القاهرة – صباح موسى
استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمطار القاهرة، أمس (الاثنين)، الرئيس عمر البشير والوفد المرافق له والذي ضم الفريق صلاح قوش مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني والبروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية ود.فضل عبد الله فضل وزير رئاسة الجمهورية وحاتم حسن بخيت وزير الدولة مدير مكاتب رئيس الجمهورية، وكان في استقبال البشير وفد عالي المستوى من الجانب المصري، بجانب عبد المحمود عبد الحليم سفير السودان بالقاهرة وأعضاء السفارة السودانية بمصر.
مباحثات ثنائية:
ودخل الرئيسان البشير والسيسي في جلسة مباحثات بمطار القاهرة استغرقت ما يقارب الـ15 دقيقة، توجه بعدها الرئيسان في سيارة واحدة إلى قصر الاتحادية الرئاسي بضاحية مصر الجديدة بالقاهرة، وبعد مراسم الاستقبال الرسمية دخل الرئيسان مرة أخرى في جلسة مباحثات مغلقة خرج بعدها البشير والسيسي في مؤتمر صحفي وجه فيه البشير الشكر للسيسي والشعب المصري على حسن الاستقبال وكرم الضيافة منذ وصوله مصر، مؤكدا على أن هناك إرادة سياسية قوية للتعاون لحل أي قضايا بين البلدين، وقال البشير إن كل اللقاءات الثنائية سواء في الخرطوم أو القاهرة كانت إيجابية، وإن العلاقات بين البلدين تاريخية، وربطها المصير المشترك والمستقبل المشترك والثقافة والدين، مضيفا “أكدنا على أن تعاوننا سيكون لمصلحة الشعبين والبلدين”، وأكد البشير ما أشار إليه بعض الخبراء المصريين أمس لـ(اليوم التالي)، بأن الزيارة تأتي دعما للسيسي في الانتخابات الرئاسية، وقال إن الزيارة جاءت أثناء الانتخابات الرئاسية المصرية، مؤكدا أن السودان يدعم السيسي في هذه الانتخابات، متمنيا دوام الأمن والاستقرار لمصر.
تفعيل الآليات:
من جانبه، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي على أهمية التعاون والتشاور بين مصر والسودان، والتنسيق في مختلف المجالات والقضايا التي تهم البلدين، وبحث الفرص المتاحة، وتفعيل الآليات المتعددة بين البلدين، من بينهم اللجنة الخاصة بتعزيز التجارة والهيئة العليا لمياه النيل، واللجنة العسكرية ولجنة المنافذ الحدودية، مشيرا إلى أن هناك لجانا أخرى عديدة تعمل على تذليل أي صعوبات أو تحديات، ودعم العلاقات الأخوية العميقة بين البلدين، وقال “تم الاتفاق على دورية انعقاد هذه الآليات بصورة منتظمة، وبما يؤمن تعزيز مصالح البلدين، وحل أي مشكلات قد تطرأ بينهما”، لافتا إلى اعتزام البلدين المضي في تعزيز التعاون في مجالات الطاقة، والربط الكهربائي، والربط البري، والبحري ومشروعات البنية التحتية، مؤكدا على علاقات الأخوة والروابط المشتركة التي تجمع بين مصر والسودان، لافتا إلى اتفاق الجانبين السوداني والمصري على الإعداد للجنة مشتركة برئاسة رئيسي البلدين، على أن تجتمع في الخرطوم العام الجاري، مضيفا أن هذه الزيارة تعكس الروح الإيجابية بين البلدين، حيث تناول مع الرئيس البشير سبل تعزيز التعاون المشترك، ورفع التنسيق الثنائي إلى أعلى مستوى، كما تم الاتفاق على التنسيق والتشاور في مختلف المجالات، وبحث الفرص المتاحة في شتى المجالات.
