السودان الان السودان عاجل

السودان تحت وطأة الجوع: المدنيون في فرار بعد عامين من النزاع

مصدر الخبر / راديو دبنقا

أفادت منظمة الهجرة الدولية بأن أكثر من 30 مليون شخص، أي ما يعادل ثلثي سكان السودان، يعانون من حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، ومن بينهم 16 مليون طفل. وفي هذا الإطار، أكدت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو” أن فرص حماية الزراعة، التي تعتبر مصدر الغذاء والدخل لحوالي 80% من السكان، تتقلص بشكل سريع.

في ظل هذه الظروف الصعبة، عبر حوالي 3.8 مليون لاجئ من السودان إلى الدول المجاورة، مما أدى إلى نشوء أزمة إنسانية كبيرة. يعيش هؤلاء اللاجئون غالبًا في ظروف قاسية، حيث يعانون من نقص حاد في الغذاء والمياه والرعاية الصحية. وتظهر التوقعات الصادرة عن الأمم المتحدة أن العدد قد يرتفع بمليون لاجئ آخر بحلول عام 2025، مما يزيد من تفاقم الوضع الإنساني.

في هذا السياق، دعت منظمة الهجرة الدولية في بيانها الصادر يوم الثلاثاء إلى ضرورة اتخاذ إجراءات دولية عاجلة ومنسقة للتخفيف من حجم المعاناة الإنسانية الكبيرة الناتجة عن الصراع، ولمنع تفاقم عدم الاستقرار في المنطقة بأسرها. إن الحاجة إلى استجابة فعالة وسريعة أصبحت ملحة أكثر من أي وقت مضى، حيث يتطلب الوضع الحالي تضافر الجهود الدولية لمواجهة التحديات المتزايدة.

حافة الهاوية

قالت إيمي بوب، المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة: “لقد وضعت الحرب السودان على حافة الانهيار. فقدت آلاف الأرواح نتيجة للعنف، وتفككت الأسر، وت shattered آمال ملايين الناس في مواجهة المجاعة والمرض والانهيار الاقتصادي الكامل.” وأضافت “حتى في ظل حالات العنف، يسعى الكثير من النازحين للعودة إلى منازلهم، ليكتشفوا الدمار الشامل. السودان بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، وكذلك إلى استثمارات طويلة الأمد لضمان قدرة الناس على العودة بأمان، ومساعدتهم، مع مجتمعاتهم، على التعافي وإعادة بناء حياتهم.”أشار البيان إلى أنه في ظل استمرار حركة النزوح عبر الحدود والظروف الصعبة في الدول المجاورة مثل جنوب السودان وتشاد، يزداد خطر عدم الاستقرار في المنطقة. ودعا إلى ضرورة تطوير استجابة إنسانية تتضمن حلولاً دائمة ومستدامة للعائدين واللاجئين والمجتمعات التي تستضيفهم وكذلك الحكومات.ذكرت المديرة العامة للهجرة الدولية، إيمي بوب، أنه لا يمكن لشعب السودان الاستمرار في الانتظار، ويجب على المجتمع الدولي أن يرسل رسالة واضحة ومتكاملة تؤكد أن شعب السودان ليس مهملًا.

نهب الأسواق وقطع سلاسل الإمداد

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في بيان لها أن الزراعة، التي تعد المصدر الأساسي للغذاء والدخل لنحو 80% من السكان، تواجه الانهيار نتيجة للعنف والنزوح والانهيار الاقتصادي. وأضافت: “ومع اقتراب موسم الجفاف وتوقع هطول أمطار أقل من المعتاد هذا العام، فإن الفرص المتاحة لاحتواء تدهور الزراعة تتضاءل بسرعة.”ذكرت الفاو أن قطاع الزراعة يتعرض لضغوط متزايدة نتيجة استمرار النزاعات التي تعطل مناطق الإنتاج. وقد أجبر العديد من المزارعين على مغادرة أراضيهم، مما يعرض سبل عيش المجتمعات الريفية للخطر ويشكل تهديدًا كبيرًا للأمن الغذائي. وأشارت إلى أن أكثر من نصف سكان السودان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، في حين يواجه الملايين في الخرطوم وكردفان ودارفور خطر المجاعة.ذكرت الفاو أن الأزمة في السودان لا تتعلق فقط بنقص الغذاء، بل تشمل أيضًا صعوبة الوصول إلى الخدمات بسبب نهب الأسواق وتقطع سلاسل الإمداد وانعدام الأمن على الطرق. وأكدت أن البذور والأسمدة والوقود أصبح الوصول إليها صعبًا بعد الارتفاع الحاد في أسعارها، حيث “يواجه العديد من العائلات صعوبة في الحصول على ما تحتاجه للبقاء على قيد الحياة أو تحمل تكلفته”.

قطاع الثروة الحيوانية يتهاوي

حسب منظمة الفاو، يتواجد الغذاء في الأسواق بالمناطق الآمنة، كما توجد وفرة نسبية في المحاصيل بالمناطق المتأثرة بالنزاع أو التي تشهد صراعات، ولكن الارتفاع في أسعارها جعل معظم الأسر غير قادرة على تحمل تكاليف شراء الطعام.قدمت منظمة الفاو في العام الماضي نحو 5,300 طن من البذور لـ 2.8 مليون شخص بهدف دعم إنتاج الغذاء وتحقيق الدخل. كما قامت بتطعيم 2.8 مليون حيوان، وتوزيع 8,300 رأس من الماعز و830 طنًا من الأعلاف واللقاحات للأسر التي تربي الماشية.وصفت منظمة الفاو هذا الدعم بأنه “لا يتجاوز مجرد لمسة خفيفة لما هو مطلوب”، مشيرة إلى أنه بدون دعم موسع، ستفقد العديد من الأسر محاصيلها وحيواناتها وقدرتها على إطعام نفسها. وأكدت الفاو أن قطاع الثروة الحيوانية يعاني من ضغوط كبيرة، حيث أسفر تدمير صناعة اللقاحات وسلاسل التوريد البيطرية عن تعرض ملايين الحيوانات للأمراض.

ما بعد حدود السودان

نشرت موقع (آول آفريكا) الإخباري المتخصص في الشؤون الأفريقية تقريراً حول الحرب في السودان التي أكملت عامها الثاني في يوم الثلاثاء 15 أبريل 2025. وأشارت إلى أن تأثيرات هذا الصراع لم تقتصر على الداخل فحسب، بل انتشرت أيضاً إلى الدول المجاورة. ولفت التقرير إلى تصاعد النزاع بين القوات الحكومية وقوات الدعم السريع، مما زاد من تفاقم الأزمات القائمة على الصعيدين الداخلي والخارجي. كما نوه بما ذكره المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، فيليبو غراندي، في فبراير الماضي، حيث أشار إلى أن ثلث سكان السودان أصبحوا نازحين، وأن آثار هذه الحرب الوحشية وغير المبررة تمتد إلى ما هو أبعد من حدود السودان.

أوضاع شديدة الهشاشة

وأشار الموقع إلى أن حوالي 3.8 مليون لاجئ قد عبروا الحدود إلى الدول المجاورة للسودان، مما أدى إلى حدوث أزمة إنسانية كبيرة، حيث إنهم غالباً ما يتواجدون في أوضاع بالغة الهشاشة ويعانون من نقص في الغذاء والماء والرعاية الصحية. وتوقعات الأمم المتحدة تشير إلى أنه من المتوقع أن يرتفع هذا العدد بمليون لاجئ آخر بحلول عام 2025.كانت الدول المجاورة للسودان تعاني من ضغوط كبيرة نتيجة موجات النزوح السابقة قبل اندلاع الحرب الحالية في أبريل 2023، خصوصًا مع استمرار الأزمات منذ النزاع في دارفور عام 2003.تستقبل هذه الدول أعدادًا كبيرة من اللاجئين والنازحين داخليًا، كما تواجه برامجها الإنسانية نقصًا حادًا في التمويل. علاوة على ذلك، فإن الفارين من السودان يصلون إلى مناطق نائية يصعب الوصول إليها. وأفاد التقرير أن تشاد ومصر تعدان من أكثر الدول استقبالا للاجئين، حيث تستضيف مصر حوالي 600 ألف سوداني، بينما تم تسجيل أكثر من 700 ألف في تشاد (وقدرت الحكومة التشادية أن هذا العدد قد يقترب من المليون بحلول نهاية عام 2025).

صعوبة تقديم الخدمات الأساسية

أشار الموقع إلى أن الدول المجاورة تواجه صعوبة في تلبية الطلب المتزايد على الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم. ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أدى تدفق اللاجئين إلى إرباك المرافق الصحية في تشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان، حيث يوجد نقص كبير في الأدوية والموارد والعاملين في المجال الطبي. كما أن عدم وضوح حجم الدعم المالي من المانحين هذا العام زاد من حالة الغموض. على سبيل المثال، اضطرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى تعليق جميع العلاجات الطبية للاجئين الذين دخلوا مصر من السودان، بما في ذلك العمليات الجراحية للسرطان والقلب وعلاجات الأمراض المزمنة، مما أثر على حوالي 20 ألف مريض.

عاصفة كاملة

وحذرت منظمة الصحة العالمية العام الماضي من أن الوضع في السودان يوشك على أن يتحول إلى “عاصفة كاملة” نتيجة انهيار نظام الرعاية الصحية، والاكتظاظ السكاني في مناطق مزدحمة تفتقر إلى المياه النظيفة والصرف الصحي والغذاء والخدمات الأساسية.أدى تدهور البنية التحتية الصحية في السودان إلى زيادة انتشار الأمراض وانتقالها إلى الدول المجاورة، وخصوصاً في مناطق اللاجئين الذين يكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض نتيجة الانخفاض الكبير في معدلات التطعيم في السودان. وقد سجل الشركاء في العمل الإنساني ارتفاعاً في حالات المرض وقلقاً من تفشيها، خاصة في المناطق الحدودية ومراكز الإيواء.

انعدام الأمن

واصل التقرير توثيق معاناة الدول المجاورة للسودان، مشيراً إلى أن مصر وليبيا وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا وجمهورية أفريقيا الوسطى كانت تعاني من أزمات داخلية مثل النزاعات والفقر والأمراض، قبل بداية الحرب في السودان.أدى النزاع في السودان إلى تفاقم العنف وعدم الاستقرار في المناطق الحدودية، حيث تم الإبلاغ عن حدوث اشتباكات عبر الحدود. وفي تشاد، تزايدت كمية الأسلحة ووجود الجماعات المسلحة، مما زاد من مستوى العنف. كما أفيد أن جماعة مسلحة من جنوب السودان قد تحالفت مع قوات الدعم السريع داخل السودان.

العنف الجنسي

أفاد الموقع أن العنف الجنسي يُستخدم كأداة في هذا النزاع، مما يعرض ملايين الأطفال للخطر. هذا الواقع المرير يدفع العديد من النساء والفتيات للهرب من منازلهن، ليتعرضن بعد ذلك لمزيد من المخاطر أثناء نزوحهن الداخلي أو عبورهن الحدود، في ظل الحاجة الماسة إلى خدمات الرعاية الصحية والدعم النفسي. وقد ذكرت منظمة اليونيسيف في مارس أن الفتيات غالبًا ما ينتهين في مواقع نزوح غير رسمية يفتقرون فيها للموارد، مما يزيد من خطر التعرض للعنف الجنسي. ومن بين حالات الاغتصاب المسجلة للأطفال، كانت 66% منها لفتيات.أما الشباب، فهم يتعرضون لصعوبات خاصة تتعلق بالوصمة الاجتماعية، مما يجعل من الصعب عليهم الإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية وطلب الدعم.ومن المذهل، كما جاء في التقرير، أن 16 من الضحايا كانوا أقل من خمس سنوات، بينهم 4 أطفال لم تتجاوز أعمارهم السنة.

تعطيل طرق التجارة والفقر

أدى النزاع في السودان إلى تعطيل طرق التجارة والنشاطات الاقتصادية، مما أثر سلبًا على مصادر دخل السكان في الدول المجاورة، مما زاد من حدة الفقر والصعوبات الاقتصادية. ففي إثيوبيا ومصر، أسفرت القيود الحدودية وانعدام الأمن في الممرات التجارية عن ارتفاع تكاليف النقل وانخفاض ملحوظ في النشاط الاقتصادي عبر الحدود، بينما في تشاد وجنوب السودان، أدى التدفق الكبير للاجئين إلى تحويل الموارد بعيدًا عن القطاعات الحيوية في الاقتصاد.

 

عن مصدر الخبر

راديو دبنقا