* عندما اعود لمقالاتي القديمة (قبل أن تجثم العصابة على صدورنا)، وأقارنها بما أكتبه اليوم، أكتشف كم ترديت كما تردى غيرى، وسقطت في الوحل كما سقط الوطن .. وصرت أنتمى لزمن (كووولهم)، بينما كنت انتمى لزمن السخرية الذكية التي تستثير العقول، وليس الغرائز .. التي تستخدم العبارات الراقية لتثرى قاموس القارئ، وتهدى إليه المعلومات المعقدة كوجبة لذيذة سهلة الهضم، كثيرة الفائدة .. وليس المساخر !!
* أعادني الى ذلك الزمن الجميل الصديق (عوض ديون) بمقال كتبته منتقدا وزير الثقافة والاعلام في حكومة الصادق المهدى في عام 1987 (عبدالله محمد أحمد)، وها انا اعيد نشره راجيا ان يتيح لكم فرصة المقارنة بين زمن وزمن، وبين كتابات شاب غرير في مقتبل العمر، وكتاباته وهو كهل ناضج، كان من المفترض أن تكون أفضل ولكن .. !!
* لم اتعجب اطلاقا ولم تتملكني الدهشة ولم تأخذني الحيرة، عندما جاء في الاخبار ان احد (علماء) السودان الذى ارتقى سلم الوزارة الوفاقية تواضعا منه ومحبةً في عمل الخير، ومحاولة للارتقاء بفكر الشعب وثقافته ومحاربة الباطل وعبادة الاصنام، ونبذ التراث البالي والتقاليد الفاضحة، قد صرح لرهط من الصحفيين بعد ان اغرقهم بفيض من كثير علمه وثقافته بدون من او اذى ورياء، وبعبارات في غاية الروعة والسلاسة والانسياب .. صرَّح بأنه يقرأ حوالى عشرين كتابا فقط في اليوم !!
* صدقوني، لم اتعجب لأنني اعرف ان السيد الوزير العالم صادق تماما فيما زعم، ليس ذلك فقط، بل وإنني اجزم انه وتواضعا منه وخوفا علينا من الموت حسدا على علمه وثقافته، لم يحب ان يذكر الحقيقة كاملة.
* والحقيقة هي ان السيد الوزير يستطيع ان يقرا ويستوعب استيعابا كاملا ما لا يقل عن مائتي الف مجلد من الحجم الكبير في ساعة واحدة فقط، وخمسمائة جريدة ومجلة في نصف دقيقة، ويستطيع ان يكتب باستخدام (النظرية النملية) في الكتابة اكثر من مليوني كلمة في جزء من الثانية.
* أما عن الكلام، فحدث ولا حرج .. فالسيد الوزير يستطيع وبكل سهولة ويسر ان يتكلم بسرعة تساوى (20 ماخ)، والماخ هو وحدة قياس سرعة الصوت في الهواء وهو يعادل تقريبا 340 مترا في الثانية .. اى ان الوزير وبالعربي الفصيح يستطيع ان يتكلم في الثانية الواحدة حوالى 6800 كلمة .. وللمعلومية فإن أسرع طائرة نفاثة وهي (إف 15) الامريكية عندما تطير بأقصى سرعتها وهى4 ماخ في الثانية، تؤدى لإحداث فرقعة هائلة في الهواء، وتحدث صمما مؤقتا لأسماع جميع المخلوقات، كما تؤدى لكسر زجاج النوافذ مهما كانت درجة متانته وسمكه!!
* وغير هذا فالوزير ولا عجب ولا دهشة يستطيع ان يقرأ ويكتب ويتحدث في جميع الاوضاع حتى وهو نائم، كما نني لا أشك اطلاقا في ان سيادته يجيد كل انواع اللغات واللهجات والألسنة والرطانات .. ويفهم لغة الاشارة وحوار الطرشان وخطاب العيون .. ويحسن القراءة بطريقة بريل للمكفوفين ويعلم ما تخفي الصدور .. ولا غرابة ان السيد الوزير يعرف لغة الهداهد والطيور والعناكب والنمل الابيض والاسود، وجميع لغات المخلوقات الاخرى من الديناصور الى اصغر الفيروسات !!
* وجاهل كل الجهل ويستحق الجلد والرجم والصلب، من يندهش لرؤية السيد الوزير وهو يضحك وحده، فلا بد ان يعرف ان لسيادته نفرا من معشر الجن ينقلون له اخبار الرعية وأحدث الملح والطرائف في عالم الارواح ..
* اقول، لا شيء يحيرني من كل ذلك، ولكن ما حيرني وأدهشني وجعلني مخبولا لا أفرق بين (التمرة والجمرة) هو، كيف ارتضى سيدنا سليمان (عليه السلام) لنفسه ان يكون مجرد وزير للثقافة والاعلام في بلد متخلف كالسودان!!
اقرا الخبر ايضا من المصدر من هنا عبر صحيفة الراكوبة نيوز