القاهرة- صباح موسى
انتهت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للخرطوم يوم (الجمعة) بمزيد من التنسيق والاتفاقيات رآها كثيرون أنها حقيقية وجدية هذه المرة، لشعورهم بالإرادة القوية والحقيقية التي لمسها الجميع من حديث الرئيسين البشير والسيسي أثناء الزيارة، كما أن البيان الختامي للزيارة أكد على الكثير فيما يصب في مصلحة تطوير العلاقات بين البلدين على كافة الأصعدة. وفي هذا التقرير ركزنا على المصالح الشعبية بين البلدين في المقام الأول، وعلى مشاكل الجالية السودانية بمصر ومطالبة الرئيسين والجهات المعنية بالبلدين بضرورة حلها، إيمانا بترجمة العلاقات القوية بين البلدين إلى واقع فعلي. (اليوم التالي) استطلعت عددا نوعيا من السودانيين المقيمين بالقاهرة حول رأيهم عن الزيارة وتوقعهم لنتائجها ومطالبهم منها.
الإنجازات
التقينا الدكتور عبد الحميد البشرى قنصل السودان العام بالقاهرة والذي أعرب عن تفاؤله بنتائج زيارة السيسي للخرطوم، موضحا أنه حدثت قفزات كبيرة في إطار حل مشاكل مواطن كل بلد في البلد الآخر، وأن الرئيسين دائما يستشهدان بأعمال اللجنة القنصلية بين البلدين ويعتبرانها النموذج الجيد للعلاقات. وقال البشرى لـ(اليوم التالي) إن نتائج الزيارة ستضيف للإنجازات الموجودة، مشيرا إلى حديث البشير عن أن الزيارة سيكون لها ما بعدها، وأن هذا هذا ليس للاستهلاك السياسي أو الحديث الإعلامي، مؤكدا أن الزيارة ستضيف الكثير إلى أرض الواقع المتحرك في العلاقات بين البلدين الآن، مضيفا أن حديث البشير يحمل معاني كبيرة، وأن السيسي لديه قناعة حقيقية شخصية بهذه العلاقات، ودائما هو مبادر في الوصول إلى الجانب السوداني، وتابع “يكفينا أن أول زيارة له بعد توليه مقاليد الحكم في مصر كانت للسودان”، وقال ليس لديّ شك في أن هذه العلاقة ستسير في الاتجاه السليم، وأن هذه الزيارة ستضيف مزيدا من حلحلة المشاكل، معربا عن أمله في أن تكون هناك حلول موازية بالنسبة لدخول السلع المصرية للسودان، مطالبا في الوقت نفسه الجانب المصري بضرورة تسهيل الإقامات على السودانيين الموجودين بمصر، وقال إن وجود نافذة خاصة بالسودانيين لتخليص إجراءاتهم وتعاملاتهم بمجمع التحرير، ليست كثيرة على علاقات بحجم العلاقات المصرية السودانية، لافتا إلى أن المحيط الإقليمي حول البلدين يتطلب مزيدا من التعاون والتنسيق بين القاهرة والخرطوم.
المشاكل بسيطة
من جانبه اعتبر الدكتور حسين عثمان رئيس مجلس الجالية السودانية بالقاهرة الزيارة تاريخية، وأنها جاءت في الوقت المناسب. وقال عثمان لـ(اليوم التالي) إننا نلحظ حراكا كبيرا في حلحلة مشاكلنا في الفترة الأخيرة وإنه تم تنفيذ الحلول بطيب خاطر، مبينا أن مهندسي زيارة السيسي للخرطوم هما الفريق صلاح قوش المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، واللواء عباس كامل مدير جهاز المخابرات العامة المصري، وأن الوضوح والشفافية التي اتبعها الرجلان في لقاءاتهما هي التي أدت إلى هذه النتائج التي وضعت العلاقات على الطريق السليم، معربا عن تفاؤله بنتائج الزيارة، وقال “أنا متفال أكثر من اللازم”، موضحا أن الجالية السودانية بمصر ليست لديها مشاكل خطيرة ولا حتى كبيرة، وقال موضوع الإقامات لا أعتبره مشكلة لأنه إجراء يطبق على كل الأجانب بمصر، وهي مسألة تنظيم ويجب أن نحترم سيادة مصر في هذا الصدد، مضيفا هناك ميزات لابد أن نذكرها في هذا الموضوع، منها أن السودانيين الموجودين في مصر من قبل 95 معفيون تماما من الإقامة ويعاملون معاملة المصريين، وأن الموجودين بعد 95 أو القادمين إلى مصر لهم 6 شهور سماح من الإقامة، ويكفينا أننا نعامل معاملة المصريين في المدارس والجامعات المصرية، مستدركا في الوقت نفسه أن هناك مشكلة صغيرة وهي عدم تجديد تصاريح العمل للسودانيين، مضيفا أنه على الجانب المصري أن يكون مرنا في هذه النقطة، لأن الفئة التي تتعامل معها قليلة جدا وستنتهي بمرور الزمن، لأن الناس فيها على مشارف المعاش، كما طالب بتسهيل حصول السودانيين على تأشيرات الدخول لمصر، وتحسين المعاملة في منافذ الجمارك البرية بين البلدين، لافتا إلى تكرار شكوى السودانيين القادمين للقاهرة عبر المنافذ البرية من سوء معاملة الجمارك، مؤكدا أن العلاقات بين البلدين قوية ومتجذرة وتستحق أن تنتهي هذه المشاكل البسيطة منها.
رسالة قوية
أما الدكتورة حنان يوسف أستاذة الإعلام ورئيسة مبادرة النيل الشعبية بين البلدين، فأشادت بالزيارة التي وصفتها بالناجحة، وقيامها في هذا التوقيت، مؤكدة أنها رسالة قوية تعبر عن عمق الروابط التاريخية بين مصر والسودان، وتعيد الأمور إلى نصابها ووضعها الصحيح لشعبي وادي النيل. وقالت يوسف (المصرية من جذور سودانية)، لـ(اليوم التالي)، إن القيادة السياسية المصرية تؤكد دوماً وحدة العلاقات وتفردها بين مصر والسودان، واعتبرت أن هذه الزيارة قد نجحت في فتح مجالات جديدة للتنمية والتعاون المشترك بين القاهرة والخرطوم وتوقيع عدة اتفاقيات بين البلدين مثل اتفاقية ربط الشبكة الكهربائية بين البلدين، بالإضافة إلى دراسة ربط السكة الحديد السودانية لمصر، وأيضا التطرق إلى الأوضاع السياسية بالمنطقة، موضحة أن المؤتمر المشترك للرئيسين البشير والسيسي تطرق بشفافية ووضوح للعديد من الأمور، وأنه أظهر عمق العلاقات التاريخية بين البلدين والعمل على استمرارها في السنوات المقبلة، كما أشادت يوسف بالحفاوة البالغة وسعادة الشعب السوداني الشقيق بزيارة السيسي للخرطوم، واعتبرت أن وجود قرينة الرئيس المصري في الزيارة واستقبالها بحفاوة كبيرة من قبل قرينة الرئيس السوداني هو دلالة إنسانية تعبر عن قوة وحميمية العلاقات الإنسانية بين شمال وجنوب الوادي، وهو ما يجب استثماره في المرحلة المقبلة. وطالبت يوسف القيادة السياسية في البلدين بمزيد من دعم العلاقات الشعبية بين مصر والسودان، كونها تمثل الظهير القوي لإنجاح مسارات التعاون المشترك المأمول، مؤكدة على ضرورة تطوير ملفات العمل الشعبي في إنتاج خطاب إعلامي داعم للعلاقات وتفعيل دور المرأة والمجتمع المدني الجاد، وأن الثقافة والتعليم من أولويات المرحلة المقبلة من أجل مزيد من تقوية التعاون المشترك بين شمال وجنوب الوادي .
أما الدكتورة مريم البتول (أكاديمية سودانية تعمل بالعمل الطوعي بمصر)، فقالت أنا رأيي كناصرية تؤمن بوحدة الشعبين والبلدين قلبا وقالبا وشكلا وموضوعا، أرى أن الزيارة في غاية الأهمية، حيث إنها في وقت مهم جدا للتقارب بين مصر والسودان وخاصة أن المنطقة في حالة تغيير تام وجروح متواصلة. وأضافت البتول لـ(اليوم التالي) أن الأهم بل والبالغ الأهمية بالنسبة للسودان ومصر التقارب الإثيوبي الإريتري وهما المحور وشريان الحياة للبلدين، وستكونان دولتي منبع لفرع مهم لنهر النيل، وهو النيل الأزرق، وتابعت لابد من بناء علاقة جديدة مؤسسة وبصورة حضارية جادة تمجد عمق إخاء البلدين والذي لا مفر منه، ويجب تجاهل هفوات الماضي وتجاوز الخلافات التي تعطي الأعداء فرصة لخلق هوة بين البلدين، كما يجب على البلدين خلق علاقات قوية للاستثمار في أفريقيا قبل توجه استراتيجيات دول الرأسماليه إليها وخاصة الوجود الصيني بنهم مكثف، موضحة أنه على الدولتين العمل بتقنيات عالية للتنمية وتطوير الوضع الاجتماعي والثقافي والذي يساعد على انتعاش الاقتصاد والرقي بالتعليم الحديث، وقالت يجب على حكام مصر والسودان وشعوبهم إدراك أن العلاقة حقيقة مسلمة لا مناص منها، ويجب حث الشعوب على العمل وعدم تشجيع الهجرة الفاشلة، وعلى مصر أن تضع أولوية عمق العلاقة مع السودان دون غيرها حتى يكون هنالك مستقبل أفضل وتأمين للأمن القومي، مضيفة كما يجب على السودان ومصر لعب دور أكبر في استقرار الجنوب الذي سيكون مصدر قلق للدولتين، والجنوب أحد مجاري النيل، معربة عن أمنياتها بأن تكون العلاقات بين البلدين قوية وبمفهوم أرقى بكثير.
الإصرار والجدية
بهاء عيسى، صحفي مقيم بمصر، قال إن زيارة السيسي للخرطوم هذه المرة يبدو أنها تحمل عنوان الإصرار والجدية في كل ما تم الاتفاق عليه في الماضي، وتم وضعها في دواليب الحكومتين وكتب عليها يتم التنفيذ لاحقا، وأضاف بهاء لـ(اليوم التالي)، “حتى أصبحنا نحن كمواطنين في البلدين لا نهتم بأي اتفاق مشترك، وفي الماضي استبشرنا خيرا حينما تم تصعيد رئاسة اللجنة العليا المشتركة لتكون برئاسة الرئيسين، واستمر العمل المشترك عبر ثلاثين لجنة مشتركة تلقي بأحمالها واتفاقياتها على اللجنة الرئاسية التي بدورها تصدر التوجيهات، ولكن على السطح لا نجد ما هو مفيد لنا كمتطلعين لأشياء كثيرة، مضيفا أن السوداني في مصر يعاني من قائمة مشاكل أهمها الإقامة وغرامات كبيرة لا يستطيع الأغلبية سدادها، وهي تأتي بأثر رجعي رغم القرار بإلغاء التحصيل بأثر رجعي، مما أحدث ارتباكا كبيرا وسط السودانيين المقيمين في مصر، وهذا لم يكن موجودا في الماضي، حيث كان السوداني يشعر بأنه يقيم في بلده الثاني آمناً من الملاحقات في الشارع عبر فرق أصبحت تستهدف سودانيين في أماكن معروفة، مطالبا بضرورة تطبيق الحريات الأربع بين البلدين والذي يقابل بلا مبالاة بل رفض لأسباب يقال أنها أمنية، وقال لكن يبدو من الحديث في المؤتمر الصحفي بين الرئيسين هذه المرة الإصرار على تنفيذ كل الاتفاقات الهامة التي تزيد جرعة الثقة وتدفع بالعلاقات بين البلدين للأمام.
نستبشر خيراً
أما عزة عبد الحليم سودانية تعيش في القاهرة منذ سنين طويلة، فلا ترى أنها غريبة أبدا في مصر، وقالت عزة لـ(اليوم التالي): “نشأت وولدت بالقاهرة ولا أجد أي فارق بيني وبين المصريين، وأعتبر مصر بلدي فعلا، معربة عن تفاؤلها بنتائج زيارة السيسي للخرطوم، وأضافت عندما يتفق الحكام بالتأكيد الأمور بين البلدين ستسير على ما يرام، ونستبشر خيرا، ونتوقع مزيداً من التقارب والتعاون بينهما ليس لصالح العلاقات السياسية فقط، بل لصالح مصالح الشعبين في المقام الأول”. وطالبت بضرورة حل أي مشاكل تقابل مواطني البلدين في البلد الآخر، وقالت “من حقنا على القيادة السياسية أن تحقق مقولة إننا شعب واحد في بلدين، ونحن فعلاً نمثل هذا الوصف الدقيق.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي