الخرطوم – (اليوم التالي)
في أول تعليق سوداني على التغييرات السياسية المفاجئة في الجارة إثيوبيا، قالت وزارة الخارجية إنها تثق في قدرة الحكومة الإثيوبية على تجاوز الأزمة السياسية الحالية، وأشارت إلى أن إثيوبيا قادرة على إحداث تحول سياسي مرن بعد استقالة رئيس الوزراء ديسالين، في وقت أعلنت القاهرة أنها تدرك الظروف التي دفعت أديس أبابا لطلب تأجيل الاجتماع الوزاري المرتقب حول سد النهضة الإثيوبي، لكنها دعت إلى التحرك العاجل للتوصل لحلول تحفظ مصالح الجميع وتحسم الخلافات الفنية القائمة، فيما يرى مراقبون تبايناً في تقديرات السودان ومصر إزاء ما يجري في أديس أبابا، ما يثير المخاوف من عودة الخلافات من جديد بين البلدان الثلاثة حول قضية مياه النيل.
(1)
يقول المتحدث باسم وزارة الخارجية السوداني، قريب الله خضر، إن حكومته تساند “بكل صلابة” إثيوبيا بما يحفظ شعبها، وأضاف أن حكومة بلاده تثق في حكمة القيادة الإثيوبية وقدرتها على تحقيق “انتقال سلس”.
وأعلنت الخارجية في بيان، السبت، أن التطورات المتعلقة باستقالة رئيس الوزراء الإثيوبي، أدت إلى تأجيل الاجتماعات إلى حين انتخاب بديل له، دون تحديد موعد.
واللقاء الذي تم تأجيله كان متفقاً عليه بحسب القمة الثلاثية التي جمعت رؤساء (السودان، وإثيوبيا ومصر) في أديس أبابا، على هامش القمة الأفريقية الأخيرة الشهر الماضي، بهدف “تحريك الجمود الذي اعترى المسار الفني للتفاوض حول سد النهضة منذ نوفمبر الماضي”.
(2)
تقول القاهرة، إنها تدرك الظروف التي دفعت أديس أبابا لطلب تأجيل الاجتماع الوزاري المرتقب حول سد النهضة الإثيوبي، مطالبة بالتحرك العاجل للتوصل لحلول تحفظ مصالح الجميع وتحسم الخلافات الفنية القائمة.
وجاء في بيان للخارجية: إنه تعقيبا على قرار السودان استنادا لطلب من إثيوبيا، بـ”تأجيل الاجتماع الوزاري الثلاثي الخاص بسد النهضة الذي كان مقررا 24 و25 الجاري بالخرطوم، بمشاركة وزراء الخارجية والمياه ورؤساء أجهزة الاستخبارات في الدول الثلاث”.
وقال المتحدث باسم الخارجية، أحمد أبوزيد، إن بلاده “تلقت بالفعل الإخطار المشار إليه من الجانب السوداني، وتدرك الظروف التي ربما قد دفعت إثيوبيا لطلب تأجيل الاجتماع، والتي نأمل أن تزول في أقرب فرصة”، في إشارة لاستقالة رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ديسالين الخميس.
واستدرك أبو زيد: “إلا أن مصر تتطلع لأن يتم الالتزام بالإطار الزمني الذي حدده القادة لحسم الخلافات الفنية القائمة”، دون تفاصيل.
وأعلنت القاهرة تجميد مفاوضات سد النهضة، في نوفمبر 2017، لرفضها تعديلات أديس أبابا والخرطوم على دراسات المكتب الاستشاري الفرنسي حول أعمال ملء السد وتشغيله.
وتتخوّف القاهرة من تأثير سلبي محتمل للسد على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل (55.5 مليار متر مكعب)، مصدر المياه الرئيسي للبلاد.
فيما تقول أديس أبابا إنها بحاجة ماسّة للسد، لتوليد الطاقة الكهربائية، وتؤكد أنه لن يمثل ضررًا على دولتي مصب النيل، السودان ومصر.
(3)
ونقلت وكالة الأنباء الروسية (سبوتنيك) عن أستاذ العلوم السياسية، بجامعة “النيلين”، حسن الساعوري، إن استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين، لن تغير في مجرى العلاقات بين البلدين ما دام الحزب الحاكم باقيا في السلطة.
وذكر في مقابلة مع الوكالة، أمس (الأحد)، أن “العلاقات السودانية الإثيوبية ظلت علاقة حسنة طيلة العشر السنوات الماضية ووصلت لدرجة ممتازة بالتوافق على بناء سد النهضة”، مشيرا إلى أنه خلال هذه السنوات مات رئيس الوزراء السابق ميليس زيناوي، ولم يحدث أي تغيير في مسار هذه العلاقات في عهد خلفه هايلي ميريام ديسالين، لأن حزب “الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية” الحاكم في إثيوبيا، هو صاحب القرار في السياسات العامة وليس رئيس الوزراء.
ورأى الساعوري أن ديسالين أراد باستقالته من رئاسة الوزراء ومن أمانة الحزب الحاكم، أن يكون جزءا من حل الأزمة السياسية في البلاد، وهو بعيد عن أي مناصب، لافتا إلى وجود أزمة سياسية “حقيقية” في إثيوبيا.
وأوضح أن “الأزمة في إثيوبيا مركبة ولا تخص موضوع التنمية فقط، لافتا إلى احتجاجات متواصلة من جانب أبناء قومية “الأرومو”، التي تمثل نسبة 40 في المئة من عدد سكان إثيوبيا، وهم يعتقدون أن تمثيلهم في السلطة لا يتناسب مع ثقلهم السكاني، مقارنة بباقي القوميات في البلاد التي تترواح ما بين 25 في المئة وأخرى 15 في المئة، فيما أشار إلى أن قضية “الأرومو تتسم بتعقيد إضافي كون أبناء هذه القومية يدينون بالإسلام”.
وأشار الساعوري إلى أن استقالة ديسالين جاءت بعد تخوفه من أن يتحول التمرد الشعبي لقومية الأرومو إلى تمرد عسكري، معربا عن اعتقاده بأن الحكومة السودانية إذا شعرت بتهديد على أمنها واستقرارها، فلابد أن تتدخل لعمل توازن، وغالبا هذا التوازن سيكون لمصلحة الحزب الحاكم في إثيوبيا”.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي