السودان الان السودان عاجل

قد تعود الى شمالها .. حرب السودان تدخل عامها الثالث وسط اشتدادها في الجبهات الغربية

مصدر الخبر / وكالات

منذ 15 أبريل 2023، تشهد السودان صراعًا عنيفًا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث تزداد الأوضاع تعقيدًا مع اقتراب المعركة من عامها الثالث، خصوصًا في المناطق الغربية من البلاد. بدأت الاشتباكات في العاصمة الخرطوم، وسرعان ما انتشرت إلى عدة ولايات، مما أدى إلى تفاقم النزاع الذي وصفه المراقبون بأنه أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث يعاني ملايين المدنيين من ظروف إنسانية قاسية.

في تطور ميداني بارز، تمكنت قوات الجيش السوداني في 26 مارس الماضي من استعادة السيطرة على القصر الرئاسي في الخرطوم، والذي كان تحت سيطرة قوات الدعم السريع لمدة تقارب العامين. تعتبر هذه الخطوة نقطة تحول مهمة في مسار الحرب، إلا أن المحللين والمصادر الميدانية حذروا من أن هذا لا يعني بالضرورة انتهاء القتال، حيث لا تزال الأوضاع متوترة.

بعد فقدانها لمواقعها في القصر الرئاسي، كثفت قوات الدعم السريع من هجماتها على مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، حيث تفرض حصارًا شديدًا على المدينة منذ العاشر من مايو 2024. هذا التصعيد يعكس استمرار الصراع وتأثيره المدمر على المدنيين، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في البلاد.

استعادة الخرطوم

في 26 سبتمبر 2024، بدأ الجيش السوداني عملية برية ضد مواقع الدعم السريع في الخرطوم، وامتدت العمليات إلى ولايات أخرى، مما أدى إلى السيطرة على معظم مناطق ولاية سنار في الجنوب، وعلى كامل ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض في وسط البلاد.

في الخرطوم، أحرزت القوات المسلحة السودانية تقدمًا كبيرًا، وتمكنت في 21 مارس الماضي من استعادة القصر الرئاسي الذي كان تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ بداية الاشتباكات في أبريل 2023.بعد الهزيمة، بدأت قوات الدعم السريع في سحب عناصرها من العاصمة، متوجهة نحو الغرب عبر جسر جبل أولياء جنوب الخرطوم.وفي هذا السياق، استعادت القوات المسلحة السيطرة على غالبية مناطق العاصمة، وتمكنت من إنقاذ أكثر من 4000 شخص كانوا محتجزين كرهائن لدى قوات الدعم السريع.في 26 مارس الماضي، وصل رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان إلى مطار الخرطوم الدولي، الذي كانت قوات الدعم السريع تستخدمه كقاعدة عسكرية، ثم انتقل منه إلى القصر الرئاسي.في تصريحات أدلى بها من داخل القصر، أعلن البرهان تحرير الخرطوم، بينما تمكنت قوات الجيش في 28 مارس الماضي من السيطرة على سوق ليبيا في منطقة أم درمان غرب الخرطوم، وهو أحد أهم معاقل الدعم السريع في العاصمة.استنادًا إلى هذه التطورات، استطاع الجيش، وفقًا للخبراء، أن يفرض السيطرة على معظم مناطق العاصمة الخرطوم.

تغييرات 2018

شهد السودان في عام 2018 موجة من الاحتجاجات الشعبية الواسعة نتيجة تدهور الظروف المعيشية والاقتصادية، والتي تحولت لاحقًا إلى ثورة أدت إلى الإطاحة بنظام البشير بعد ثلاثين عامًا من الحكم.

ساهم الجيش وقوات الدعم السريع في الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير، وقاموا بتشكيل مجلس عسكري انتقالي، حيث تولى قائد الجيش البرهان رئاسة المجلس، بينما شغل محمد حمدان دقلو منصب نائب الرئيس.بموجب اتفاق تقاسم السلطة، تم تأسيس ائتلاف حكومي يجمع بين القوات المسلحة وتحالف مدني يسمى قوى الحرية والتغيير، حتى قام الجيش والدعم السريع بإبعاد المكون المدني عن السلطة في 25 أكتوبر 2021.

