في صباح رمادي ثقيل، لم تنجح الخرطوم وغيرها من المدن السودانية في الاستيقاظ على أصوات المواكب كما اعتادت في مثل هذا اليوم، ولم تتعالى الهتافات بين الأزقة والشوارع. ومع كل هذا الصمت، كان هناك صدى لا يمكن قمعه بالرصاص ولا إسكاته بالحواجز، صدى نشط على منصات التواصل الاجتماعي، حمَلته أزرار المشاركة بدلاً من مكبرات الصوت.
التغيير ـــ فتح الرحمن حمودة
في ذكرى 6 أبريل من هذا العام، خرج السودانيون في مواكب جديدة، لكن هذه المرة كانت افتراضية وعابرة للحدود، حيث انطلقت شعلة السلمية عبر منصات التواصل الاجتماعي، تحمل نفس الروح الثائرة التي أدت إلى إسقاط نظام الرئيس السابق عمر البشير قبل ست سنوات. وقد رصدت “التغيير” العديد من الكتابات والتغريدات التي تنوعت بين الحنين والتحليل السياسي والشعر والمشاعر المريرة.
وذكر عبد القادر مرجحاني مستحضراً لحظة الحسم الثوري في 6 أبريل قائلاً: “خرجنا رغم الخوف من الموت وقوة النظام، توكلنا على الله وآمنا بأن الثورة أقوى من الرصاص، فسقط النظام تحت أقدامنا، لكنه عاد خبيثاً من خلال الحرب الحالية محاولاً دفن الثورة تحت أنقاض الحرب والنيران، لكن هيهات، فشعلة الثورة ما زالت حية متقدة في القلوب ولن تنطفئ.”
كتب مكي زكريا أن 6 أبريل هو يوم للاحتفال وسقوط النظام الفاسد، ويمثل إيماناً بأن الثورة هي عمل دائم يزعج الطغاة وأتباعهم والمنافقين.
لكن أواب محمد كتب بأسلوب شعري قائلاً: “تداخلت الألوان في 6 أبريل، أصوات الشهداء تنادي والدموع تنهمر. مضت ست سنوات وما زلنا نتمسك بالمبادئ.”
كان هشام عباس قد ربط بين ثورة 1985 والنضال المستمر، حيث هاجم المؤسسة العسكرية قائلاً: “إن 6 أبريل 1985 كانت لحظة تاريخية قدّم فيها الشعب السوداني أعظم التضحيات للتحرر من قيود الشيطان ومكان الإجرام ومصدر الشر. ولن ينهض السودان مجدداً إلا بعد التخلص من هذه المؤسسة الشيطانية وبناء جيش وطني حقيقي.”
نشر مصطفى عمر: “6 أبريل ليست نهاية القصة، إذ لا توجد ميليشيات تتحكم في الدولة. أما هشام علي، فقد كتب ببساطة أن 6 أبريل هو اليوم الذي تخلص فيه السودانيون من خبث المتأسلمين، والثورة مستمرة”.
من جهة أخرى، أضافت آية خاطر لمسة شعرية حين كتبت: “من المستحيل أن يرضخ أحد مهما كانت العقبات، فالتحديات تفضل شجرة النخيل القوية في مواجهة السقوط، بدلاً من النخيل الضعيف”.
في كلمات مؤثرة، كتبت مي بكري: “تحية لمن عاش تجربة الخراطيش وقسوة النظام، لمن لم يستسلم أثناء المعركة، والمجد لمن خرج ثائراً في أوائل أبريل وعاد شهيداً في أوائل يونيو.”
كتب باسل مورس معبرًا عن أمله في تحقيق انتصار جديد، حيث ذكر أن 6 أبريل 2019 كان موعد انتصار الشعب، ونتمنى أن يكون 6 أبريل 2025 عامًا لتحقيق انتصار جديد ضد العدوان.
عبر محمد شرف عن ألم الخيانة ورؤية الجيش الوطني، مشيراً إلى أن هذه الثورة كانت تهدف إلى استعادة هيبة الجيش… لكنها تعرضت للغدر، حيث كانت تسعى نحو السلام بدلاً من الحرب.
قال مدثر حامد: “باختصار مؤلم، كانت الثورة أجمل فعل جماهيري، إلا أن ما تلاها كان أسوأ فعل سياسي أدخلنا في الحرب، وستبقى ذكرى 6 أبريل خالدة.”
على الرغم من الحرب الشرسة التي بدأت في منتصف أبريل 2023، لم يمنع ذلك الثوار من إحياء ذكرى يوم 6 أبريل، الذي ارتبط في الشعور السوداني بالثورات والانتفاضات. وحتى مع تحول ساحات الاعتصام إلى ميادين قتال، استمرت هذه الذكرى حية في قلوب السودانيين، تنبض على الشاشات وفي الكلمات، لأن ما حدث في 6 أبريل بالنسبة لهم أثبت أن ثورتهم، رغم التحديات الجغرافية، لا تزال قائمة في الوعي والذاكرة.