الخرطوم – مهند عبادي
في زيارة تستغرق يوما واحدا ينتظر أن يكون قد وصل المشير عمر البشير رئيس الجمهورية إلى القاهرة لبحث جملة من القضايا مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، تتويجا للجهود التي انطلقت منذ أكثر من شهر لترميم التصدع الذي أصاب علاقة البلدين خاصة بعد اللقاء الذي جمع الرؤوساء على هامش قمة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثويبية أديس أبابا نهاية يناير الماضي، والتي اتفق فيه الرؤوساء على تجاوز الخلافات القائمة، وقال سفير السودان في القاهرة عبد المحمود عبد الحليم، في تصريحات إن زيارة الرئيس عمر البشير إلى القاهرة تأتى في إطار التواصل المستمر بين القيادتين في البلدين، واستكمالاً للمباحثات التي عقدت خلال لقاء الرئيسين مؤخراً في أديس أبابا، والتي تطرقت إلى مناقشة جهود حل القضايا العالقة بين الجانبين، وتعزيز العلاقات الثنائية التي تربط بين الدولتين في جميع المجالات.
ومن المعلوم أن العلاقات السودانية المصرية شهدت في الأشهر القليلة الماضية تقلبات كبيرة وأجواء ملبدة بالاتهامات المتبادلة بين الطرفين، وتأتي الزيارة بعد أن هدأت الأوضاع قليلا بين الجانبين وخفت حدة التوتر والهجوم المتبادل الذي كاد يعصف بالعلاقات بين الدولتين وبسببه رفض الرئيس عمر البشير زيارة مصر للمشاركة في المؤتمر الاقتصادي، كما كشفت مصادر أن البشير سبق وأن اعتذر عن تلبية دعوة مصرية، لعقد قمة ثلاثية في القاهرة بين مصر وإثيوبيا والسودان، على هامش زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي السابق هايلي ميريام ديسالين، ويؤكد مراقبون أن زيارة الرئيس الحالية تؤكد على رغبة البلدين في تجاوز أى خلافات، وأن ما حدث من خلافات تلاشى وأن البلدين تربطها علاقات أخوية قوية، وأن الرئيسين تمكنا من إخماد الأزمة.
وبحسب الكثيرين فإن مصلحة البلدين تحتم على الرؤوساء تجاوز كل الخلافات والعمل من أجل تحقيق المصالح المشتركة لكليهما ويشير هؤلاء إلى أنه ليس من مصلحة البشير والسيسي الوصول إلى نقطة الصدام لخطورة أوضاعهما الداخلية، كما أن هناك ملفا مشتركا ترغب مصر في أن تستفيد من السودان فيه وهو ملف مياه النيل وفي مقدمته سد النهضة باعتبار أن السودان يمكن أن يقف مع مصر في ما يتعلق بجنواب التشغيل والإدارة، يضاف إلى ذلك أن مصر تخشى من تخلي السودان عنها بعد أن بدأت مواقفه تلين قليلا في اتفاقية عنتيبي، مما يجعل مصر تقف وحيدة أمام دول حوض النيل وتأثير ذلك على حصتها القديمة من مياه النيل، وإلى جانب ذلك فأجندة الزيارة لن تغفل مناقشة نقاط تسببت في ارتفاع معدلات الشد والجذب منها مثلث حلايب وشلاتين بعد طلب الخرطوم رسميا من القاهره الذهاب إلى التحكيم الدولي، فضلا عن ما خلفته اتفاقية الخرطوم وأنقره لترميم جزيرة سواكن حيث ما زالت مصر تنظر إلي الاتفاق بريبة، وترى أن وضع تركيا لأقدامها بهذه المنطقة يهدد الأمن القومي المصري، وبالتالي فكلا الملفين هما الأهم والأكثر أزمة في العلاقات بشكل عام، واللقاء المرتقب بشكل خاص.
وعموما فإن زيارة الرئيس البشير إلى القاهره تؤكد بما لا يدع مجالا للشك حرص الحكومة على علاقة متينة مع مصر تقوم على أساس الاحترام المتبادل والمنافع المشتركة وبعيدا عن التوتر وتبعية المواقف التي تريدها مصر، وفي السياق يرى الكاتب المصري مصطفى الفقي في مقال سابق له إن مصر تتحمل على الجانب الآخر قدرًا من سياستها السلبية تجاه السودان عندما أدارت ظهرها لذلك البلد الشقيق ولم تضعه في بعض المراحل على قمة أولويات سياستها الخارجية فكانت النتيجة هى مواقف سودانية سلبية تجاه مصر في بعض القمم العربية والأفريقية إلى جانب موقفه في مسألة سد النهضة حيث يبدو الموقف السوداني أقرب إلى نظيره الإثيوبي منه إلى الموقف المصري في هذا السياق بدعوى الحصول على الكهرباء من السد الجديد فضلًا عن زراعة مساحات واسعة من الأراضي السودانية الشاسعة بوفرة المياه التي يحققها السد عند استكماله ولم تعبأ الخرطوم كثيرا بالمخاوف المصرية بل حاولت الإقلال منها، ومضى: “إننا يجب أن نعيد النظر معا في القاهرة والخرطوم في مواقفنا من أجل إحياء روح الإخاء المشترك بين دولتينا وأن ينسى السودانيون خطايا الاحتلال البريطاني وممارساته على المصريين والسودانيين معا، وأن ينسى المصريون استيلاء حكومات البشير على استراحات الري وفرع جامعة القاهرة بالخرطوم وشكواه ضد مصر في مجلس الأمن، فالسياسة تقوم على النسيان والغفران ولا غنى لمصر عن السودان”، أو كما قال.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي