السودان الان

(عطش الرعاة) لا تعاني الخرطوم وحدها هذه الأيام من شح المياه، فالعطش يكاد يفتك بالرعاة ورعيتهم من الماشية والإبل في عدد من الولايات، ولا حياة لمن تنادي!!

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

الخرطوم- محمد عبد الباقي
ربما المعدنون أوفر حظاً من الرعاة، ولهذا أحدثت استغاثتهم دوياً هائلاً داخل قبة البرلمان الذي سارع باستدعاء وزير الداخلية الفريق الدكتور حامد منان ومساءلته بشأن الأخبار التي راجت حول وفاة معدنين بسبب العطش في عدد من مناطق التعدين، حيث اعترف الوزير أن وزارة الداخلية تلقت استغاثات متفرقة تؤكد موت معدنين جراء العطش في عدة مناطق للتعدين.
(1)
جيد أن ترهف وزارة الداخلية السمع لأنين العطشى في مثل هذه الأيام وتتحرك على وجه السرعة بواسطة أفرادها المنتشرين في الأصقاع، لكن هنالك فئات أخرى واجهت ذات قضية العطش ولم تجد من يصرخ باسمها في البرلمان وفقاً لمحمود يوسف مخمس وهم الرعاة في ولاية النيل الأبيض وشمال كردفان وسنار وسكان القرى النائية بالولايات الثلاث.
إذ يقول محمود مخمس الذي يسكن إحدى القرى الواقعة جنوب خور أبو حبل بمحلية أم روابة التابعة لولاية شمال كردفان لـ(اليوم التالي) إنهم ظلوا يواجهون قضية العطش سنوياً رغم الترديد المتكرر لوالي الولاية أحمد هارون لمفردة (زيرو عطش) التي ما فتئ يلوكها حتى ملَّ الناس سماعها لعدم وجود تأثير لها على حياتهم، فهم (المواطنون) يسمعون حديثه عن توفير مياه الشرب في الوقت الذي يحصل فيه سكان (35) قرية على مياه الشرب من حفيرة واحدة تقع في إحدى القرى داخل حدود ولاية جنوب كردفان!
(2)
ويعتبر محمود حديث وزير الداخلية الذي قال أنهم تلقوا أخبار عطش المعدنين عبر تطبيق (واتساب) ومن ثم اكتشفوا وفاة (معدّن) متأثرا بالعطش ضمن أربعة آخرين تعطلت السيارة التي كانت تقلهم في منطقة نوراي بولاية البحر الأحمر يوم (الثلاثاء) الماضي قبل أن تنقذهم الشرطة وتعثر عليهم في أوضاع حرجة، قبل أن تكشف الشرطة أيضا توهان عشرات المعدنين التقليديين في البوادي بولايتي البحر الأحمر والشمالية وولايات أخرى بحثاً عن موارد المياه بعد تأثر حركة نقل المياه إلى مناطق التعدين بسبب أزمة الوقود، اعترافاً بالأوضاع المأساوية لموجة العطش الأخيرة التي لازالت مستمرة في مناطق الرعي وعدد من القرى النائية التي لم تكن أصلاً تتوفر فيها موارد للمياه وكان سكانها يعتمدون في السابق على شراء المياه من أصحاب التناكر التي توقفت تماماً بعد أزمة الوقود الحالية، ويتساءل عن الحلول التي تفكر فيها ولاية شمال كردفان لإنقاذهم من مصير المعدنين، علماً أن المعدنين يمكن أن يعودوا لأهلهم حين يشعرون بخطورة الوضع ولكنهم كسكان للمنطقة مضطرون للبقاء في أماكنهم رغم أن سعر برميل المياه وصل لـ(70) جنيهاً، واستنكر محمود صمت سلطات ولاية شمال كردفان بدءاً بالوالي أحمد هارون ومعتمد أم روابة أحمد عمر كافي ومديري الوحدات الإدارية بالمنطقة الذين لم يلتفت أحدهم لمعاناتة المواطنين حتى هذه اللحظة التي صار الموت بالعطش فيها يهدد حياة الإنسان والحيوانات على حداً سواء!
(3)
لم تواجه أزمة العطش سكان المناطق الواقعة جنوب خور أبو حبل فقط، بل امتدت لشمال محلية أم روابة حيث وصل سعر تانكر المياه في مناطق أم صقعون والهشابة وأم سيالة وأم سعيدة لحوالي ثلاثة آلاف جنيه وفقاً للسكان.
أيضاً لم تسلم ولاية النيل الأبيض من معاناة العطش بحسب نعيم سليمان أحد الرعاة بمحلية الدويم، إذ يؤكد نعيم لـ(اليوم التالي) أن قطعان الضأن والماعز بالمنطقة مهددة بالموت عطشاً إذا استمر الوضع على ما هو عليه لأيام قادمة، ويضيف نعيم بنبرة حزن وأسى على ما أصاب الرعاة من ضنك وضيق بقوله: “مثل هذه الأيام تواجه الرعاة معضلة توفير العلف لحيواناتهم لعدم وجود عشب في المراعي، ولكنهم قبل إيجاد حل لموضوع العلف فوجئوا أن مياه الشرب نفسها صارت معضلة إضافية ويجب على الرعاة معالجتها بأسرع وقت وإلا ماتت الحيوانات بالجوع والعطش معاً”.
ويكشف نعيم عن أن سعر تانكر المياه في مناطق الرعي غرب الدويم وصل لأربعة آلاف جنيه ويقول: عليك دفع المبلغ مقدماً والانتظار ليومين على الأقل حتى ترى الماء بعينيك، لأن أصحاب التناكر بعد أخذهم للمبلغ يشرعون في البحث عن الوقود في السوق الأسود وغالباً ما يستغرق البحث يوماً كاملاً.
(4)
أيضاً استغاث سكان عدد من القرى بمحلية الدالي والمزموم في ولاية سنار منهم أبناء قرية بوزي التي قال عدد من سكانها لـ(اليوم التالي) إنهم يواجهون مصاعب جمة بسبب قلة المياه التي صارت لا تكفي لا للإنسان ولا للحيوانات، وأشار المواطنون إلى أنهم كانوا في السابق يحصلون على المياه من الحفائر التي تم إهمالها عقب توصيل الخط للمزموم من النيل مباشرة وإنشاء محطة صغيرة لسد حاجة أهل القرية من ذلك الخط، ولكن مؤخراً صارت المياه تأتيهم لمدة ساعة واحدة لأن سعة الخط لا تتحمل أكثر من ذلك وحين رجعوا للحفائر وجدوا الأتربة طمرتها. وأشار سكان قرية بوزي بجانب سكان قرى أخرى مجاورة لها، إلى أنهم يواجهون هذه الأيام ظروفاً مأساوية بسبب قلة المياه خاصة وأن بالمنطقة ثروة حيوانية مقدرة كلها تحتاج للماء بأسرع وقت، واستنكروا الصمت الغريب لوالي الولاية الضو الماحي الذي وصفوا دوره بالسلبي في قضية العطش التي يواجهها المواطنون بمفردهم منذ أشهر مما أثر على المزارعين والرعاة والسكان جميعاً في كل من قرية بوزي كما أشرنا التي يوجد بها أكثر من 20 ألف نسمة إضافة لقريتي المُجاور وأبو عريف!.
(5)
القضية نفسها انتقلت لولاية الخرطوم التي بدأ سكان عدد من الأحياء فيها يشكون من القطوعات المتكررة في الوقت الذي اقترب فيه شهر رمضان وهو ما دفع البعض لطرح عدد من الأسئلة منها ما يتعلق بجاهزية الآبار والمحطات التي قد يتوقف بعضها بسبب شح الوقود!

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي