اخبار الاقتصاد السودان الان السودان عاجل

قناة امريكية \ ازمة سيولة ووقود في السودان ( تقرير شامل بالفيديو )

مصدر الخبر / قناة الحرة

“كنا نركب من الخرطوم لأم درمان بخمس جنيهات، الآن أصبحت 15 جنيها.. في الفترة الصباحية واحنا رايحين الشغل ما بتكونش فيه مواصلات أساسا”، هكذا يعلّق حسن بركيا على ما وصل إليه الحال من أزمة اقتصادية خانقة.

وتحت هاشتاغ #السودان_انعدام_المواصلات، انطلقت عاصفة من الانتقادات الغاضبة ودعوات لـ”العصيان المدني” والتظاهر ضد الحكومة السودانية بسبب أزمة اقتصادية طاحنة وشح المحروقات واستمرار الارتفاع المتزايد في أسعار الخدمات والسلع الغذائية.

ويضيف بركيا لـ”موقع الحرة”: “أسعار كل حاجة زادت من بداية العام، من زيوت وخبز، حتى أسعار الأدوية، غير إن فيه أصناف معدومة من الأساس!”.

وأظهرت صور وفيديوهات نشرها مغردون طوابير سيارات ممتدة لمئات الأمتار تنتظر دورها للحصول على الوقود في محطات البنزين، ما تسبب في إغلاق بعض الطرق نتيجة للاختناق المروري في أغلب شوارع العاصمة.

وقالت جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا في تغريدة على حسابها على تويتر إنها علّقت الدراسة إلى حين إشعار آخر، نظراً للأزمة الحالية.

وتشهد الأسعار زيادات منذ هبط الجنيه إلى مستويات قياسية في السوق السوداء في الأشهر القليلة الماضية، وهو ما دفع البنك المركزي إلى تخفيض حاد لقيمة العملة المحلية مرتين منذ بداية العام.

وكان السودان يصدر النفط قبل أعوام، إلا أنه اضطر إلى البدء في استيراده منذ 2011 بعد انفصال الجنوب الذي يقع فيه ثلاثة أرباع إنتاج البلاد من الخام ومصدره الأساسي للعملة الصعبة.

الحكومة تعترف بالأزمة

وبعد أن كانت الحكومة السودانية تنكر من الأساس أن هناك أزمة في الوقود رغم الطوابير على محطات البنزين، حضر رئيس الوزراء السوداني بكري حسن صالح إلى البرلمان الاثنين واعترف أخيرا بأن هناك أزمة قائلا “نعم فيه صفوف.. فيه أسباب حقيقية”، مقرا بعجز حكومته عن توفير 102 مليون دولار لشراء الوقود.

وكان وزير الدولة بوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي مجدي ياسين قد قال في بيان في 24 نيسان/أبريل الماضي إن خمس ناقلات تحمل منتجات بترولية وصلت إلى الميناء الرئيسي في السودان لتخفيف نقص الوقود، لكن الأزمة ظلت مستمرة.

ويشكو المواطن بركيا “في البداية، تقول الحكومة إن السبب هو المواطن بوقوفه في الطوابير والحصول على كميات كبيرة، وبعدها يقولون إن الأزمة هي في صيانة مصافي النفط، ومرة أخرى يقولون إن الأزمة سببها شح العملة الصعبة”.

من جانبه، يقول أيمن تابر وهو ناشط سوداني مقيم في الولايات المتحدة الأميركية إن اعتراف الحكومة بالأزمة “محاولة لامتصاص غضب الناس لأن الأزمة وصلت لأن يشعر بها كل بيت سوداني.. فالأزمة أثرت على عدم وجود خبز وكل شيء، وأدت لارتفاع الأسعار، فضلا عن مصاحبتها لأزمة في السيولة النقدية والعملات الأجنبية”.

ويضيف الناير “الأزمة تكمن في فشل التخطيط من جانب الحكومة إذ ينتج السودان 100 ألف برميل يوميا تكفي 70 في المئة من الاستهلاك.. ومن المعلوم أن المصفاة تحتاج إلى الصيانة، ولذا كان يجب الاحتفاظ بمخزونات تكفي الاستهلاك أثناء فترة الصيانة”.

أزمة سيولة

تأتي أزمة شح الوقود في السودان بالتزامن مع أزمة اقتصادية عميقة تكمن في شح السيولة النقدية واختفاء العملة الصعبة.

وقال حسن بركيا من الخرطوم “ذهبت إلى البنك للحصول على أموال من حسابي أخبروني بعدم وجود أموال في البنك”.

ونشر بعض السودانيين صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي بجانب الصرّافات الخالية.​

​ولم تكن أزمة الـ102 مليون دولار الأولى التي تتسبب فيها العملة الصعبة، إذ أقال الرئيس السوداني عمر البشير وزير خارجيته إبراهيم غندور من منصبه في 19 نيسان/أبريل الماضي، على خلفية تصريحات للأخير في البرلمان السوداني انتقد فيها تقاعس الحكومة لعدة أشهر عن صرف رواتب الدبلوماسيين وموظفي الوزارة دون إبداء الأسباب، وقال حينها إن المبلغ الذي تحتاجه وزارة الخارجية أقل من 30 مليون دولار.

وقال الخبير الاقتصاد السوداني الدكتور محمد الناير لـ”موقع الحرة” إن الحكومة أخطأت عندما استدعت إجراءات ذات طبيعة أمنية لعودة الاستقرار للجنيه السوداني، بدلا من أخذ سياسات تحفيزية، وهو ما أدى إلى أثر سلبي”، مشيرا إلى أن الإجراءات الأمنية كانت أعادت الدولار إلى 32 جنيها في السوق الموازية لكنه عاد وأصبح اليوم 40 جنيها.

ويجري تداول العملة المحلية في السوق الرسمية حاليا عند 28 جنيها للدولار مقارنة مع 6.7 جنيه أواخر كانون الأول/ديسمبر.

انعدام الثقة

وأدت الأزمة إلى انعدام الثقة في الجهاز المصرفي للدولة، فضلا عن جهازها الإداري، وانخفضت تحويلات العاملين بالخارج.

وحول معالجة الأزمة قال الخبير الاقتصادي محمد الناير إنه “إذا قامت الحكومة بتحفيز المغتربين مثل طرح أراض سكنية لهم بأسعار تفضيلية بالعملة الصعبة على أقساط، سيجني السودان نحو 6 مليارات دولار سنويا من تحويلاتهم فضلا عن أن صادرات الذهب تجني 4.5 مليار دولار، وهو ما يعني حل أزمة النقد الأجنبي لأن عجز الميزان التجاري يبلغ 5 مليارات دولار فقط”، لكن الدولة تتباطأ في معالجة هذا الأمر، وفق ما يقول.

وكانت الحكومة تأمل في تحفيز السودانيين في الخارج للاستثمار في الداخل إلا أن “السياسات الاقتصادية الخاطئة أدت إلى انخفاض في تحويلات العاملين بالخارج لأنهم لا يثقون إن كانت أسرهم ستستطيع أن تحصل هذه الأموال عبر البنوك أم لا”، حسب الناشط أيمن تابر.

“الفساد مستشر”

ويعزي التابر الأزمة الاقتصادية وشح العملة الأجنبية إلى “الفساد المستشري” في الحكومة السودانية، “كثير من المسؤولين والنافذين في الدولة حوّلوا الكثير من العملات الأجنبية لأرصدتهم خارج البلاد قبل تحرير الجنيه السوداني”، فضلا عن أن الدولة لم تأخذ الاحتياطيات اللازمة قبل هذا الإجراء.

وكان الرئيس السوداني، عمر البشير، أعلن في بداية نيسان/أبريل الماضي الحرب على الفساد وقال إن “هناك شبكات فساد مترابطة، استهدفت تخريب الاقتصاد القومي، من خلال سرقة أموال الشعب، وكان لا بد من تدخل رئيس الجمهورية، بحكم مسؤوليته الدستورية عن الاقتصاد الكلي، الذي شهد استهدافًا مباشرًا لضرب استقرار البلاد وزعزعة أمنها”.

وقال البشير، في خطابه أمام البرلمان، “سوف نتابع إجراءاتنا ومعالجتنا حتى نسترد أموال الشعب المنهوبة، ولن يفلت أحد من العقاب”.

ووصف المهربين والمضاربين في بلاده بـ”القلة”، وقال إنهم “يتحكمون في كل شيء، ولهم امتداد في الجهاز المصرفي، ساعدهم في التهريب من توريد حصيلة الصادر، ما أدى إلى تصاعد تكلفة المعيشة جراء التصاعد غير المألوف وغير المبرر في صرف العملات الأجنبية”.

وتضع منظمة الشفافية الدولية السودان في المرتبة 175 من بين 180 دولة على مؤشر الفساد.

عن مصدر الخبر

قناة الحرة