بعد أن فشل المشروع الحضاري لثورة الإنقاذ الوطني وفرّ الكثير من الشباب بعيداً عن نهجها الذي يعمل عكس ما يطرح من شعارات وحملات غسيل المخ بالمعسكرات والجامعات والروابط حيث أحس كثير من الشباب بأنهم أمام شرك كبير باسم الدين الهدف منه الايقاع بهم سياسياً وذلك لتكبير الكوم وزيادة منسوبي الحزب ليتباهى بهم ويلوح للآخرين بأنه يملك أكبر عدد من القوى الشبابية التي إن دعوها لأكل الحصى لأكلته وصاحبت ذلك عدة أناشيد وشعارات مفخخة .
السنوات التي مضت أثبتت فشل المشروع تماماً فكانت الانقسامات داخل الحزب نفسه، فمنهم من كون كياناً موازياً وآخرون كفروا به وخرجوا ولم يعودوا فأصبحت الإنقاذ تمشي عرجاء لا تقوى على الوقوف على قدم واحد لم تجد مفراً سوى محاولة لملمة ما بتر من أطرافها وصناعة أطراف جديدة لتقف كما كانت أول أيامها وخير مثال لهذه المحاولات البائسة مؤتمرات الحركة الإسلامية التي ظلت تنادي بلملمة الأطراف وإعادة بناء هيكل الحركة الذي بدت ضلوعها من شدة الإحراج والتعري بائنة أمام شعاراتها التي رفعتها باسم الدين من أجل مكاسب سياسية، ولأن الشباب وصل درجة من الوعي وفهم اللعبة جيداً، ترك بعضهم البلاد وهاجروا فارين من ملاحقة المبشرين بمشروع الحركة الإسلامية وثورة الإنقاذ، هاهي الحركة تعود من جديد وتحاول الالتفاف على الشباب بحجة أنهم عاجزين فكرياً ومن واجبها إعادتهم إلى المسار الصحيح .
حيث قال الأمين العام للحركة الإسلامية الزبير أحمد الحسن لدى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوظيفي التاسع لأمانة الشباب الاتحادية بأن الحركة قادرة على مواجهة المحن وهنالك بعض الشباب مرضى يحتاجون لعلاج فكري، هذا الحديث الفضفاض الذي يوحي بأن الحركة كما تتهم الشباب بالمرض الفكري فهي ايضاً تعاني من الهوس الفكري الذي يصور لها بأن الكل خطأ وهي على صواب وهي وحدها تستحق الانتصار والبقاء والقيادة دون أن يخالفها أحد، فإن المنهج الإسلامي الذي تقول الحركة بأنها تعمل به يتنافى تماماً مع أفعال بعض منسوبيها سواء كان ذلك من ناحية الفساد أو المخالفات الأخلاقية الفاضحة وكثير من الإخفاقات المحسوبة عليهم وقد اعترفوا بها في كثير من المناسباب ونشرت للرأي العام بلا خجلة ولا اختشاء.
إن الحركة التي تدعي بأنها تواجه المحن والحروب الفكرية هي ذاتها تعاني من فجوات ذاتية وثغرات حساسة ومواقف مهزوزة وتناقض كبير في تحركاتها على أرض الواقع، وحتى على مستوى الحوار فإنها تلوي ذراع من يقارعها ولا تعترف ولا تحترم توجهات الآخرين، واتهامها للشباب بالمرض الفكري يوحي باهتزازها وفقدها للمنطق الحواري فلتسأل نفسها ما الذي أوصل بعض الشباب لهذه المرحلة من التعنت وهل الشباب مطالبون بأن يتبعوا نهج الحركة رغماً عن أنفهم ومتى ارتبط الإسلام الذي ولد به السودانيون بالفطرة بحركة بعينها وهل بالضرورة أن ينطوي كل الشباب تحت راية الحركة الإسلامية التي تصف نفسها بالرشيدة والمستقيمة لا يشوبها ولا يعيبها شيء وهل هي وصية على دين الله في الأرض.
على الحركة الإسلامية أن تحترم حق الآخرين في توجهاتهم الفكرية وأن لا تعبئ منسوبيها تجاه من يخالفهم الرأي أو المنهج فإنها تعمل على تفكك النسيج الاجتماعي وستخلق لهذا الشعب المسالم مزيداً من الانشقاقات، فالحوار يجب أن يكون بالتي هي احسن وليس وعيداً وتهديداً وتشكيكاً في عقيدة الشباب، والسؤال الذي يجب أن نتحرى عنه ماهو المرض الفكري وهل علاجه موجود عند الحركة الإسلامية فقط؟.
اقرا الخبر ايضا من المصدر من هنا عبر صحيفة الراكوبة نيوز