الجبلين – مهند عبادي
حذرت السلطات بولاية النيل الأبيض قبل أيام من نذر كارثة بيئية وصحية ربما تجتاح الولاية سيما في مناطق معسكرات العائدين واللاجئين من دولة جنوب السودان الكائنة في محليتي السلام والجبلين بالولاية، وحملت الأنباء تصريحات وزير الصحة بالولاية طارق بريقع التي أكد فيها أن فصل الخريف وهطول الأمطار بغزارة ربما سيؤدي إلى حدوث كارثة في تلك المعسكرات إن لم يتم الإسراع وتلافي الأمر ورشها بالمبيدات بتوفير المعينات اللازمة لمحاصرة الأوضاع قبل ترديها إلى الأسوأ، وطالب بريقع المنظمات الدولية والأمم المتحدة بتوفير الدعم اللازم لمواجهة التحديات التي افرزتها الامطار وما ستسببه من تردي بيئي وصحي في مواقع ايواء اللاجئين، ما لم تتم معالجة جملة من المتغيرات التي تواجه المعسكرات. وقال بريقع إن هناك فجوة كبيرة في المراحيض بالمعسكرات تبلغ (3200) مرحاض، ما دفع قاطني المعسكرات للتبرز في العراء، فضلاً عن عدم وجود طرق علمية للتخلص عن النفايات الطبية والسائلة والصلبة، وكشف عن توالد كثيف للنواقل المسببة للأمراض، بجانب نقص كبير للأدوية في أعقاب توقف الإمداد الدولي من الصحة العالمية منذ مايو المنصرم، مؤكدا التزام الولاية بواجباتها تجاه معسكرات اللاجئين الجنوبيين، مناشدا المنظمات الدولية بالتدخل العاجل لدعم المعسكرات، خاصة أن موسم الخريف قد بدأ بالولاية.
وتحتضن ولاية النيل الأبيض العشرات من مقار المنظمات الوطنية والأجنبية العاملة في دعم العائدين من لهيب الصراع في دولة جنوب السودان بعد أن تحولت محليتا السلام والجبلين إلى مأوى للهاربين من النيران المستعرة هناك، وتحاول منظمات المجتمع المدني العمل مع الحكومة على تخفيف الضغط على خدمات وموارد المحلية بفعل الكميات الهائلة للاجئين، وتعد الجبلين واحدة من المحليات التي تتحمل أعباء زائدة عن قدراتها وإمكاناتها نتيجة للتوافد الضخم إلى المعسكرات التي تضم الجنوبيين خلال السنوات الماضية، ولكن مكونات المحلية مازالت تحتفظ بالتعاون والتعاملـ كما كانت في السابق في تعايشها مع أبناء دولة الجنوب ولا يزال التآلف والتداخل الإيجابي، والتعايش السلمي يميز الحياة بين القبائل التي تقطن منطقة الحدود ما بين الولاية وولاية أعالي النيل بدولة الجنوب.
نظرا لتميز العلاقات والمنافع التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة السكان اليومية، وسبق للسلطات المحلية أن وضغعت مجموعة من الضوابط المشددة لتحركات اللاجئين الجنوبيين بالمساء من معسكراتهم إلى داخل المدن تمنع اختلاط اللاجئين الجنوبيين مع سكان المحلية منعاً للاحتكاك المباشر معهم، وأعلن عن خلو السجلات الجنائية من أي جريمة للاجئين الجنوبيين بالمنطقة.
ويمكن للزائر إلى المدن الحدودية مشاهدة أبناء دولة جنوب السودان وهم يمتهنون الأعمال في اسواق المدينة، رغم الإجراءات التي اتخذتها السلطات الولائية بتقنين تحركاتهم خوفاً من تسلل أعداد كبيرة منهم إلى المدن، هذا الى جانب الفائدة الكبيرة التي تحققت للمواطنين السودانيين القاطنين بالقرى والارياف القريبة من تلك المعسكرات، حيث شكلت معسكرات اللاجئين اضافة نوعية لهم من حيث الاستفادة من بعض الخدمات المقدمة للاجئين فضلا عن تنشيط الحركة التجارية في تلك المناطق.
وتجدر الاشارة إلى أن اغلب الاسواق المؤقتة التي نشأت بالقرب من المعسكرات يعمل فيها ابناء القرى القريبة في بيع اللحوم والخضروات والمستلزمات اليومية من مواد تموينية وغيرها، لذلك كله فإن امكانية تحول تلك المعسكرات إلى مدن ثابتة في المستقبل اصبحت امرا ممكنا نظرا للتداخل الكبير والمصالح المشتركة على المستوى الأهلي بين سكان المعسكرات والقرى القريبة.
وتؤكد الحكومة أنها عملت على تخفيف معاناة المواطنين الجنوبيين بفتح أربعة مسارات لتوصيل الإغاثة إليهم، وتمتد هذه المسارات من كوستي إلى جودة ثم مدينة الرنك بدولة الجنوب، ومسار من كوستي إلى المقينص، وثالث من كوستي إلى بانتيو، والرابع إلى أويل ووفرت كل المعينات اللازمة لراحة الجنوبيين سواء بالمعسكرات أو في الجنوب، حيث تتحرك إليهم الشاحنات المحملة بالإغاثة، ويشير العاملون في المعسكر إلى أن اللاجئين الجنوبيين لم يسجلوا أي بلاغات تعدٍ أو جرائم سواء بالمعسكر أو خارجه، سوى تلك المشاكل العادية المتمثلة في المشاجرات بينهم، مؤكدين أن سلوكهم المسالم حفز حكومة السودان على دعمهم بمشروعات وبرامج التدخل العاجل في شكل خدمات أساسية تتمثل في الصحة والمياه والتعليم والإيواء والغذاء ورعاية الأمومة والطفولة، بجانب الدعومات من قبل المنظمة الأممية ومفوضية العون الإنساني والعمل على إيواء أكبر عدد منهم نظراً لعلاقات الأخوة والترابط بين البلدين، ورغم تضافر جهود الحكومة لتوفير الاحتياجات الإنسانية للاجئين، إلا أن حجم الاحتياجات في توسع مستمر، خاصة مع تزايد أعداد اللاجئين كل يوم.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي