السودان الان السودان عاجل

قلق أممي متزايد حول نزوح المدنيين من الخرطوم مجددا

مصدر الخبر / دارفور 24

أعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق إزاء التقارير التي تشير إلى نزوح أعداد كبيرة من المدنيين من العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك نتيجة للعنف المتزايد والمخاوف من وقوع عمليات قتل خارج نطاق القانون. هذه الأوضاع المتدهورة تأتي في وقت حساس، حيث يسعى المجتمع الدولي إلى إيجاد حلول للأزمة الإنسانية المتفاقمة في البلاد.

في سياق الأحداث، تمكن الجيش السوداني من استعادة السيطرة على جميع مناطق الخرطوم والخرطوم بحري من قبضة قوات الدعم السريع في نهاية مارس الماضي. هذا التحول في السيطرة العسكرية قد ساهم في زيادة حدة التوترات، مما دفع العديد من السكان إلى الفرار بحثًا عن الأمان في مناطق أخرى. وفقًا لما ذكره المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، فقد أفاد العاملون في المجال الإنساني بوصول حوالي 5000 نازح، معظمهم من الخرطوم، إلى منطقة جبرة الشيخ في ولاية شمال كردفان خلال الأسبوع الماضي.

وأكد الشركاء في المجال الإنساني أن هذه الأسر النازحة تواجه ظروفًا قاسية، حيث تعاني من نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والمأوى والرعاية الصحية اللازمة. كما أظهرت التقارير وجود نزوح إضافي لأشخاص من الخرطوم ومناطق أخرى نحو أم دخن في وسط دارفور. ومع استمرار القيود المالية، تأثرت أنشطة جمع البيانات، مما أدى إلى تأخير في الإبلاغ عن حالات النزوح الجديدة وإصدار تنبيهات الإنذار المبكر، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في البلاد.

أكد دوجاريك أن هذه التحركات الأخيرة تأتي ضمن توجه أوسع نحو النزوح الناجم عن النزاعات، الذي يؤثر على عدة مناطق في السودان، بما في ذلك النيل الأزرق وجنوب كردفان.

وضع معقد وصعب

أفاد المتحدث بأن الوضع العام في السودان لا يزال معقداً وصعباً، حيث يهرب المدنيون بحثاً عن السلامة في بعض المناطق، بينما يسعون للعودة إلى منازلهم في مناطق أخرى، وغالباً ما تكون هذه المناطق قد دُمرت فيها الخدمات الأساسية جراء الصراع، مما يعرضهم لخطر بقايا المتفجرات والقذائف غير المنفجرة.

أوضح دوجاريك أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يسعى للوصول إلى السكان في مدينة كادقلي، عاصمة جنوب كردفان، عبر تسهيل إرسال قافلة مساعدات إنسانية تحتوي على إمدادات غذائية وصحية ومياه نظيفة. ومع ذلك، فإن القافلة ما تزال متوقفة في الأبيض، عاصمة شمال كردفان، نتيجة للأمن المتردي والعقبات الإدارية.

قال دوجاريك إن توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، عبّر عن استيائه من التقارير التي تشير إلى زيادة الهجمات على المطابخ المجتمعية والمساحات الآمنة التي يديرها المتطوعون في السودان، وأكد على أهمية حماية ودعم العاملين في المجال الإنساني.

وأوضح دوجاريك أن القانون الدولي الإنساني يُلزم جميع الأطراف بتيسير وتسهيل الإغاثة الإنسانية بسرعة وبدون عوائق، وبطريقة محايدة للمدنيين الذين يحتاجون إليها، بغض النظر عن مكانهم أو انتمائهم.

مستوى دمار يفوق التصور

وقال محمد رفعت، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، إن العاصمة الخرطوم تعاني من وضع كارثي بعد مرور عامين على نشوب الحرب.

وسجل رفعت زيارة استمرت أربعة أيام للعاصمة السودانية ومحيطها.

وأشار إلى أنه قام بزيارة مناطق لم يكن بالإمكان الوصول إليها سابقًا، ورأى بنفسه حجم الدمار والمعاناة التي يواجهها الناس في تلك المناطق.

وأضاف: “يمكنني أن أخبركم بأن محطات الكهرباء تعرضت للنهب، وأن أنابيب المياه تم تدميرها. لا أتكلم عن أماكن محددة، بل أعني كل مكان زرته. لقد كنت في مناطق صراع مثل ليبيا واليمن وغيرها من المناطق المشتعلة.”

وأضاف: “إن حجم الدمار الذي شاهدته في بحري والخرطوم يفوق التصور. لم يكن هناك استهداف لمنازل المواطنين فحسب، ولا للمناطق الإدارية أو العسكرية، بل تم استهداف كل البنية التحتية الأساسية التي تضمن استمرار حياة الناس.”

حاجة إلى التمويل

أشار رفعت إلى ضرورة ملحة لتأمين التمويل الإنساني للأدوية والسكن ومياه الشرب والتعليم والرعاية الصحية، بالإضافة إلى ضمان وصول إنساني غير مقيد للمتأثرين بالصراع. كما حذر من أن قلة الوصول الإنساني ونقص التمويل أديا إلى معاناة كبيرة، خصوصًا للنساء.

وأوضح أن العديد من المنظمات غير الحكومية قد أوقفت أو خفّضت أنشطتها نتيجة نقص التمويل، وأن السودان يشهد أكبر أزمة نزوح في العالم، إذ يوجد أكثر من 11 مليون نازح داخلي.

ودعا رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة إلى أهمية التركيز على عملية إعادة البناء، مشيرًا إلى أن إصلاح الخرطوم والمناطق الأخرى سيستغرق وقتًا، ولكن من الممكن توفير المأوى وسبل العيش الكريمة حالما تتوافر الموارد اللازمة.

وأكد أن خطة استجابة المنظمة الدولية للهجرة في السودان تهدف إلى جمع 250 مليون دولار لمساندة 1.7 مليون شخص، إلا أنه لم يتم تأمين سوى 9% من المبلغ المطلوب حتى بداية يناير 2025.

أشار رفعت إلى أن عودة الناس إلى الخرطوم تتطلب توفير معلومات تساعدهم على فهم الواقع الموجود واتخاذ قرارات مدروسة، فضلاً عن الحاجة إلى استثمارات كبيرة لاستعادة الخدمات الأساسية مثل الصحة والمياه والكهرباء.

وأشار إلى أن هناك بارقة أمل صغيرة تظهر مع عودة 400 ألف نازح داخليًا إلى منازلهم مؤخرًا، رغم أن معظمهم يجدون منازلهم مدمرة ومُنهوبة، ويفتقرون إلى أي خدمات أساسية.

عن مصدر الخبر

دارفور 24