السودان الان

“ماراثون الجوع” يقود سلفاكير سباقاً تنافسياً لمحاربة الجوع في جنوب السودان.. “40 %” من السكان في انتظار أيادي العون

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

الخرطوم – بهرام عبد المنعم
المجاعة في دولة جنوب السودان ألهمت العداء الإثيوبي (هايلي غابري سلاسي) تبني مبادرة تنظيم سباق ماراثون في جوبا تحت شعار (محاربة الجوع)، بمشاركة واسعة من اللجنة الأولمبية الوطنية بجانب عدائين من إثيوبيا وكينيا.
وفي فبراير المنصرم، قالت سلطات دولة جنوب السودان وبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، إن هناك (100) ألف شخص يعانون من المجاعة بولاية الوحدة، شمال غرب البلاد.
سباق الماراثون الذي تم تنظميه في العاصمة جوبا (السبت) قاده الرئيس سلفاكير ميارديت، ونائباه تعبان دينق قاي، وجيمس واني إيقا، وعدد من وزراء الحكومة وأعضاء البرلمان، بمشاركة نحو (4) آلاف متسابق.
وقال سلفاكير في خطابه إن “محاربة الجوع تحتاج لتدخل فوري، لأن الجوعى لا يستطيعون الصمود لأيام عديدة”. وأضاف، “انطلاقة ماراثون محاربة الجوع هو تمرين إنساني من أجل جمع المال لمساعدة المحتاجين فى بلادي”.
وأعلن تبرعه بمليوني جنيه (نحو 15 ألف دولار)، كمساهمة منه في حملة جمع التبرعات.
وتابع سلفاكير: “أنا سعيد لأنكم استجبتم للمبادرة وخرجتم بأعداد كبيرة، فمحاربة المجاعة تحتاج لأفعال فورية”.
ويقول العداء سلاسي صاحب المبادرة طبقاً لما أوردت وكالة (الأناضول): “أخبار الحرب والجوع في جنوب السودان أزعجتني، لذلك حاولت أن أساهم بهذه المبادرة بنقل أخبار سارة من بلادي، أنا سعيد جداً لنجاح السباق، كما أننا بحاجة لعمل جاد للقضاء على الفقر”.
وفاز سلاسي بالمركز الأول لسباق (10) آلاف متر، بينما أحرز العداء الكيني بنجامين كبوزي المركز الثاني، كما حل ديفيد قونجي وهو عداء من جنوب السودان في المركز الثالث.
وحسب تقرير عن الوضع الغذائي نشرته حكومة جنوب السودان بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المتحدة، بجانب منظمة اليونسيف، فإن (40 %) من السكان فى جنوب السودان مهددين بخطر المجاعة ويحتاجون لمساعدات غذائية عاجلة.
واندلع القتال بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة في جنوب السودان، منتصف ديسمبر 2013، قبل أن توقع أطراف النزاع اتفاق سلام في أغسطس 2015، قضى بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهو ما تحقق بالفعل في 28 أبريل من العام الماضي.
وشهدت جوبا، في 8 يوليو الماضي، مواجهات عنيفة بين القوات التابعة لسلفاكير، والقوات المنضوية تحت قيادة ريك مشار زعيم المعارضة، نائب الرئيس السابق، ما أسفر عن تشريد عشرات الآلاف.
وعانى جنوب السودان من مجاعة في عام 1998، أي قبل استقلاله، ولم تُسجِّل سابقة الإعلان عن أي مجاعة بشكل رسمي في أي مكان في العالم خلال السنوات الست السابقة لعام 2017.
وكانت هناك تحذيرات من مجاعة وشيكة في اليمن والصومال والجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، ولكن الإعلان الرسمي لأي مجاعة حسب المعايير الدولية يتطلب استيفاء المعايير التالية: (20 %) من الأسر تعاني نقصاً في المواد الغذائية الأساسية، و(30 %) من السكان يعانون من سوء التغذية، ووفاة ما لا يقل عن شخص في كل (5.000) يومياً.
وبالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الزراعة والأغذية التابعة للأمم المُتحدة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، نشرت الحكومة بيانًا في فبراير الماضي، عن الوضع الغذائي، أظهر أن (40 %) من السكان، البالغ عددهم قرابة (8) ملايين نسمة وفق أحدث إحصاء رسمي عام 2010، مُهددون بخطر المجاعة، ويحتاجون إلى مُساعدات غذائية عاجلة.
وطبقًا للبيان المُشترك، فحال توفير المساعدات الغذائية العاجلة، فإن الوضع الغذائي سيتحسن خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وسبق أن حذَّرت منظمات الإغاثة الإنسانية العاملة في جنوب السودان، خلال 2016، من تدهور الوضع الغذائي.
وواجهت الحكومة المركزية تلك التحذيرات بالنفي، رغم إعلان حُكام ولايات “نمور نجانق” (جنوب شرق)، و”أمادي” (جنوب غرب)، و”الوحدة” (شمال غرب)، عن نقص حاد في الغذاء؛ ما اضطر مواطنين إلى اللجوء لدول الجوار: أوغندا، وكينيا، والكونغو، وإثيوبيا والسودان.
ويقول، أزايا شول أرواي، وهو رئيس جهاز الإحصاء المركزي في جنوب السودان، إن “أجزاء واسعة من ولاية الوحدة تُعاني من خطر المجاعة؛ بسبب الحرب التي يعيشها البلد”.
ووفقاً لتقارير دولية، من المتوقع أن يبلغ عدد المُهددين بالمجاعة في جنوب السودان (5) ملايين شخص، أي أكثر من (60 %) من إجمالي السُكان.
ومنذ عام 2013، تشهد دولة جنوب السودان جولات من حرب أهلية قبلية بين قوات سلفاكير (قبيلة الدينكا)، وقوات مشار (قبيلة النوير)، أحدثها دارت بالعاصمة، في يوليو، وأسقطت أكثر من (200) قتيل، وشردت قرابة (36) ألف آخرين في البلد الذي يُعاني انهياراً اقتصادياً منذ (3) أعوام.
وتشكو المنظمات العاملة في المجال الإنساني من تعرضها لمضايقات من قبل الحكومة في مناطق أعالي النيل (شمال شرق) وإقليم الاستوائية (جنوب)؛ ما أعاق إمكانية إيصال المُساعدات الغذائية إلى المواطنين في تلك المناطق، التي تشهد مواجهات مستمرة بين الحكومة والمعارضة؛ ما أدى لفرار حوالى (20) ألف شخص إلى الغابات؛ بحثًا عن الغذاء في منطقة (واو شلك)، بأعالي النيل.
ويسعى مكتب تنسيق العمليات الإنسانية التابع للأمم المتحدة في جنوب السودان لتدشين خُطة للاستجابة للوضع الإنساني الحرج، بالتعاون مع شركاء التنمية وأكثر من (30) منظمة دولية.
وتستهدف خطة المساعدة استقطاب أكثر من مليون و(600) ألف دولار أمريكي لتوفير الغذاء لما يزيد عن (5) ملايين شخص مهددين بالمجاعة.
ويُعاني سكان المدن الرئيسة في جنوب السودان من مشكلات معيشية كبيرة؛ جراء موجة الغلاء، وتراجع سعر العملة المحلية (الجنيه) بصورة كبيرة أمام الدولار في السوق الموازي (غير الرسمي)، حيث بات الدولار الواحد يساوي (12) جنيهًا. ومع ضعف القوة الشرائية للجنيه، أصبح العديد من الأسر تعيش على وجبة واحدة في اليوم.
وتواجه دولة جنوب السودان خطر المجاعة رغم أن عدد سكانها قليل نسبياً، بعض التقديرات تفيد ببلوغهم (12.3) مليون نسمة في 2016، فضلًا عن أنها استحوذت، عند الانفصال، على نحو (75 %) من الثروة النفطية للسودان قبل الانفصال، ما وفر لجوبا واردات بعشرة مليارات دولار.
كما أنها تملك ثروة حيوانية مهمة، على رأسها الأبقار، التي تُقدر بأكثر من (11) مليون رأس، إضافة إلى ثروات مائية وغابية وزراعية، وخاصة الفواكه الاستوائية مثل المانجو، لا سيمَّا وأن مساحتها تفوق مساحة فرنسا، وتقارب (620) ألف كلم مربع.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي