السودان الان

(أصداء الرباعي) الأوساط المصرية تستقبل نتائج اجتماعات اللجنة السياسية والأمنية بين السودان ومصر بترحاب كبير وأمنيات بأن تكون الرؤية الجديدة استراتيجية وليست للتهدئة

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

القاهرة ـ صباح موسى
قوبلت نتائج اجتماعات اللجنة الرباعية بين السودان ومصر أمس الأول (الخميس) بترحاب كبير في الأوساط المصرية الرسمية والشعبية، واعتبرها مراقبون خطوة كبيرة على طريق تأسيس العلاقات الثنائية بشكل مختلف هذه المرة، وفور أن انتهت الاجتماعات والتي طالبت الإعلاميين بالبلدين بالعمل من أجل تنمية هذه العلاقات وتطويرها والبعد كل البعد عن إثارتها وانتكاستها مرة أخرى أعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ونقابة الصحفيين المصريين استعدادهما لتوقيع بروتوكول تعاون مع الدكتور أحمد بلال عثمان وزير الإعلام والصادق الرزيقي نقيب الصحفيين الأسبوع الجاري، ذلك للتأكيد على العلاقات التاريخية بين البلدين، بالإضافة إلى تقريب وجهات النظر والتأكيد على أن السودان دولة شقيقة، فيما أعلنت لجنة الإعلام بالبرلمان المصري دعمها للتحرك الذي تقوم به نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للإعلام.
لقاء مرتقب
وأعلن مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المصري عن لقاء مرتقب بينه وبين بلال والرزيقي بحضور عبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين المصريين، لتوقيع برتوكول تعاون يتعلق بالمسار الإعلامى بين الدولتين والتعاون بين النقابتين والحديث عن العلاقات المصرية السودانية، مضيفا أنه سيتم وضع ميثاق الشرف الإعلامي من قبل نقابتى الصحفيين في البلدين، بحضور وفد من النقابتين، متابعا: الميثاق سيكون جزءا من ميثاق عربي مشترك يتعلق بالعلاقة بين الدولتين، وعلاقة الصحافة العربية بالنظم العربية، وذكر مكرم أنه من المقرر أن يتم توقيع البرتوكوول بمقر المجلس فى ماسبيرو نهاية هذا الأسبوع .
تصحيح المسار
من جهته أكد عبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين المصريين أنه سيوقع بروتوكوول تعاون مع بلال والرزيقي لتصحيح المسار الإعلامي بين الدولتين، مضيفا: نحن مع التهدئة، والشعب السوداني شعب شقيق والدولة السودانية دولة شقيقة، ويجب علينا كصحفيين أن نقوم بدور التقريب لا التباعد، حتى لو حدث خلافا بين قيادتي الدولتين يجب ألا ننزلق نحو الخلاف لأن مصير الشعب المصري والسوداني مشترك، وشدد سلامة على ضرورة أن يكون بروتوكول التعاون وميثاق الشرف بين مصرو السودان دائم وأن يتم التعاون بشكل مستمر، متابعا ننسق الآن لزيارة للسودان قريبا بعد استقبالهم فى مصر، وسندعو بلال والرزيقي للقاء فى النقابة نهاية هذا الأسبوع القادم.
حلقة وصل
وقال نادر مصطفى أمين سر لجنة الإعلام بالبرلمان المصري، إن اللجنة داعمة لبروتوكول التعاون وميثاق الشرف بين مصر والسودان، مطالبا بأن يتم ذلك مع دول أخرى، لأنه يعد استكمالا لمسيرة مصر وعلاقاتها الطيبة مع باقي الدول، مضيفا: هذا البروتوكول الإعلامي سيكون بمثابة حلقة الوصل بين مصر والسودان، والتأكيد على العلاقات التاريخية بين البلدين فى كثير من المجالات، وأنه سيكون حائط الصد لما يحاك من مؤامرات تقوم بها جماعات الشر لإحداث الفتنة بين الدولتين وعلاقاتها، وتابع: البروتوكول الإعلامي يعد استكمالا لما تقوم به القيادة السياسية من بناء العلاقات القوية بين مصر والسودان، وسيكون نواة طيبة لوأد الفتن بين الدولتين، وتقريب وجهات النظر بينهما، لافتا لأن المؤسسات كلها تعمل على هذا الإطار والتأكيد على أن السودان دولة شقيقة، ولا يقبل لأحد المساس بالعلاقات الطيبة والتاريخية بين البلدين .
مناخ إيجابي
وبات واضحا أن اللقاء الرباعي قد خلق مناخا إيجابيا خيم على أجواء العلاقة بين البلدين، واعتبره محللون سياسيون خطوة جديدة لبناء الثقة وإعادة الأمور إلى هدوئها بعد مرحلة انفجار كانت قوية هذه المرة، نتيجة تراكمات كثيرة على فترات قريبة ومتباعدة، كما يمثل هذا الاجتماع بداية لحسن النوايا في بناء علاقات مبنية على أساس سليم، على عكس ما يتصور البعض بأنه جاء لحل كل المشاكل دفعة واحدة، فهناك مشاكل كبيرة ومعقدة وتحتاج إلى منهج وزمن طويل للحل، كما أنه يمثل بالونة اختبار حقيقية لاختبار حسن هذه النوايا، فهل ما تم التوصل إليه سيرى طريقه للحل الفعلي على الأرض أم أنه مجرد تكرار للقاءات كثيرة بين مسؤولي البلدين ينتهي بمجرد ابتسامات اللقاء وأحضان الوداع؟!
وقفة مطلوبة
راشد عبد الرحيم المستشار الإعلامي للسفارة السودانية بالقاهرة من جانبه رأى أن التحول في العلاقات بدأ مع قرار السودان بسحب السفير عبد المحمود، وقال عبد الرحيم لـ (اليوم التالي) إنها كانت خطوة كبيرة للتعبير عن وضع العلاقات وما وصلت إليه، وأعقبتها خطوة ثانية أخرى كبيرة أيضا بزيارة الرئيس السيسي للرئيس البشير في مقر إقامته بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا على هامش اجتماعات القمة الأفريقية، وناقش الرئيسان الأمور بشفافية ووضوح بشكل قوي، لافتا إلى أن ذلك كان مؤشرا لأن العلاقات كانت تحتاج إلى وقفة، وقال: لذلك كانت وقفة السودان مطلوبة واستجابة مصر مفهومة، مؤكدا أن هذه الوقفة بدأت معها مرحلة وأسس وقواعد جديدة للمضي قدما للأمام، ونتج عنها تشكيل اللجنة الرباعية وهي مكلفة بعمل محدد في زمن محدد وسترفع ما تصل إليه في تقرير للرئيسين، وتابع: اللجنة اجتمعت وناقشت أكثر من 16 قضية ووضعت فيها منهجا وإطارا للحل وكانت شفافة وصريحة وطرح كل طرف ما لديه من هموم، وكان هناك استعداد للحل والعمل سويا خلال فترة تكليف الرئيسين للجنة في مدة شهر، يتبقى منها حوالي أسبوعين حتى الآن، موضحا أن المداولات في الاجتماعات كانت مبشرة وكانت بها مناقشات صريحة وواضحة واستعداد للوصول إلى توافق سواء في اجتماع وزيري الخارجية أو اجتماع مديري أجهزة الأمن والمخابرات، مبينا أن الطرفين اتفقا على تكثيف الاتصالات بينهما حتى نهاية فترة تكليف اللجنة، والعمل سويا حتى تكتمل المهمة في الوقت المحدد لها، وختم عبد الرحيم حديثه أن هذه الاجتماعات قد تكون بداية لتحول في العلاقات، وقال: وصلنا إلى نقطة كان لابد أن يحدث بعدها تغير وتقدم، ونخن نريد هذا التقدم ولابد أن يكون حقيقيا.
رغبة حقيقية
وقال خالد محمد علي الكاتب والمحلل السياسي والمتخصص في الشأن السوداني لـ(اليوم التالي): نتمنى أن تكون هناك رغبة حقيقية لا تفرضها الظروف، وأن تكون الرغبة استراتيجية وألا تكون مجرد تهدئة لما وصلت إليه العلاقات بين البلدين، مضيفا: نحن كمتخصصين نريد رؤية استراتيجية للعلاقات وألا تؤثر فيها مجرد حملات إعلامية، مشيرا لأن اللقاء الرباعي لو توفرت فيه الرؤية الحقيقية المبنية على المصارحة، بعدها كل الملفات يمكن التوصل فيها لحلول بسهولة، لافتا إلى أن الخلافات يجب أن تكون على المصالح وليس على علاقات أي دولة بدولة أخرى، وقال إن القضيتين الأساسيتين هما في حلايب وسد النهضة أما في ما يخض القضايا الأخرى فهي مجرد إفرازات من السهل حلها، مضيفا: لو نجحنا في حل هاتين القضيتين فكل الملفات الأخرى ستحل تلقائيا بما فيها الحملات الإعلامية، وقال إن هناك هواجس أمنية أيضا لدى الطرفين، ووجود مديري المخابرات في هذه اللجنة يمكنه أن يزيل هذه الهواجس فليس من مصلحة دولة مساعدة الإرهاب ضد الأخرى ولا مساعدة الحركات المتمرة ضدها، معربا عن أمله أن يكون اللقاء الرباعي مختلفا وأن يكون ما تم الاتفاق به أكثر مما هو معلن، معتبرا أن الاجتماع كان مفيدا ومبشرا جدا، وطالب كل المستويات الأخرى في البلدين للعمل معا بنفس الدرجة، وقال: المشكلة في صغار الموظفين يمكن أن يفسدوا ما وصل إليه الكبار، فيمكن أن تفسد معاملة موظف في مطار أو معبر ما توصلنا إليه، وتوقع أن يعود السفير عبد المحمود قريبا جدا، وقال إن السودان ربما كانت لديه مرارات من هجمة إعلامية من بعض الإعلاميين المصريين غير المتخصصين وغير الواعين بأهمية هذه العلاقة وربما احتاج لبعض الوقت حتى يطمئن لأن الأمور ستسير بالشكل المطلوب.
ويبقى أن اجتماعات اللجنة انتهت بين البلدين وما على المراقبين إلا الانتظار لمراقبة ما تم التوصل إليه على أرض الواقع، ويظل الاختبار مطلوبا لسوابق الاجتماعات والاتفاقات بين مسؤولي البلدين، صحيح أن هناك تفاؤلا كبيرا هذه المرة، إلا أن ماضي العلاقات يجعل هذا التفاؤل حذرا حتى تكتمل مهمة تكليف الرئيسين البشير والسيسي بنجاح، كما تظل التحذيرات دائمة من فرض حلول وعقد اجتماعات لمجرد تهدئة الأمور بين البلدين وليس تعبيرا عن رؤية استراتيجية ونية صادقة لتطور العلاقات، ستكون عواقب الأمور وخيمة جدا هذه المرة بقدر إعلان حسن النواية الذي تم الترويج له بعد أزمة كانت عميقة وكبيرة جدا، وصلت إلى حد سحب السفير السوداني في القاهرة في خطوة ربما لم تشهد العلاقات مثيلاتها في الماضي القريب.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي