الخرطوم – بهرام عبد المنعم
لكسر جمود العملية التفاوضية لإحلال السلام في البلاد، بحث ممثل رئاسة الجمهورية لمفاوضات سلام دارفور، أمين حسن عمر، الاثنين الماضي مع مبعوث من رئيس آلية الوساطة الأفريقية، ثامبو أمبيكي، تحريك التفاوض حول خارطة الطريق لإحلال السلام في السودان.
وطبقًا لممثل الرئاسة أمين حسن عمر، فإن اللقاء كان بغرض التشاور مع الحكومة حول أسرع الطرق لتحريك التفاوض من جديد حول خارطة الطريق، وعلاقتها بالمبادرات التي تقوم بها الأطراف المختلفة، وبينها المبادرة الألمانية.
وشدَّد على ضرورة أن يتبلور ذلك حتى يتم عقد اجتماع يحرك الأوضاع بخصوص خارطة الطريق، لكن قال إنه لم يتم تحديد سقف زمني لبدء المفاوضات، وأن ذلك يتم بعد اكتمال المشاورات مع كافة الأطراف.
وفشلت، في أبريل الماضي، مفاوضات غير مباشرة، برعاية ألمانية، بين الحكومة السودانية وحركتي “العدل والمساواة” و”تحرير السودان/ جناح مناوي” المسلحتين.
وأعلن تحالف “نداء السودان” (يضم حركات وأحزابا مسلحة معارضة)، في 30 يونيو الماضي، تلقيه عرضًا جديدًا من ألمانيا للمساعدة في إنهاء الحرب وتحقيق السلام.
ووقع قادة قوى التحالف، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عام 2016، على خارطة الطريق للسلام، بوساطة أفريقية.
وانهار التفاوض على الخارطة بين الحكومة والتحالف، في أغسطس من العام نفسه.
ويضم التحالف أحزابًا سياسية أبرزها: الأمة القومي، والمؤتمر السوداني.
كما يضم فصائل مسلحة، هي: “الحركة الشعبية لتحرير السودان- قطاع الشمال”، “العدل والمساواة”، برئاسة جبريل إبراهيم، و”تحرير السودان/ جناح مني مناوي”، و”تحرير السودان/ عبد الواحد نور”.
ومنذ يونيو 2011، تمردت “الحركة الشعبية – قطاع الشمال” على الحكومة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
فيما يشهد إقليم دارفور نزاعًا بين الجيش وحركات متمردة منذ 2003، خلَّف نحو 300 ألف قتيل، وشرد قرابة 2.7 مليون شخص، بحسب الأمم المتحدة.
ورفضت هذه الحركات الانضمام لوثيقة سلام برعاية قطرية، في يوليو 2011، بينما وقَّعت عليها حركة “التحرير والعدالة”.
وكان العامل الحاسم في تفجر النزاع، في جنوب كردفان اتهام الحركة للحكومة بتزوير انتخابات تم تنظيمها في يونيو 2011، لانتخاب حاكم ولاية جنوب كردفان، المنصب الذي ترشح له نائب رئيسها، عبد العزيز الحلو.
وبعد أسابيع من بدء الاقتتال، تمكن الوسيط ثابو أمبيكي، الذي يعمل بتفويض من الاتحاد الأفريقي، لتسوية القضايا الخلافية المترتبة على التقسيم، بين السودان وجارته الوليدة، من إقناع الطرفين بالتفاوض.
وبالفعل نجح أمبيكي في دفع الخصمين لتوقيع اتفاق إطاري، بعد مفاوضات سلسة، لم تستغرق سوى بضعة أيام، في أديس أبابا.
لكن رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، سارع إلى رفض الاتفاق، لأن الوفد الحكومي لم يكن مفوضا لإبرام بعض البنود، ومنها بند ينص على شراكة سياسية، لاقتسام السلطة.
وتسبب الأمر في نقل النزاع إلى ولاية النيل الأزرق، التي كان يشغل منصب الحاكم فيها رئيس الحركة، مالك عقار، بعد فوزه في الانتخابات التي أجريت في 2010، بموجب اتفاق السلام مع المتمردين الجنوبيين.
والحال كذلك، لجأ الطرفان إلى تصعيد عسكري، غداة إبرام قطاع الشمال لتحالف مع ثلاث حركات تحارب الحكومة منذ 2003 في دارفور، هي حركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد نور وحركة تحرير السودان بزعامة أركو مناوي، الذي انشق عن نور في 2006.
لكن الطرفين عادا إلى التفاوض في أغسطس 2012، بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي، كان ضمن مساعٍ دولية، لاحتواء اشتباكات عسكرية بين الخرطوم وجوبا، اللتين تتبادلان الاتهامات بدعم المتمردين.
غير أن المفاوضات لم تثمر، نتيجة خلاف الطرفين حول أجندة التفاوض، إذ طالبت الحكومة بأن تقتصر المحادثات على قضايا الولايتين فقط، مقابل تشدد الحركة في أن تشمل كل القضايا القومية، وعلى رأسها أزمة الحكم.
ولاحقًا فشلت عدة جولات لذات الأسباب، قبل أن يجد الوسيط مخرجا في دعوة حوار وطني لكل القوى السياسية، أطلقها البشير مطلع العام 2014.
وفي أغسطس 2014، وسع الاتحاد الأفريقي تفويض أمبيكي، ليشمل المساعدة في إنجاح مبادرة الحوار، التي مثلت حلًا تلقائيًا للخلاف حول أجندة التفاوض، على المستويين الولائي والقومي.
وبالفعل نجح الوسيط في دفع وفدين، أحدهما يمثل الحكومة والآخر الحركات، للتوقيع على إعلان مبادئ في سبتمبر 2014، استجاب لعدد من شروط المعارضة لقبول مبادرة البشير، من بينها تهيئة المناخ عبر عدة خطوات تشمل إطلاق سراح المعتقلين، وصون الحريات العامة.
وبناءً على إعلان المبادئ، دعا أمبيكي إلى جولة مفاوضات، شملت مسارًا جديدًا بين الحكومة وحركتي جبريل ومناوي، اللتين تحاربان في دارفور، بينما رفضت حركة نور الانضمام للعملية، مُشككة في جدية الخرطوم.
ومع فشل المفاوضات، تكتلت أحزاب المعارضة بشقيها المدني والمسلح في تحالف باسم “نداء السودان”، كأوسع تجمع ضد حكومة البشير، خيره ما بين القبول بحوار “جاد” أو مواجهة “انتفاضة شعبية”.
ولاحقا، فشلت عدة جولات في إحراز تقدم في العملية التفاوضية، التي كانت تهدف أولا إلى التوصل لاتفاق وقف عدائيات، ثم الانخراط في حوار أشمل يضم بقية القوى السياسية، لمناقشة القضايا القومية وعلى رأسها أزمة الحكم.
وأخذت الأمور منحى آخر عندما طرح الوسيط في مارس 2016 خارطة طريق، وقعت عليها الحكومة بشكل منفرد، بينما رفضتها الحركات بحجة أنها “انحازت” لوجهة النظر الحكومية.
ويعود تعثر المحادثات في مسار جنوب كردفان والنيل الأزرق إلى رهن الحركة الشعبية لإبرام وقف العدائيات بإيصال المساعدات الإنسانية للمناطق الواقعة تحت سيطرتها عبر مسارين، داخلي وآخر خارجي من نقطة حدودية مع إثيوبيا، للحيلولة دون “سيطرة” الحكومة على العملية.
وبالمقابل ترفض الحكومة ذلك، وتصر على إيصال المساعدات عبر مسار داخلي فقط، بحجة “السيادة”.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي