الخرطوم – مهند عبادي
دخلت القوى السياسية التي شاركت في الحوار الوطني، في اجتماعات وصفت بأنها (سرية) لمناقشة ثلاث قضايا رئيسة، حيث تشتكي بعض الأحزاب المشاركة في حكومة الوفاق الوطني، من بطء تنفيذ توصيات الحوار التي يتجاوز عددها الـ)800) توصية، كما بحثت قضية وضع الدستور، وتكوين مفوضية جديدة للانتخابات فضلاً عن مناقشة مفوضية لتسجيل الأحزاب، فيما تأمل هذه الأحزاب، الدفع بمقترحات حول القضايا الثلاث للتفاهم حولها خلال هذا العام، وذلك استعداداً للانتخابات المقبلة والمقررة في 2020.
(1)
وكان الفريق أول ركن بكري حسن صالح النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء القومي قد ترأس الأحد الماضي الاجتماع الخامس للجنة العليا لمتابعة مطلوبات الوفاق وإنفاذ مخرجات الحوار الوطني مؤكدا التزام الدولة بتنفيذ كل توصيات الحوار، وقال جمال محمود وزير الدولة بمجلس الوزراء ومقرر اللجنة العليا في تصريحات صحفية إن الاجتماع استمع إلى تقارير حول أداء القطاعات الوزارية واللجان المختصة، وأضاف أن اللجنة المعنية بإنزال توصيات الحوار على مستوى الولايات قامت بزيارات ميدانية شملت 10 ولايات وقفت من خلالها على تكوين اللجان وعلى ما تم الاتفاق عليه بين اللجنة العليا واللجان الولائية بشأن تنفيذ توصيات الحوار، وقال إن الاجتماع استمع أيضا إلى لجنة التشريع وهي لجنة تعنى بتنفيذ 108 توصيات وقد أجاز الاجتماع مشروع تعديلات متنوعة توطئة لعرضها أمام جلسة مجلس الوزراء حتى تتم إجازتها وأوضح جمال محمود أن الاجتماع استمع الى تقرير من لجنة السياسات العامة وهي لجنة عملت على مواءمة 391 توصية من توصيات الحوار الوطني مع وثيقة الدولة للسياسات العامة والتي أجازها الاجتماع توطئة لعرضها أمام مجلس الوزراء في جلسة تخصص لها وذلك لإجازتها حتى تصبح ملزمة لكل الوزارات لتستمد منها خططها وبرامجها واستراتيجياتها
“52 %” نسبة التنفيذ
وكان مجلس أحزاب الوحدة الوطنية قد أكد على لسان أمينه العام عبود جابر أن نسبة تطبيق وإنزال مخرجات وتوصيات الحوار بلغت أكثر من (52 %) على الأرض الأمر الذي يطمئن المواطنين بشأن حاضر ومستقبل البلاد. وشدد على أهمية مواصلة عملية إنفاذ المخرجات بالصورة التي تمضي الآن في حكومة الوفاقن وتوقع جابر ازدياد وتيرة عملية إنزال المخرجات والتوصيات المستقبلية التي تمكن من بلوغ الأهداف الكلية في وقت وجيز حتى ينعم الناس بالخدمات المطلوبة، ورأى أن هناك أدوارا مطلوبة من قوى الحوار الموقعة على الوثيقة الوطنية لتقوية الجبهة الداخلية لتجاوز التحديات الماثلة ومنع التكالب الخارجي. وطالب الدولة بالمضي قدما في تهيئة البيئة السياسية وإتاحة المجال لإنزال المستحقات الدستورية والقانونية والعمل جنبا إلى جنب لتوحيد الجهود وتعزيز عملية التضامن السياسي لخلق جبهة حزبية موحدة تقود إلى التحول الديمقراطي “النظيف” بحسب قوله ـ والهادف لرد الهجمة الخارجية والاستعداد لبناء شراكات وطنية ذكية قادرة على تجاوز التحديات الداخلية والخارجية. ودعا جابر القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع والدولة الي إحداث حراك قوي للاستفادة من موارد البلاد وتحريك عجلة الاقتصاد لبلوغ الغايات التي أكدها الحوار الوطني وأمن عليها المواطنون وعلقوا عليها طموحاتهم في تحقيق السلام والتنمية وتجاوز الصعاب.
(2)
يذكر أن الحوار الوطني قد انتهى إلى التوقيع على وثيقة أجمع فيها المتحاورون واتفقوا على كيفية حكم البلاد، وتوافقوا بالإجماع على تسعمائة وإحدى وثمانين توصية من جملة (994) وتمت تسوية مقبولة لكل الأطراف في التوصيات الخلافية واشتملت تلك التوصيات على أهم مبادئ النظام الديمقراطي التعددي الفيدرالي، مثل الحريات العامة وحماية حقوق الإنسان وفصل السلطات وتبنِّي النظام الرئاسي المختلط ومحاربة الفساد والاحتكار وعدم تدخل الدولة في التجارة والاستثمار، ورفض الميليشيات المسلحة خارج القوات النظامية، وتقديم خدمات الصحة والتعليم والمياه مجانًا لكافة المواطنين.
وقد ظهرت إرهاصات مشكلات التنفيذ في التعديلات الدستورية المحدودة التي رفعها الرئيس للبرلمان لإجازتها دون عرضها على اللجنة التنسيقية العليا، وهي: تكوين حكومة الوفاق الوطني، وزيادة أعضاء البرلمان بالتعيين، وفصل منصب النائب العام من وزارة العدل، واستحداث منصب رئيس وزراء وصلاحياته. واحتج المؤتمر الشعبي بقوة على تجاهل التوصيات المتعلقة بالحريات وهدد بالانسحاب من الحوار مما اضطر الرئيس لأن يرفع تلك التوصيات للبرلمان في ما بعد. وسبق أن ظهرت إشكالات حول تكوين حكومة الوفاق لأن الأحزاب والحركات المسلحة كثيرة وغير معروفة لعامة المواطنين وكلها تطمح للمشاركة في السلطة. واضطر الحزب الحاكم لأن يقترح معايير معينة، لا تخلو من تشدد، للمشاركة في الحكومة لا تنطبق على معظم الأحزاب والحركات التي شاركت في الحوار مما دفع هؤلاء لرفض تلك المعايير جملة وتفصيلًا.
(3)
يرى مراقبون أن البطء الذي يصاحب عملية تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الهدف الأساسي منه أن المؤتمر الوطني رغب في ترجيح كفة تنفيذ جزء من هذه المخرجات وليست كلها، وبمعنى آخر التزام الحزب الرئيسي (الوطني) بأجزاء من مقررات الحوار الوطني وترك أجزاء أخرى مستفيدا من دعم المجتمع الدولي لهذا السيناريو مدعوماً بمخاوفه من تكرار تجربة اليمن وليبيا وسيناريو دولة الجنوب كل ذلك مدعوماً برغبة المجتمع الدولي في الاستفادة من السودان في مكافحة الهجرة وتهريب البشر، خصوصا بعد التطورات الجديد في دولة إثيوبيا.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي