ثلاثة أشهر مضت على توقيع الرئيس السابق للولايات المتحدة بارك أوباما على قرار رفع العقوبات الجزئي عن السودان .. القرار ينص على منح السودان مدى ستة أشهر، من ثم يمكن أن يصدر قرار يؤكد رفع العقوبات بالكامل.
القرار المشروط جاء بعد انخراط الجانب السوداني في الكثير من التفاهمات على كافة الأصعدة السياسية والدبلوماسية و حتى التجارية، والشاهد أن القطاع الاقتصادي بالبلاد قام بحراك كثيف، خاصة في مجالات الاستثمار المختلفة، كما شهد قطاع المصارف حركة تعتبر معقولة في الفترة السابقة، في سياق التقارب بين السودان وأمريكا، بعد صدور القرار في نهاية حقبة أوباما الرئاسية.
تقرير:اسماء سليمان
الالتزام بالشروط
توقع مراقبون أن تمضي الأمور بسلاسة، إلا أن قرار دونالد ترامب الذي قضى بحظر مواطني سبع دول مسلمة، السودان من بينها من دخول أميريكا لمدة ثلاثة أشهر، قلص تلك الآمال والطموحات.
القرار أثار ردود أفعال واسعة داخل أمريكا وخارجها، واستطاع القضاء الأمريكي تعطيله، إلا أن الرئيس الأميريكي أصدر قراراً لاحقاً أبقى على تلك الدول، واستثنى العراق من قرار المنع .
وزير المالية الأسبق علي محمود توقع أن يشمل السودان بقرار مشابه لجهة أن البلاد التزمت بكافة الاشتراطات السياسية والاقتصادية والانسانية، في مقابل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
واعتبر محمود في حديثه لـ(آخر لحظة) أن التزام كل من حكومات السودان والحركة الشعبية بوقف إطلاق النار، بجانب إطلاق سراح الأسرى من الطرفين، يؤكد التزام السودان بوعوده التي قطعها أمام المجتمع الدولي، مستشهداً بنهايات الحوار الوطني، وتكوين الحكومة الجديدة.
و أضاف محمود إنه مازالت هناك ثلاثة شهور أخرى يمكن أن يحدث فيها الكثير .
*تفاؤل
بدا محمود متفائلاُ بأن يتم رفع نهائي للعقوبات، وإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، وأعرب محمود عن عدم قلقه من قرارات ترامب المفاجئة، بإعتبار أن الولايات المتحدة بلد لا يحكمها رجل واحد، وإنما هي دولة مؤسسات، وأن القرارات التشريعية فيها تصدر من الكونغرس الذي بدا بإنتهاج سياسات جديدة تجاه السودان مغايرة للسابقة.
وأشار إلى أن الصراع الحالي بين البيت الابيض والكونغرس يمكن أن يكون في مصلحة السودان، و من جهة أخرى يرى الرجل أن التمدد الصيني في القارة الإفريقية يزاحم الولايات المتحدة في مصالحها الاقتصادية حول العالم، متوقعا تطبيع القرارات السياسية بما يتماشى مع المصالح الاقتصادية.
*شراء الوقت
تحركات وزارة الاستثمار والبنك الدولي الأخيرة فيما يخدم قضايا الاستثمار بالبلاد وتقديم العون الفني إعتبرها السفير السابق الرشيد أبو شامة بغرض الاستفادة من الوقت المتاح بغية تحقيق أهداف اقتصادية تصب في مصلحة البلاد.
ورأى في الوقت ذاته أن الخطوة ليس لها إرتباط مباشر في دفع قرار رفع الحظر النهائي إلى الأمام، وشدد أبو شامة على تركيز الحكومة في المضي قدماً في طريق الإلتزام بالشروط المحددة .
واستبشر بمواقف الرئيس البشير حول العفو عن بعض المحكوم عليهم بالإعدام، واطلاق سراح الجاسوس التشيكي، متوقعاً أن يصدر قراراً يقضي بالعفو عن قيسيسى جبال النوبة، بجانب موافقة الحكومة بتوصيل الإغاثة للحركة الشعبية قطاع الشمال بعد تدخل الجانب الأميريكي، وطرحه حلاً وسطاً يقضي بتوصيل (20%) من الإغاثات الأميريكية من خلال السودان، ومن ثم إلى كاودا.
ونبّه أبو شامة إلى وجود جهات داخل أمريكا تقف ضد السودان، و ضد قرار رفع الحظر المنتظر، وقال إن هناك مراقبين امريكيين يسعون لاقتناص أقل الأخطاء، لمنع الخطوة .
شهران وبضعة أيام، تفصلنا عن اللحظة الحاسمة التي ينتظرها الشارع السوداني. ويظل السودانيون بكل مكوناتهم وأطيافهم في حالة ترقب وحذر.. هل تنجح الحكومة في امتحان رفع العقوبات، الذي دام لأكثر من عشرين عاماً، أم تعود البلاد للمربع الأول؟
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة آخر لحظة