شرارة الصراع

بدأت التوترات تتزايد بين الطرفين، خصوصًا بسبب الخلافات حول كيفية إدماج قوات الدعم السريع في الجيش، بالإضافة إلى تدخلات من قوى خارجية، مما زاد من الاحتقان السياسي والأمني في البلاد.وفي تلك الأثناء، أكد الجيش على أهمية دمج قوات الدعم السريع في غضون عامين فقط، بينما طلبت الأخيرة فترة زمنية لا تقل عن 10 سنوات لإتمام هذه العملية.في 13 أبريل 2023، قامت قوات الدعم السريع بنقل وحدات كبيرة إلى مطار مروي والقاعدة الجوية العسكرية في شمال البلاد، مما اعتُبر بمثابة الشرارة الأولى التي أشعلت الصراع المسلح الحالي.وأفاد المتحدث باسم الجيش، نبيل عبد الله، في ذلك الحين أن قوات الدعم السريع بدأت في التحرك والانتشار داخل العاصمة وبعض المدن الأخرى دون أي تنسيق أو موافقة من قيادة القوات المسلحة.فجر 15 أبريل 2023، سُمع دوي إطلاق نار في عدة مناطق استراتيجية بالعاصمة الخرطوم، مثل حي أركويت، والمدنية الرياضية، والقيادة العامة للقوات المسلحة، والقصر الرئاسي، ومبنى التلفزيون الرسمي، بالإضافة إلى المنطقة التي تحتوي على مقر إقامة رئيس مجلس السيادة البرهان.بعد ذلك، بدأت تسمع أصوات الاشتباكات العنيفة في أرجاء العاصمة، وتصاعدت أعمدة الدخان الكثيف في مناطق متعددة، كما شهد محيط مطار الخرطوم الدولي تحركات عسكرية كثيفة، مما أدى على الفور إلى توقفه عن الخدمة.

دمار ونهب

على مدى العامين الماضيين، لحقت أضرار كبيرة بالبنية التحتية في السودان نتيجة الحرب، وخاصة في الخرطوم، حيث تم تدمير بعض الجسور، وتعرضت محطات الكهرباء والمياه للتخريب، وأحرقت مبانٍ، كما تعرضت الأسواق والمتاجر للنهب.

حتى المتاحف لم تنجُ من الفوضى والنهب، في حين تعرضت مصافي النفط لأضرار كبيرة، كما عانت مطار الخرطوم الدولي من أضرار جسيمة.وفقًا للإحصائيات الرسمية، فإن عدد الضحايا الذين توفوا مباشرة نتيجة الاشتباكات بلغ 20 ألف شخص، إلا أن التقديرات تشير إلى أن العدد الفعلي قد تجاوز 150 ألف.

نزوح

تسببت الحرب في السودان في أكبر أزمة نزوح على مستوى العالم، وأثرت بشكل كبير على النظام الصحي في البلاد. وكنتيجة للصراع، اضطر أكثر من 11 مليون شخص للنزوح داخل البلاد، بينما لجأ حوالي 4 ملايين إلى الدول المجاورة. ووفقًا لمعلومات الأمم المتحدة، فإن أكثر من نصف سكان السودان، أي ما يزيد عن 30.4 مليون شخص، أصبحوا بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية.أصبح الأطفال في البلاد يواجهون مخاطر عديدة، مثل العنف والانتهاكات والنزوح القسري وسوء التغذية والأمراض. ويُقدّر عدد الأطفال المعرضين لخطر الإصابة بأمراض قاتلة نتيجة انهيار النظام الصحي بأكثر من 3 ملايين طفل، بينما يوجد 17 مليون طفل خارج المدرسة.

الهجمات غربا

رغم أن الجيش قد استعاد السيطرة على معظم ولاية الخرطوم، إلا أن الاشتباكات مستمرة في ولايات أخرى، حيث تواصل قوات الدعم السريع ثابتة على موقفها في عدم التنازل عن سيطرتها على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، كما تتواصل المعارك في ولايات غرب وجنوب وشمال كردفان.في إطار الولايات الـ18 في البلاد، لم تعد قوات الدعم السريع تسيطر إلا على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان، بالإضافة إلى بعض المعاقل في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، إلى جانب أربع من ولايات إقليم دارفور (الغربي).بعد معارك الخرطوم، زادت قوات الدعم السريع من هجماتها المكثفة على مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، التي تعاني من حصار شديد منذ العاشر من مايو 2024، على الرغم من أنها لا تزال تحت سيطرة الجيش.تستمر القوات المسلحة الحكومية وحلفاؤها في حماية المدينة، بينما تشير التقارير إلى أن الوضع في مخيمات النازحين التي تأوي ملايين المشردين هناك، ‏كارثيه ‏ومروع.

يؤكد قادة الجيش أنهم لن يتوقفوا حتى يتم طرد قوات الدعم السريع من آخر نقطة في البلاد، بينما أعلن قادة الدعم السريع أنهم جاهزون لتنفيذ هجمات على ولاية نهر النيل في شمال السودان، وهي إحدى الولايات التي لم تتح لها فرصة الحرب كما حدث في ولايات الشرق.يعتقد الخبراء أن الجيش السوداني، على الرغم من النجاحات التي حققها مؤخراً، يواجه تحديات كبيرة وصعوبات ميدانية تعوق إنهاء النزاع بشكل نهائي.

المصدر : وكالة الأناضول

عن مصدر الخبر

وكالات