مرحلة جديدة:
وقال مصطفى الجندي عضو مجلس النواب المصري إن المباحثات التي تمت بين السيسي والبشير، ترسخ لمرحلة جديدة من التعاون الثنائي بين مصر والسودان وفي مختلف المجالات، مضيفا في بيان له تلقت (اليوم التالي) نسخة منه، أن تصريحات السيسي والبشير أكدت للعالم أجمع أن هناك علاقات تاريخية واستراتيجية ومصاهرة بين الشعبين الشقيقين المصري والسوداني، وأن أي محاولة للنيل من هذه العلاقات الخاصة جدًا سيكون مصيرها الفشل الذريع، مؤكدًا أن مصر والسودان كيان واحد، وأن التعاون المصري السوداني يجب أن يكون نموذجًا يسود بين جميع الدول الأفريقية حتى يكون لدى القارة السمراء القدرة على مواجهة جميع التحديات والمخاطر التي تواجهها، مشيدا بتصريحات السيسي التي أكد فيها أن نهر النيل يمثل شريان الحياة لشعوب وادي النيل، وأن مصر أكدت عزمها العمل مع السودان والأشقاء في إثيوبيا للتوصل لشراكة في نهر النيل تحقق المنفعة للجميع دون الإضرار بأي طرف، مع مواصلة العمل على تنفيذ نتائج القمة الثلاثية حول سد النهضة، مشيرا إلى أهمية تصريحات البشير، التي أكد فيها على أنه ليس لدينا خيار سوى أن نتعاون ونعمل مع بعضنا بعضا، وأن السودان مع مصر ومع دعم السيسي.
جزء استكمالي:
وقال الدكتور أيمن عبد الوهاب، خبير الشؤون الأفريقية وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الزيارة جزء استكمالي لمجموعة من الزيارات التي تمت على المستوى السياسي والأمني واستمرارًا للقاء الذي تم بين السيسي والبشير ورئيس وزراء إثيوبيا “المستقيل” هايلي مريم ديسالين، التي تم التأكيد فيها على التعاون بين الدول وحل خلافات سد النهضة، وبالتالي هي إضافة لمسار تصحيح العلاقات المصرية السودانية ومحاولة مواجهة المشاكل العالقة سواء الثنائية أو تلك المرتبطة بالإقليم، مضيفا أتمنى أن يكون اللقاء بداية مرحلة جديدة، لصياغة علاقات استراتيجية بين مصر والسودان تتجاوز المرحلة السابقة الخاصة بترحيل الأزمات.
علاقات الرئيسين:
أما خالد محمد علي نائب رئيس تحرير صحيفة الأسبوع المصرية والمتخصص في الشأن السوداني، فرأى أن زيارة البشير للقاهرة ليوم واحد لا تكفي، معربا عن أمله أن تطول مثل هذه الزيارات وتكسر رتابة اليوم الواحد، وقال علي لـ(اليوم التالي)، إن الملفات بين البلدين أصبحت متعددة، وثبت بالتجربة أن الخلافات بين البلدين لا يستطيع إنهاؤها إلا اللقاء الثنائي بين الرئيسين، مشيرا إلى أن الزيارة أظهرت حالة من الود بين السيسي والبشير، مضيفا نتمنى أن تتنزل هذه الروح على باقي الدوائر واللجان المشتركة بين البلدين، لافتا إلى أن هناك ملفات إذا ما تم الاتفاق حولها سوف تنهي كثيرا من المشاكل مثل تشكيل قوات مشتركة لحراسة الحدود بين البلدين، وقال إن هذه القوات ستنهي الكثير من المزاعم وسوف تغلق الباب أمام أي محاولات خارجية للتدخل وضرب العلاقات بين البلدين، وستسد الباب أيضا أمام أي معلومات مغلوطة للوقيعة بين الدولتين، مشيرا إلى أن مقترح القوات المشتركة سوف ينهي فكرة الهجرة الشرعية تماما، وقال لفت نظري أن الرئيسين لم يتطرقا لقضية حلايب وهذا أمر محمود، لأن حلايب هي القضية المحورية بين البلدين ويجب تجميدها الآن والحديث عن التعاون الاقتصادي والأمور الأخرى التي تجعل العلاقات تسير في الاتجاه الإيجابي، منوها أن حلايب ظلت على فترات طويلة تستخدم سياسيا كورقة ضغط على ملفات أخرى بين البلدين، مشيرا إلى تركيز السيسي في كلمته في المؤتمر الصحفي على احترام الشؤون الداخلية، مؤكدا أنها إشارة قوية لاحترام اختيارات السودان في علاقاته الدولية التي لا يمكن أن تضر بالأمن القومي المصري، مضيفا أن حديث البشير حول أننا بلد واحد وشعب واحد يعبر أيضا عن أن العلاقات بدأت تسير في مجراها الطبيعي، وقال إن هذا اللقاء أكد أنه سيكون هناك توافق مصري سوداني حول سد النهضة في المرحلة المقبلة، مؤكدا أن قمة الأمس بين الرئيسين ستكون قاطرة وقوة دفع كبيرة للعلاقات في مجمل الأيام.
اهتمام إعلامي
وسائل الإعلام المصرية اهتمت كثيرا بالزيارة وأفردت لها مساحات كبيرة منذ إعلانها قبل يومين، وغطت الفضائيات المصرية أمس زيارة رئيس الجمهورية منذ أن حطت طائرته أرض مطار القاهرة، واستقبال الرئيس السيسي له بكل حفاوة، وظلت قنوات مصر الإخبارية في تغطية مباشرة لفعاليات الزيارة مصحوبة بتقارير إيجابية عن العلاقات التاريخية بين البلدين وسبل تطورها ودعم مستقبلها، واستضافت كثيرا من المسؤولين والمحللين والخبراء المصريين الذين أسهبوا في أهمية العلاقة مؤكدين على ضرورة إعادتها لمسارها الصحيح، وبدا الرئيسان في المؤتمر الصحفي بإرادة سياسية قوية بدأها السيسي بالود والحديث بحميمية، وأكد البشير على هذه الروح ونية السودان في ضرورة علاقات إيجابية ومتطورة مع مصر.
ابن الدار:
حضر البشير احتفالا ليوم الأسرة المصرية في استاد القاهرة استقبلته فيه الجماهير المصرية التي حضرت الاحتفال بترحاب كبير، وعبر فيه المصريون عن أن البشير والسودان أسرة مصرية واحدة، وأنه ابن الدار وغير غريب عنها، وشاهد الرئيسان في الاحتفال فيلما تسجيليا عن التحديات والإنجازات المصرية منذ ثورة يناير حتى المرحلة الراهنة، بالإضافة إلى بعض الأغاني التي أعدت خصيصا لعكس متانة العلاقات المصرية السودانية، مرددين (السودان لمصر ومصر للسودان)، كما عبر فيه البشير عن شكره وامتنانه بالاستقبال والحفاوة الكبيرة، وقال البشير مخاطبا الاحتفال أن هذا الاستقبال ليس بغريب على الأسرة المصرية، مؤكدا أن إنجازات مصر هي فخر لنا جميعا، وأن قوة مصر قوة للسودان، موضحا أنه بحث مع السيسي تعزيز العلاقات وإزاحة أي عقبات تحول دون تقدمها.
السيسي: البشير صديق عزيز:
من جانبه وصف السيسي البشير بـ(الصديق العزيز والمقرب)، مؤكدا أن العلاقات بين البلدين تعبر عن الأخوة والصداقة منذ فجر التاريخ، وقال إن شعبي البلدين تربطهما وشائج قربى وأن ما يجمعهما رباط مقدس منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها ولعل النيل هو الرمز الأكبر لهذه العلاقات، مؤكدا أن أمن واستقرار السودان جزء لا يتجزأ من مصر، وقال إن: التجربة علمتنا والتاريخ كشف لنا أن كل تطور إيجابي في السودان يكون له الأثر الطيب في مصر والعكس، مضيفا أن: مصر حكومة وشعبا تحرص كل الحرص على أمن واستقرار السودان، مشددا على ضرورة المصالح المشتركة بين البلدين من أجل وضع أسس جديدة للتكامل.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي