السودان الان

“الموية تكذب الاستعدادات” يجمع مواطنو الخرطوم على أن تحضيرات الولاية لخريف هذا العام لا تختلف عن سابقاتها ولكن معتمدي المحليات يؤكدون جاهزيتهم التامة للخريف بنسبة تفوق “80%” وعند هطول الأمطار الخبر اليقين!

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

تحقيق – أفراح تاج الختم
قبل أيام حذرت الهيئة العامة للأرصاد الجوية من هطول أمطار فوق المستوى هذا العام مع حدوث ارتفاع غير مسبوق في مناسيب النيل، وهطلت بالفعل أمطار غزيرة في عدد من ولايات السودان وخفيفة في ولاية الخرطوم. والأخيرة دائماً ما ينكشف الوجه الآخر القبيح لها بعد هطول الأمطار، وجه مشوه بالندبات والحفر، تنهكه أول عملية هطول أمطار. وأكد دكتور شرف الدين بانقا المختص في تخطيط المدن أن التخطيط العمراني للمدينة لا توجد بها خدمات من شبكة مياه وشبكة تصريف وكهرباء، حيث لا يتم إدماج الشبكات في التخطيط، بل يتم إغفالها وعملها لاحقاً، مع عدم تحميل الطرق تصريف المياه.
وكشف معتمدا الخرطوم بحري وأمبدة لـ (اليوم التالي) عن استعدادهم التام لخريف هذا العام بنسبة تفوق (80%)، حاولنا من خلال هذا التحقيق أن نسلط الضوء على استعدادات ولاية الخرطوم لخريف هذا العام، وهل سيتكرر المشهد المعهود كل عام أم هناك جديد؟
مصارف لحرق النفايات
في معظم الأحياء بولاية الخرطوم أصبحت المصارف تستخدم لغرضين لحرق النفايات ولتصريف مياه الأمطار، بالرغم من وجود قانون يحظر القيام بالحرق العشوائي للنفايات. وقد كشفت جولة لـ (اليوم التالي) في بعض أحياء ولاية الخرطوم قيام عمال النظافة بالمحليات بحرق الأوساخ داخل المصارف بمحلية أمبدة، حيث يتم حرقها داخل المصرف، ومن ثم استخراجها وتركها متناثرة في حافة المصرف وطريق الإسفلت، دون رفعها في عربة النفايات.
تأخر عملية النظافة
تبدو الاستعدادات خجولة في بعض المحليات لخريف هذا العام، ودائماً لسان حال المسؤولين يردد عبارة (فاجأنا الخريف)، فالشوارع الرئيسة في الخرطوم والأسواق ومواقف المواصلات الرئيسة تفتقد لنظام مصارف أمطار، فعند إنشائها تم إسقاط المصارف عمداً لتقليل تكلفة إنشائها، ما يجعل المياه حبيسة بها لأيام تلاطمها السيارات، الأمر الذي يحدث إعاقة لحركتها لتصير لاحقاً مرتعاً للباعوض
وقال مواطنون في منطقة الصحافة لـ (اليوم التالي) إن نظافة الخيران (المصارف) تتم ببطء شديد، وقد ظهرت آليات جديدة لم تكن مستخدمة سابقاً. ورأى المواطنون أن عملية التنظيف متأخرة، وكان يمكن أن تحدث قبل شهر وليس الآن، فالأتربة المستخرجة تسببت في مشاكل في التنفس للسكان.
تفريغ مواقف المواصلات
وأبدى مواطنون في محلية أمبدة تخوفهم من قدوم السيول لمنازلهم من المنطقة الغربية للمحلية. ويجأرون بالشكوى لـ (اليوم التالي) من عدم اهتمام اللجان الشعبية بالأحياء بتصريف المياه ونظافة المجاري الرئيسية. ويؤثر هطول الأمطار في بعض المدارس في الأحياء الطرفية ذات البيئة المدرسية المتردية. ورأى مواطن أنه يجب على المحليات الاهتمام بردم الشوارع المنخفضة.
وطالب مواطنون في موقف شروني وجاكسون محلية الخرطوم بالاهتمام بمواقف المواصلات وتفريغ مياه الأمطار منها بدلاً عن تركها بها لأيام حتى تعيق حركة الركاب داخل المواقف كما يحدث كل عام. وطالبوا أيضا بإعادة تخطيط المواقف مرة أخرى حتى تضمن فيها مصارف المياه.
مصارف جديدة
وأكد معتمد محلية الخرطوم بحري اللواء ركن حسن محمد حسن، أن محليته متأهبة تماماً حال لفصل الخريف، بنسبة بلغت (80%). وكشف لـ(اليوم التالي) عن قيام محليته بإنشاء ثلاثة مصارف جديدة ستدخل الخدمة هذا العام، وهي: (مصرف الشقلة، كافوري، والإنقاذ)، وهو مصرف حجري كبير يأتي من محلية شرق النيل، ويرفع قطاع كافوري مربعي (3) و(4) وطيبة الأحامدة والمنطقة الصناعية، ويصب في الإنقاذ الذي كان مصرفاً ترابياً. وقال حسن “الآن نسبة عالية منه (50%) منه شيدت، وهو ملتقى لمصرف الشقلة شرق النيل بحري سيقترن في شارع الإنقاذ”. وأضاف: “حالياً هناك تنسيق بين هيئة السكة حديد والمحلية لإنشأ مصرف من أسفل ليعمل مناولة في مصرف البحوث شمال امتداد شمبات الذي شبه اكتمل العمل به”.
عدم وجود مصارف
وأكد اللواء حسن أن الجديد هذا العام هو سفلتة شارع لفة جنوب شمبات التي كانت من أسوأ المناطق التي لا تتم بها عملية التصريف وأزعجت المواطنين كثيراً. وأضاف: “الآن سيعمل الشارع كمصرف له ميلان غرباً وشرقاً ليصب في مصرف الإنقاذ، وذلك سيخدم مربعات كثيرة مثل (الصافية – شمبات)”. وأبان حسن أن المصارف الكبيرة عمل مشترك بينهم ووزارة البنى التحتية.
وأشار اللواء حسن إلى وجود مصارف وسيطة، مثل مصرف (نصرالدين – والمهماب – وحلة حمد – الزبطية)، وقد تم العمل بها في ثلاث مراحل، مرحلة أولى رفع الأنقاض والنفايات منها والثانية مرحلة التجديد وإزالة الأطماء الذي يحدث لها، أما المرحلة الأخيرة فتح المعابر والمواسير.
وعن تركيزهم على المناطق الراقية وإهمال المناطق الطرفية في بحري أكد حسن بقوله لـ (اليوم التالي) إن الأحياء الراقية تفتقد لمصارف فرعية داخلية مثل الصافية وكافوري. وأشار إلى أن نسبة (%20) التى نقصت من استعدادات الخريف لديهم ترجع إلى عدم وجود مصارف في بعض المناطق الكبيرة المذكورة سابقاً. وقال إن كل المصارف الوسيطة والفرعية موجودة في التخطيط العمراني القديم للخرطوم بحري.
مراجعة السدود
وكشف عن مراجعتهم للسدود في المناطق النيلية مثل سد الكنجر والكباشي والدلجة. وأكد أنشاءهم لسد جديد هذا العام شرق منطقة ودأبوصالح بالريف الشمالي لبحري. وأضاف “تبقت لنا التأمينات الأخرى التي تأتينا من ناحية النيل، وهذه تحتاج إلى عمل كبير ومبكر، وتعتمد على منسوب النيل في أعالي الهضاب الإثيوبية”. وأضاف “وضعنا القياسات المتوقعة هذا العام، ففيضان النيل هو قدر الطبيعة”.
وحث حسن المواطنين على عدم رمي الأوساخ في مصارف المياه، حتى تعمل بالشكل الأمثل.
جاهزية أمبدة للخريف
وبالنسبة لمحلية أمبدة، فقد بدأت استعدادتها متأخرة لفصل الخريف بحسب رأيي بعض المواطنين الذين لاحظوا قيام عاملي النظافة بالمحلية، يقومون بإخراج النفايات من داخل مجاري الأمطار إلى الخارج، ما عمل على نثر الأوساخ في جنبات الطريق العام، ولكن الرجل الأول في محلية أمبدة معتمدها عبداللطيف فضيلي يرد على ذلك، ويقول لـ (اليوم التالي) إن المحلية جاهزة لاستقبال فصل الخريف بنسبة (90%) من ناحية تجهيز المصارف الرئيسة والوسيطة بالتنسيق مع هيئة الجسور والطرق والكباري. وأكد قيامهم برفع الجسر الواقي للمحلية من الناحية الغربية، وكذلك قيامهم بتهذيب الخيران الرئيسة مثل: (خور أبوعنجة -العامرية -المرخيات)، وأشار إلى فتح مصرف شمال السلام لأول مرة، بالإضافة إلى تأهيل المصارف كافة بشكل جيد،
وأكد قيامهم برفع الأنقاض وفتح العبارات والقطعيات. ووجه فضيلي المواطنين بعدم قفل العبارات في المصارف بالنفايات.
صب المصارف مكلف
وعن حرق عمال النظافة للنفايات داخل المصارف أقر فضيلي بأن ذلك من أكبر الإشكالات التي تواجه المصارف، موجهاً إياهم بعدم فعل ذلك. وأضاف “الحريق ممنوع بالقانون”. وحث المواطنين عند هطول الأمطار القيام بتسيير المياه في المصرف لاعتراض الأخشاب أو الكريستالات لها ما يغلق مداخل المصارف..
وعن إمكانية ردم المصارف (الخيران) وصبها قال إن ذلك مكلف مادياً وظروف الدولة الآن لا تسمح بذلك رغم عمله ببعض المناطق بأمبدة مثل الردمية شمال وجنوب. وطالب فضيلي بتجفيف الميادين والطرقات بعد هطول الأمطار حتى لا تحدث مشاكل بيئية من توالد للناموس والذباب. وبين وجود حفر كبيرة في المناطق الغربية لمحليته. وقال “لدينا انتشار لقوات الدفاع المدني حول تلك الحفر الكبيرة”.
وأكد جاهزية مكاتب الصحة بالمحلية للقيام بدورها. وأشار إلى وجود لجان على مستوى الحارات والوحدات الإدارية، تتابع المدارس والمساجد في فصل الخريف. وكشف عن وجود غرفة طوارئ من عدة جهات بمحلية أمبدة. وختم حديثه قائلاً “الوضع مؤمن”.
مكامن الخلل
رأى دكتور شرف الدين بانقا المهندس المختص في تخطيط المدن الذي شغل لفترات منصب وزير التخطيط العمراني بولاية الخرطوم، رأى أن إنشاء المصارف مكلف مادياً أكثر من إنشاء خط مياه أو خط كهرباء. وقال إن التوخي في التصريف لتقليل التكلفة. وأضاف بانقا “كان على الخرطوم أن تكون أفضل في استعدادها السنوي لفصل الخريف”. ويكشف لـ(اليوم التالي) أن الولاية بها ثلاث ظواهر طبيعية، فهي هشة في موسم الخريف نسبة لغزارة الأمطار وفيضان النيل والمياه القادمة من الأودية خارج الخرطوم، والأخيرة لا تزال تسيل، لم يتم تداركها.
وأوضح بانقا أن معظم المنازل في المناطق الطرفية من الطين، وبالتالي تؤثر فيها الأمطار وشرح مكامن الخلل في التأهب لفصل الخريف، وقال “لا يوجد تدارك لوضع الخريف نسبة لضعف الميزانية المرصودة له وعدم إعطائه الأولوية”. وأبان أن تأثير المياه الراكدة لا يتوقف عند إعاقة الحركة، بل يمتد ويخلف مظاهر بيئية تكلف الكثير، متعلقة بالصحة نسبة لتوالد الباعوض والذباب.
تخطيط عشوائي
وشدد على ضرورة أن تنافس المصارف في الحصول على التمويل، لكنه رجع وأشير إلى أن ذلك غير متاح لوجود مشاكل فنية.
وأكد بانقا أن التخطيط العمراني للمدينة لا توجد بها خدمات من شبكة مياه وشبكة تصريف وكهرباء، حيث لا يتم إدماج الشبكات في التخطيط بل يتم إغفالها، ولا يتم الاستعانة بالكنتور (طبوغرافية الارض والميول والتصريف)، والأخير يتم تنفيذه بعد التشييد ولا يضمن في الخارطة، ومازال الحديث عن خلل التصريف. وأشار إلى عدم تحميل المختصين الطرق تصريف المياه ما يجعل الطريق مصرف عندما تكون المياه كثيره، وأضاف: “بالتالي عندما نريد أن نخطط للخرطوم يجب أن يكون اتجاه المياه على النيل”.
عدم استجابة
حاولت الصحيفة منذ بضعة أيام الاتصال عدة مرات بعدد من المتعمدين في ولاية الخرطوم، منهم معتمد الخرطوم الفريق أبو شنب ومتعمد محلية شرق النيل وآخرون، لكن لم يتم الرد على الصحيفة.
خلل إداري
وتكثر بفصل الخريف الأوبئة والأمراض المختلفة نتيجة لتوالد الباعوض والذباب لتراكم النفايات داخل الأحياء، التي من قبل فصل الخريف تعاني من تكدس النفايات وعدم وصول عربة النفايات لها. وأرجع وزير المجلس الأعلى للبيئة والترقية الحضرية حسن إسماعيل قضية نقل النفايات للمحليات. وأكد أن ذلك من صميم عملها بناء على تبعيتهم إدارياً للمتعمد من قبل سلطة الحكم المحلي. وأقر بوجود خلل إداري في منظومة نقل النفايات. وكشف لـ (اليوم التالي) أن مشكلة النفايات في عملية النقل الابتدائية من المحليات وداخل الميادين والأسواق. وأوضح إسماعيل أن دورهم يبدأ باستقبال نفايات المحطات الوسيطة، ومن ثم نقلها للمرادم النهائية. وأؤكد جاهزيتهم للعمل في فصل الخريف، بصيانة الطرق المؤدية للمرادم وصيانة عربات النفايات القادمة من المحليات.
وأكد حرصهم على الربط مع وزارة المالية لتوفير الاسبيرات للورشة المركزية، استعداداً لأعطال الخريف الكثيرة. وكشف عن وجود ورشة متحركة تصل إلى المحليات للصيانة الخفيفة للعربات بفصل الخريف، مع قيامهم بمعالجة الاحتباس داخل المحطات الوسيطة. وقال “نحرص على أن لا يحدث بطء في المرادم والمحطات”.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي