السودان الان

“المياه السنارية” ما تزال تحتاج مدن ولاية سنار إلى مياه الشرب النقية، فقد عجزت حكومة الولاية السابقة عن القضاء على العطش رغم الجهود العديدة التي بذلت في هذا المجال

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

الخرطوم – محمد عبد الباقي
ربما كان وزير التخطيط العمراني بولاية سنار، عبد العظيم فضل الله، يعلم أنه ليس في حاجة لإخفاء معلومة لجوء وزارته إلى إلغاء ثلاث مراحل لمعالجة مياه محطة (ود النيل، المزموم) قبل إرسالها لمحطات توزيعها على المواطنين، لأن تلك الحقيقة صارت مبذولة على قارعة الطريق ويمكن لأي شخص التقاطها دون عناء ومشقة.
(1)
اعترف الوزير ببساطة بالخطوة التي حاول تبريرها لـ(اليوم التالي) بقوله: “تصميم المحطة كان في العام 2009 بسعة (7) آلاف متر مكعب، ولعدد سكان محدد، لكن خلال الأعوام الماضية حدثت زيادة كبيرة في عدد السكان بالإضافة للحيوانات، مما شكل عبئاً إضافياً على المحطة التي أصبحت مياهها لا تكفي المواطنين”. ويستطرد الوزير مضيفاً “ولتقليل النقص في المياه أوقفنا عمليات التنقية التي نفقد بسببها كميات كبيرة من المياه”.
هكذا وببساطة شديدة أوقفت عملية تنقية المياه لسكان عشرات القرى منها قرية القربين وبوزي وجعلهم القرار يشربونها من النيل مباشرة، دون مراعاة لصحتهم وسلامتهم، مقابل توفير الفائض في عملية التنقية.
رغم هذه الطريقة المُبتسرة، هل تمكن مواطنو القرى المذكورة من الحصول على المياه؟ الإجابة للأسف لا؛ فحلول الوزير غير المدروسة لم تعالج قضية العطش التي استفحلت في منطقة المزموم والقرى المجاورة لها، حيث أصبح الحصول على برميل ماء حلما يكلف المواطن عنتاً ومشقة ومالاً، حسب إفادات متعددة لسكان قرية بوزي ومدينة سنجة الذين أكدوا أن سعر البرميل وصل لمئة جنيه.
(2)
المعضلة هي ليست في ضخ المياه مباشرة من النيل الأزرق للمواطن، فهذه كبوة أولى في سلسلة أخطاء فادحة صاحبت عمل وزارة التخطيط العمراني في فترة الوالي السابق للولاية الضو الماحي، الذي تركها تسير على هواها وفقاً لوصف مراقبين لعمل الوزارة، حيث أشار هؤلاء المراقبون إلى أنه خلال قيادة الضو لدفة الولاية تراجع عمل وزارة التخطيط العمراني بصورة لم يسبق لها مثيل من قبل، وأول الأخطاء هو التراجع عن قرار رئاسة الجمهورية بخصوص اقتطاع الأراضي الزراعية لصالح الرعاة العائدين من جنوب السودان عقب الانفصال، ويضيف المراقبون أن القرار اقترب كثيرا من مرحلة التنفيذ في أواخر فترة المهندس أحمد عباس الذي سانده بشدة، إلا أن الضو الماحي تراجع عنه فور تسلمه مقاليد الإدارة وساندته بالصمت وزارة التخطيط رغم معرفتها بأهمية تنفيذ القرار بالنسبة للرعاة والمزارعين على حدٍ سواء في الحاضر والمستقبل، لأنه كان سيمنع وقوع أي احتكاكات بين الطرفين.
(3)
لم يتراجع إنتاج المياه من محطة (ود النيل – المزموم) وحدها، أيضاً هنالك مشروع مياه الدالي الذي لا يزال يعتبر أكبر مشروع لنقل المياه من النيل للمواطنين على بعد مسافة تقترب من (100) كيلو متر مربع، فهذا المشروع الذي قضى على مشكلة العطش في أهم مناطق الإنتاج في السودان لم يستمر في فترة الضو الماحي ووزير التخطيط عبد العظيم فضل الله بل تعرض لمصاعب عادت بالمنطقة برمتها للنقطة التي كانت عليها قبل افتتاحه، وأرجع المواطنون السبب في تدهور الإمداد المائي بخط الدالي إلى عدم المتابعة وتأخير عمليات الصيانة وإنشاء محطات توزيع جديدة على الخط لتعويض فقدان عشرات الحفائر التي كانت تمتلئ بمياه الأمطار وتسد حاجة سكان عدد من القرى، لكن الوزارة لم تهتم بالإشراف عليها إلى أن أفقدتها العوامل الطبيعية المختلفة صلاحيتها، بجانب آبار جوفية عديدة بحسب المواطنين، ولهذا أضطرت الوزارة لإنشاء المحطات الصغيرة على الخط الرئيس، فأثر ذلك بصورة مباشرة على المناطق الأخرى التي تعتمد كلياً على المياه التي تصلها عبر الخط الناقل من النيل مباشرة.
(4)
أيضاً من مشاريع المياه المهمة التي صارت أثراً بعد عين بولاية سنار خلال فترة الضو الماحي ووزير التخطيط عبد العظيم فضل الله، مشروع مياه الآبار الجوفية التي حين قادر أحمد عباس الولاية ترك منها حوالى (830) بئراً تعمل بكامل كفاءتها، كانت تمثل إضافة حقيقية لمحطات المياه الرئيسة التي أقامتها الولاية وهي محطة الدالي وسعتها (15) متر3 ومحطة المزموم وسعتها (7) آلاف متر3، بالإضافة لما يقرب (40) حفيراً، وهذه المشاريع مجتمعة جعلت الولاية ولمدة ثلاث سنوات متتالية تأتي في المركز الأول في التقرير الاتحادي على قائمة الولايات التي استطاعت توفير مياه الشرب النقية للإنسان والحيوان، والسبب هو تلك المشاريع التي عالجت قضية العطش التاريخية في تلك المناطق، وفقاً لمسؤول في إدارة المياه بالولاية، طلب حجب اسمه، إذ يعتبر أن المناطق كانت لها مشكلة تاريخية مع العطش.
تدهور الآبار الجوفية والحفائر والمحطات الأخرى خلال الثلاث سنوات الماضية أعاد سكان تلك المناطق إلى نقطة العطش القديمة، بل ذهب بهم أبعد منها، لأن الكثير من المواطنين قدموا من مناطق بعيدة واستقروا حول تلك المشاريع وصاروا يعتمدون عليها كلياً وبسبب توقفها المُفاجئ بدأ بعضهم يفكر في مغادرة المنطقة مجدداً.
(5)
ذات الإهمال الذي واجهته مشاريع المياه مجتمعة بالولاية، أصاب مشروع توصيل الكهرباء، وتشييد المدارس والمراكز الصحية.
وبالنسبة للكهرباء كانت ولاية سنار وفقاً لمتابعين للمشروع هي الولاية الأولى التي استحدثت مشروع توصيل الكهرباء عبر التمويل الأصغر وخلال الفترة التي كان فيها أحمد عباس والياً وصلت الكهرباء لأكثر من (100) قرية بشرق سنار وحوالى (190) قرية بغرب سنار و(70) قرية جنوب السوكي و(18) قرية بمنطقة أبو حجار، كما وصلت الكهرباء لمناطق الدالي والمزموم وفي طريقها لمناطق أخرى كثيرة، أيضاً كان نصيب التعليم وافراً فقد أنشأت عشرات المدارس بقرى الولاية وصلت لحوالى (700) مدرسة وبلغ عدد عمال التعليم (18) ألف من جملة (21) ألف هو العدد الكلي لعمال الخدمة المدنية بالولاية، أما مشروع إنشاء المراكز الصحية والمستشفيات توقف بدوره أيضاً عند محطة أحمد عباس.
والمؤسف أن تلك الإنجازات المهمة في البنية التحتية توقفت تماماً وتلاشى بعضها في ظل حكومة الضو الماحي الذي استبدل وزير التخطيط العمراني مرتين خلال أربعة أعوام، الأول كان علي الأزرق الذي جاء قادماً معه من ولاية القضارف وأقيل من منصب الوزير، لكن أسندت إليه مهمة إدارة شركة سنار للطرق والجسور التابعة لحكومة الولاية، والثاني هو عبد العظيم فضل الله وهو لا يزال وزيراً للتخطيط العمراني.
لم تعدم وزارة التخطيط إنجازاً خلال فترة حكومة الضو الماحي، ومن إنجازاتها وفقاً لوزير التخطيط العمراني عبدالعظيم فضل الله الذي قال لـ(اليوم التالي) إنه أنجز (51) بئراً، منها (26) أقامتها إدارة السدود و(25) بئراً هي مشاركة بين الجهد الشعبي والولاية حسب عبد العظيم.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي