السودان الان السودان عاجل

نظرة على تغطية الصحف الغربية لدخول الحرب بالسودان عامها الثالث

مصدر الخبر / راديو دبنقا

 

 مع دخول حرب السودان عامها الثالث، اتفقت الصحف الغربية على أن هذا الصراع، رغم ما يتسم به من فظائع ومجاعة تفوق الوصف، لا يستقطب الاهتمام العالمي المطلوب، محذرة من أن النسيج الاجتماعي للبلاد يتعرض للتمزق بشكل شديد، ولا توجد بوادر لإنهاء هذه المأساة.”هل نحن نملك الإنسانية المطلوبة لمواجهة أزمة السودان؟” يتساءل توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، في مقال له نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

وقد حذر فيه من أن الأحداث الجارية في السودان أظهرت كيف بدأت الأسس التي وضعها العالم للحد من مخاطر الحرب والمجاعة والأزمات تتفكك.وأكد أن ما يسميه “عصر القومية التبادلية” -الذي يميز العالم اليوم- نادرًا ما تجد فيه دولًا راغبة في إظهار الاهتمام بالنضال من أجل الحفاظ على التضامن العالمي، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يتجلى بصورة واضحة في السودان.مع استمرار الحرب، يشير فليتشر إلى أنه لا يوجد شك في أنه دون إنهاء الصراع وزيادة التمويل، ستعاني أعداد أكبر من الناس وسيتخبطون ويخسرون أرواحهم.

تشهد العاصمة البريطانية، اليوم الثلاثاء، مؤتمراً دولياً يهدف إلى رسم مسار السلام في السودان بمناسبة الذكرى الثانية للحرب التي بدأت في 15 أبريل 2023. وقد اعتبر فليتشر أن هذه فرصة لتوجيه أربعة نداءات إلى المشاركين في المؤتمر، رغم عدم مشاركة الحكومة السودانية.

أولًا: استخدموا قوتكم المشتركة لحماية المدنيين من الجهات المتحاربة ومن يدعمهم بالسلاح.

وثانيًا: اطلبوا عدم استهداف عمال الإغاثة وضمان قدرتهم على العمل في الأماكن التي تحتاج بذلك.

وثالثًا: قدموا تمويلًا مرنًا يساعدنا في مواجهة المجاعة وإنقاذ الأرواح.

ورابعًا: قوموا بتطبيق دبلوماسية فعالة تستطيع حل المشكلات الضرورية لإنهاء هذه الحرب الوحشية.لكن صحيفة ليبراسيون الفرنسية قللت من أهمية هذا المؤتمر في تحقيق السلام للسودان، خصوصًا في ظل عدم دعوة السلطات السودانية له، وأشارت إلى أنه سيركز على معالجة الأزمة الإنسانية، إلا أنه من غير المتوقع إجراء محادثات للسلام، مما يعني استمرار الوضع كما هو عليه، حيث يعاني المدنيون من فظائع لا يمكن وصفها.”لم يتبقَ سوى كبار السن غير القادرين على الهروب”، هكذا عنونت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرها، حيث ألمحت بأسلوب متشائم إلى أن الوضع في السودان يتجه نحو مزيد من التدهور والتفتيت.وفي هذا السياق، نقلت خلود خير، مؤسسة مركز “كونفلوانس أدفايزري” للأبحاث، قولها: “نحن نسير نحو تصعيد الصراع بسبب زيادة الخسائر البشرية”، وذلك بالرغم من النجاحات التي حققها الجيش في الفترة الأخيرة.عبّرت خلود عن اعتقادها بأن الجيش أصبح أكثر إصرارًا من أي وقت مضى على استعادة الأراضي التي احتلتها مليشيات حميدتي منذ بداية الحرب، ولفتت إلى أن وجود كتائب مساندة وطائرات مسيرة لدى هذا الجيش أثبت فاعليته، “وسيعمل الآن على تحقيق أكبر تقدم ممكن قبل موسم الأمطار في يونيو”.

لكن الصحيفة توقعت أن تشارك قوات الدعم السريع، التي تعرضت للإهانة بسبب هزيمتها في الخرطوم، في حرب استنزاف، مستخدمةً الطائرات المسيرة لاستهداف البنية التحتية المدنية ومخيمات النازحين مثل زمزم بالقرب من الفاشر، حيث أجبر أكثر من نصف مليون شخص على الهروب.من المحتمل، بحسب الصحيفة، أن يؤدي سعي قوات الدعم السريع للسيطرة على دارفور ونيتها إنشاء حكومة موازية إلى تفاقم انقسام السودان، ومع وجود عملتين مختلفتين وانقسام النسيج الاجتماعي، تواجه البلاد خطر التمزق بصورة أكبر.هذا هو ما دفع سارة شامبيون، العضوة في البرلمان عن حزب العمال ورئيسة لجنة التنمية الدولية، إلى دعوة الحكومة للقيام بجهود لإنهاء هذا النزاع، حيث أكدت أنه لا يمكن، حسب تعبيرها، أن “تبقى المملكة المتحدة صامتة بينما ينهار السودان”.

ترى تشامبيون -في مقالها بصحيفة ديلي تلغراف البريطانية- أن هناك ضرورة ملحة لاتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين في السودان وتفعيل القانون الإنساني الدولي. كما يجب على لندن أن تلعب دورًا رائدًا من خلال زيادة مساعداتها للسودان، نظرًا لتوالي المخاطر، وبدون تدخل سريع، فإن ملايين الأبرياء سيكونون معرضين لمخاطر كبيرة.يواجه نصف سكان السودان، الذين يصل عددهم إلى 50 مليون نسمة، خطر الموت جوعاً إذا استمر هذا الصراع المروع، كما صرح كاشف شفيق، المدير القطري لمنظمة الإغاثة الدولية في السودان، وهي آخر منظمة إغاثة لا تزال تعمل في مخيم زمزم.

أكد شفيق، وفقًا لما ورد في تقرير بصحيفة واشنطن بوست، أن العالم بحاجة إلى الضغط من أجل تحقيق وقف إطلاق النار، حيث إن “كل دقيقة تمر تعرض أرواحًا جديدة للخطر. ويجب أن تنتصر الإنسانية”.رغم تحقيق الجيش السوداني لنجاح كبير في استعادة العاصمة الخرطوم، يوضح الخبراء أن قوات الدعم السريع قد عززت سيطرتها على المناطق التي لا تزال تحت قبضتها، وهي منطقة واسعة تشمل غرب وجنوب غرب السودان، بما في ذلك منطقتي دارفور وأجزاء من كردفان، في حين يسيطر الجيش على أغلب المناطق الشمالية والشرقية والوسطى.ترى الصحيفة أن “السلام لا يزال صعب التحقيق”، وتستشهد في هذا السياق بكلام فيديريكو دونيلي، الأستاذ المساعد للعلاقات الدولية في جامعة تريستي بإيطاليا، الذي قال: “الواقع على الأرض يشير بالفعل إلى تقسيم قائم فعليًا”.

وأشار دونيلي إلى أنه قد يسعى الطرفان الآن إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. ومع ذلك، أضاف أن من المحتمل أن يواصل الجيش محاولاته للتقدم نحو المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.لكن يبدو أن كلا الجانبين غير قادر على الانتصار على الآخر. ويشير سليمان بلدو، مدير مرصد الشفافية والسياسات في السودان، إلى أن “كلا الطرفين يعاني من تعب المعارك”.قال شاراث سرينيفاسان، أستاذ السياسة الدولية في جامعة كامبريدج، إن قوات الدعم السريع تواجه ضعفًا بسبب الانقسامات الداخلية و”تنقصها الشرعية السياسية داخل البلاد”، لكنها تمتلك قدرة قوية على الوصول إلى الأسلحة والموارد، بالإضافة إلى تلقي الدعم من تشاد وأوغندا وكينيا وجنوب السودان وإثيوبيا.

المصدر: الجزيرة، غارديان، لوفيغارو، ليبراسيون، واشنطن بوست

 

عن مصدر الخبر

راديو دبنقا