مصدر التقرير : شبكة عاين
تتزايد المطالب بين سكان الولاية الشمالية بضرورة استجابة الجيش السوداني والحكومة المحلية لإنهاء وجود مجموعة مسلحة أهلية تُعرف بـ “أولاد قمري”، والتي تسيطر على مدينة دنقلا، عاصمة الولاية، وتستفيد من نفوذها التجاري والأمني. وقد تحالفت هذه المجموعة مع الجيش في ظل الصراع المستمر في البلاد، حيث تم تكليفها بمهمة مراقبة الحدود الصحراوية بين السودان وليبيا.
في مايو 2024، خلال زيارة قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى دنقلا في إطار التحشيد العسكري ضد قوات الدعم السريع، لاحظ المواطنون وجود مركبات عسكرية مزودة بأسلحة ثقيلة تتبع لمجموعة أهلية في المدينة. وقد قامت هذه المجموعة بعرض المعدات العسكرية في ساحة عامة، معلنةً استعدادها للمشاركة في القتال ضد قوات حميدتي.
تأتي هذه التطورات في وقت حساس، حيث يسعى الجيش السوداني إلى تعزيز وجوده العسكري في المنطقة لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة. ويعكس هذا الوضع التوترات المتصاعدة بين القوات المسلحة والمجموعات الأهلية، مما يثير قلق السكان المحليين بشأن الأمن والاستقرار في الولاية.
اتساع النفوذ
منذ مايو 2024، حصلت الجماعة المسلحة التي تعمل في تهريب السلع بين مصر وليبيا والسودان على اسم “كتيبة الاستطلاع”، وقد كلفت الاستخبارات العسكرية بمهمة تنفيذ التحركات العسكرية في الصحراء بين ليبيا والسودان باستخدام المركبات المجهزة بالأسلحة.
ونشطت الجماعة المسلحة في وقت سابق، وفقًا لروايات جمعها موقع (عاين) من سكان المنطقة، في عمليات التنقيب عن الذهب وأعمال تجارية غير قانونية، وترأسها أربعة إخوة، قُتل اثنان منهم في وقت سابق.
تستفيد المجموعة من شراكتها مع الجيش، حيث يوجد عناصر منها خارج السيطرة ولا يتم محاسبتهم.
ناشط مدني
يقول أبو بكر كتارة، وهو أحد المعارضين لوجود هذه القوة المسلحة في شمال السودان، لـ(عاين): “لقد ارتكبت مجموعة أولاد قُمري المسلحة سلسلة من أعمال العنف وانتهاكات حقوق المواطنين في الولاية الشمالية، وفي فبراير 2025 لم تستطع النيابة في مدينتي عبري ودنقلا القبض على أحد أفراد هذه المجموعة، الذي اعتدى على مواطن في قرية قريبة من مدينة عبري شمال البلاد. وقد نجا الشخص المستهدف من موت محقق بعد إجراء عملية جراحية في رأسه في مستشفى دنقلا.”
وأضاف قائلاً: “لم تتمكن النيابة من القبض على الجاني الذي ينتمي إلى المجموعة، بسبب النفوذ الكبير لهذه القوة المسلحة في الولاية، وقدرتها على مقاومة الاعتقال بالسلاح، رغم أن الضحية لجأ إلى أجهزة إنفاذ القانون.”
في مدينة دنقلا، تتباين الآراء حيث يعتقد بعض المواطنون، خاصة بعد اندلاع الحرب، أن القوات المسلحة قد تحالفت مع هذه القوة المسلحة ولا تستطيع اتخاذ أي إجراءات ضد عناصرها. ومن بين هؤلاء، عباس، وهو شاب يعارض التعدين العشوائي في المنطقة.
بينما يعبر مواطنون استطلعتهم (عاين) عن دعمهم لهذه المجموعة التي تسعى للتوسع عسكريًا من أجل الدفاع عن الولاية التي تتعرض لتهديدات مستمرة من قوات الدعم السريع، يقول أحد المواطنين في مدينة دنقلا، الذي فضل عدم ذكر اسمه لـ(عاين): “سمعنا مؤخرًا أن هذه المجموعة تتبع إدارة الفرقة 19 مشاة في مدينة مروي”.
الاستحواذ على آبار الذهب
يقول عباس، وهو ناشط مدني معارض للتعدين العشوائي في شمال السودان، لـ(عاين): “هاجمت مجموعة أولاد قمري المسلحة معدنيين في منطقة تركمان التي تقع على بعد 80 كيلومتراً غرب مدينة وادي حلفا يوم السبت 5 أبريل 2025، وقامت باحتجاز عمال مناجم الذهب لعدة ساعات قبل أن تطلق سراحهم، وذلك بسبب نزاع حول موقع غني بإنتاج المعدن الأصفر”.
تعتمد هذه القوة العسكرية على الذهب والتهريب مع إشراف السلطات.
ناشط مناهض للتعدين
واصل الناشط المعارض للتعدين حديثه قائلاً: “شعر سكان وادي حلفا بالخوف مساء السبت 5 أبريل 2025 نتيجة هجوم هذه القوة على المعدنين في مواقع تُركمان الغنية بالذهب، وتم نقل بعض المصابين إلى المستشفى لتلقي العلاج.”
يشير عباس إلى أن المجموعة المسلحة وصلت إلى وادي حلفا عن طريق البر، متجاوزة الحواجز العسكرية للجيش السوداني، دون أن تتعرض للتوقيف بسبب النفوذ الواسع الذي تتمتع به هذه الجماعة.
ويشير قائلاً: “إذا واصلت التعدين العشوائي للذهب، فسوف يتوسع نفوذها بشكل كبير في الفترة المقبلة”.
يشير عباس إلى أن الجماعة المسلحة التي تتكون من قبيلة تعيش في مدينة دنقلا تتمتع بحماية من ضباط في القوات المسلحة، ولم تتدخل الفرقة 19 في مروي أو اللواء 75 في الدبة لتهدئة الفوضى التي تثيرها هذه الميليشيا.
تذمر وسط الضباط
للحصول على مزيد من المعلومات حول هذه الجماعة المسلحة، صرح محامي من مدينة دنقلا، رافضاً ذكر اسمه خشية من خطر الحديث عن هذه المجموعة لـ(عاين)، بأنه “بعض ضباط الشرطة والجيش في الولاية الشمالية يطالبون بشكل متواصل بإنهاء هذه الجماعة وجمع أسلحتها، بينما الحكومة المركزية، وفقاً لقوله، لا تُعير اهتماماً للمجموعات المسلحة التي تتواجد خارج نطاق المؤسسة العسكرية”.
أوضح هذا المحامي أن العلاقة بين الوحدات العسكرية في الولاية الشمالية وهذه المجموعة المسلحة تتسم بطابع تحالفي، وهي تحت مراقبة الاستخبارات العسكرية لكن دون تدخل حتى في حال وقوع أعمال عنف.
وأضاف: “هذه المجموعة ترفض طلبات النيابة لتسليم المتهمين في حوادث إطلاق النار المتعلقة بجرائم مختلفة ضد المواطنين في الولاية، لأنها أصبحت إمبراطورية خلال الحرب وازدادت في تسليحها وعدتها، وحتى عدد المركبات التي كانت تُعد على الأصابع أصبح اليوم يتجاوز 20 مركبة.”