدفت قواته”، بالإضافة إلى “مساندة الحكومة المصرية للجيش السوداني بطائرات مسيّرة”.

نفت وزارة الخارجية المصرية هذه المزاعم، ودعت في بيانها حينها “المجتمع الدولي إلى الاطلاع على الأدلة التي تثبت صحة ما ذكره قائد ميليشيا (الدعم السريع)”، مشددة على أن “هذه الاتهامات تبرز في وقت تبذل فيه القاهرة جهوداً كبيرة لوقف الحرب وحماية المدنيين”.

دعا السفير صلاح حليمة، عضو “المجلس المصري للشؤون الخارجية”، إلى “تجاهل تصريحات نائب (الدعم السريع) وعدم إعطائها أهمية”. وأوضح أن “تصريحات عبد الرحيم تأتي في وقت تعاني فيه (الدعم السريع) من ضعف نتيجة خسائرها الأخيرة”، مشيراً إلى أن تكرار هذه “الادعاءات يدل على ضعف موقف قواته في النزاع الداخلي”.

تعتقد حليمة أن “قوات الدعم السريع تمر بارتباك كبير في الوقت الحالي بسبب تراجعها في الميدان”. وقالت لـ “الشرق الأوسط” إن “تصريحات عبد الرحيم دقلو حول رفض الرؤية المصرية للسلام تؤكد تناقض مواقفه، وتعكس رفض الميليشيا لأي حلول سلمية، وتحمّلها مسؤولية الجرائم التي ارتُكبت ضد المدنيين في السودان.”

يعتقد سفير مصر السابق في السودان، حسام عيسى، أن تصريحات شقيق “حميدتي” بشأن مصر تهدف إلى تبرير الهزائم التي يتعرض لها الأخير في السودان، حيث أنها تُطرح دون تقديم أي أدلة تدعم تلك الادعاءات. وأشار إلى أن هذه التصريحات تمثل سلوكاً متكرراً من قيادة “الدعم السريع” بعد كل هزيمة، كما حدث سابقاً عندما أدلى “حميدتي” بتصريحات مشابهة عقب هزيمته في جبل “مويه” بولاية سنار (جنوب شرقي السودان).

وفقًا لعيسى، فإن “قيادة قوات الدعم السريع فقدت ثقة عناصرها وداعميها الخارجيين، لا سيما بعد تصريح (حميدتي) بأنه لن يغادر القصر الجمهوري في الخرطوم، وبعد بضعة أيام تمكن الجيش السوداني من استعادته بالإضافة إلى مرافق حيوية أخرى في العاصمة”.

قال لـ”الشرق الأوسط” إن “الميليشيا واجهت انتقادات دولية عديدة مؤخراً، ومن ضمنها من الأمم المتحدة، بسبب جرائمها ضد المدنيين، حيث إن معظم النازحين نتيجة الحرب هم من المناطق التي كانت تحت سيطرتها”.

أدت الحرب الأهلية في السودان إلى نزوح حوالي 13 مليون سوداني سواء إلى مناطق داخلية أو إلى دول مجاورة، حسب تقديرات الأمم المتحدة، من بينهم حوالي مليون و200 ألف شخص توجهوا إلى مصر وفقاً للتوقعات الرسمية.