الخرطوم – بهرام عبد المنعم
عندما عرضت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة خارطة لعرض تقريري نداء حقوق الإنسان وحقوق المرأة في أفريقيا 2017، فات عليها أن الخارطة لم تضم منطقة حلايب إلى السودان.
وسرعان ما أرسلت بعثة السودان في الأمم المتحدة في 13 مارس الماضي احتجاجًا رسميًا على استخدام تقريرين للمفوضية لخرائط تضم مثلث حلايب إلى دولة مصر.
وقالت الحكومة، الجمعة، إن “المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تقدمت باعتذار لها عن استخدامها خارطة لعرض تقريري نداء حقوق الإنسان وحقوق المرأة في أفريقيا 2017، لم يضما منطقة حلايب إلى السودان”، حسب ما أورده المركز السوداني للخدمات الصحفية.
وجاء في خطاب الاعتذار، “يتقدم مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان باعتذاره للبعثة الدائمة لجمهورية السودان والمنظمات الدولية الأخرى بجنيف، عن خطأ تمثيل السودان في خارطة استخدمت في تقريري نداء حقوق الإنسان وحقوق المرأة في أفريقيا”.
وأوضح المركز أن “المفوضية اتخذت خطوات للتصحيح وإعادة نشر طبعة جديدة من تقرير نداء حقوق الإنسان 2017 وحقوق المرأة في أفريقيا على موقعها الإلكتروني في وقت قريب (لم تحدده)، يتضمن تبعية مثلث حلايب للسودان”.
وأعلن السودان في 20 مارس الماضي عن تكوين لجنة تضم كافة الجهات ذات الصلة، لحسم قضية منطقة مثلث حلايب وأبو رماد وشلاتين الحدودية، و(إخراج) المصريين منها بالطرق الدبلوماسية.
وأضاف رئيس اللجنة الفنية لترسيم الحدود بالسودان، عبد الله الصادق، آنذاك أن “اللجنة عقدت اجتماعاً (لم يحدد تاريخه) تمهيدياً لوضع موجهات (محددات) العمل، ووضع خارطة طريق بشأن المنطقة، وكيفية إخراج المصريين منها عبر الدبلوماسية”.
وأضاف الصادق أن “السودان لديه وثائق تثبت بجلاء سودانية حلايب، التي تبلغ مساحتها قرابة (22) ألف كيلومتر مربع”، وتطل على ساحل البحر الأحمر.
وجدد السودان، في يناير الماضي، شكواه لدى مجلس الأمن الدولي بشأن الحدود مع مصر وتبعية (مثلث حلايب للسودان).
وفي أبريل الماضي، رفضت القاهرة طلب الخرطوم التفاوض المباشر حول منطقة (حلايب وشلاتين)، المتنازع عليها بين البلدين منذ عقود، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي، الذي يتطلب موافقة الدولتين المتنازعتين.
ورغم نزاع الجارتين على هذه المنطقة، منذ استقلال السودان في 1956، إلا أنها كانت مفتوحة أمام حركة التجارة والأفراد من البلدين دون قيود حتى عام 1995، حين دخلها الجيش المصري وأحكم سيطرته عليها.
وإضافة إلى الخلاف بشأن تبعية المثلث الحدودي، تسود بين الخرطوم والقاهرة أزمة مكتومة منذ أن أطاح الجيش المصري، عندما كان الرئيس عبد الفتاح السيسي وزيراً للدفاع، بمحمد مرسي.
وتردد وسائل إعلام مصرية، وهو ما نفته الخرطوم مرارًا، أن السودان استقبل عددًا من قيادات جماعة الإخوان، التي تعتبر، ضمن قطاع من المصريين، أن الإطاحة بمرسي بعد عام من ولايته الرئاسية تمثل انقلابًا عسكريًا، بينما يعتبرها قطاع آخر من المصريين “ثورة شعبية على حكم الإخوان استجاب لها الجيش”.
وفي مقابلة مع قناة (العربية)، بثتها يوم 5 فبراير الماضي، وصف البشير العلاقة مع السيسي بـ(المتميزة)، لكنه اتهم المخابرات المصرية بدعم معارضيه، مضيفاً أن القاهرة أنكرت هذا الأمر حين طرحه عليها.
واتهم البشير، في فبراير الماضي، القاهرة بدعم حكومة دولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان في يوليو 2011، بالأسلحة والذخيرة في حربها ضد قوات المعارضة، بقيادة ريك مشار، النائب المقال للرئيس سيلفاكير ميارديت.
وهو اتهام نفت القاهرة صحته مراراً، مشددة على أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
وفي يونيو الماضي، قال السفير، عمر دهب، وهو مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، إن بلاده رفضت سحب شكواها ضد مصر بشأن النزاع على مثلث حلايب، واشترطت في سياق تحسين عمل مجلس الأمن بقاء الشكوى المقدمة، بينما وجهت الخرطوم انتقادات صريحة للمساعي المصرية الرامية لتمصير المثلث وإنشاء مشروعات في المنطقة محل النزاع.
وقال السفير، في تصريحات صحفية، إن ملف حلايب قيد الإجراء لكنه أمسك عن الخوض في تفاصيل الخطوات التي تعتزمها البعثة السودانية في الخصوص. إلى ذلك وجه القائم بأعمال البعثة السودانية لدى الأمم المتحدة، حسن حامد حسن، رسالة مؤرخة بيوم 23 مايو 2016 إلى رئيس مجلس الأمن لشهر مايو، عمرو أبو العطا، الممثل الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة، نقل فيها احتجاج الخارجية السودانية على التدابير المُتخذة في المثلث المتنازع عليه والخطوات الرامية لـ(تمصيره).
سبق وأن قال إبراهيم غندور، لــ(بي. بي. سي)، إن بلاده طالبت بالتفاوض المباشر مع مصر أو اللجوء إلى التحكيم الدولي؛ بهدف إيجاد حل لقضية منطقة حلايب وشلاتين، مؤكدًا أن بلاده لا تعتزم من جانبها تصعيد قضية الأراضي المُتنازع عليها، لافتًا إلى أن حلايب وشلاتين أرض سودانية، وعلى القاهرة إثبات غير ذلك عن طريق التفاوض المباشر أو اللجوء إلى التحكيم الدولي.
وكان السودان دعا مصر للتفاوض المباشر لحل قضية منطقتي حلايب وشلاتين، أسوة بما تم مع السعودية حول جزيرتي (تيران وصنافير)، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي امتثالاً للقوانين والمواثيق الدولية، باعتباره الفيصل كما حدث في إعادة (طابا) للسيادة المصرية.
وكانت وزارة الخارجية المصرية، أكدت على أن منطقة حلايب وشلاتين أراضٍ مصرية، وأنها لن تتفاوض أو تلجأ للتحكيم بشأنها كما طالبت الخرطوم.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، إن حلايب وشلاتين “أراض مصرية تخضع للسيادة المصرية، وليس لدى مصر تعليق إضافي على بيان الخارجية السودانية”.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي