كسلا – حسن محمد علي
يتساءل الناس هنا في كسلا، خاصرة شرق البلاد، عن حزب مؤتمر البجا، فقد غطت الإعلانات الحائطية واللافتات الضخمة على آخر آثار الحزب، خاصة في رحلة الكفاح المسلح التي رفع فيها السلاح ضد الحكومة، وبات السلام الذي حققه بلا أثر على المواطنين الكالحين في الشرق.. تسيطر زيارة لقيادي في الحزب الحاكم على عصب المدينة حتى النخاع، لكن لا يكترث الناس كثيراً لو زارهم ممثل الشرق في رئاسة الجمهورية موسى محمد أحمد، لكن كيف آلت المعادلة لهذا التراجع المريع لـ(منفستو) حزب مؤتمر البجا في ولايات الشرق الثلاث، وفي خاصرتها كسلا؟
(1)
قبل أيام كان رئيس حزب مؤتمر البجا بولاية القضارف، معاوية مصطفى البدوي، يتحدث إلى رئيس حزبه موسى محمد أحمد في منزله، البدوي حسب حديثه للصحيفة أنه زار موسى لمرتين لإثنائه عن قرار بنقل حصة الحزب من ولاية القضارف إلى ولاية نهر النيل، لا مبرر كافياً لهذه القسمة إلا ما يعلمه رئيس مؤتمر البجا، وستتضح تداعيات النقل عقب التشكيل الوزاري، وبعد أن ينال أحد أفراد الحزب حظه في الولاية التي مضى على تكوين مكاتب الحزب فيها حوالى العامين، البدوي يلح على إبقاء حصة القضارف من التمثيل لأسباب تعود لاتفاقية شرق السودان التي منحت الولايات الثلاث أنصبة في ملف السلطة، لكنه وبتغييب الولاية عن الحضور الدستوري هذه المرة، يرى أن اتفاقية الشرق قد تعرضت لانتكاسة هي الأولى من نوعها، لكن لا يبدو موسى مهتماً لذلك، فقد بذل جهدا خارقا لتوافق اللجنة المركزية لحزبه المشاركة في الحكومة وإن استطاعت بعناء كبير.
(2)
أكبر الأسرار وراء ما يواجه حزب مؤتمر البجا، ما يعيشه من اختلاف وجهات النظر السياسية والتنظيمية بين القاعدة والقمة، ولم يسلم التنظيم الذي عايش فترة كفاح مسلح وذاد عن شعاراته بقوة السلاح، من أن تؤثر عليه المشاركة في السلطة وتؤدي لتضعضع بنيانه، وهو ذات ما يراه القيادي بالحزب في منطقة خشم القربة محمد أحمد الدليل، بأن الصراع حول قسمة السلطة هو الأزمة الملازمة حتى لجبهة الشرق قبل أن تنقسم لعدة تيارات وأحزاب، ويشير الدليل بشكل صريح لأثر المناطقية حتى في القسمة داخل المقاعد التنظيمية والسياسية، ويستدل بعدم التفات رئيس الحزب موسى محمد أحمد لأي صوت يتحدث عن مراجعة عضوية اللجنة المركزية بالحزب، فقد أشار إليها أكثر من مرة في سوانح جمعته بموسى.
(3)
رغم أن ولايتي كسلا والبحر الأحمر قد رفضتا قرار المشاركة في الحكومة، وأبدتا رأياً قاطعاً حولها، إلا أن بقية الولايات وهي الجزيرة القضارف ونهر النيل قد وافقت، وهو ما مثل الأغلبية لصالح المشاركة، لكن لن يبدو ذلك أمراً مهماً، فسرعان ما ستتجدد الخلافات حال مضى الحزب لتعيين ممثل له بحكومتي الولايتين الرافضتين للمشاركة، وقد ينتج عن ذلك انفصال للخطاب السياسي بين معارض ومشارك، وهو ما سيجلب المشكلات لحزب مؤتمر البجا مع الحكومة التي تجتهد في أن يكون شركاؤها مندغمين للآخر في خطابها السياسي والتعبوي، وسيكون التيار المعارض في مؤتمر البجا الأعلى صوتاً والأكثر جماهيرية، وهو ما يحاول رئيس الحزب أن يخفيه دائماً بل وأن يقمعه.
(4)
لم يصبر رئيس حزب مؤتمر البجا موسى محمد أحمد على الثورة العارمة لرئيس حزبه في القضارف، فسرعان ما قام بإقالته من منصبه وتكليف رئيس آخر بقرار اتخذته الهيئة القائدة للحزب حسب ما نقل بذلك بيان صحفي صدر عن الحزب تحصلت الصحيفة على نسخة منه، ولا يبدو موسى مكترثاً لما سيعده رئيس لحزبه بولاية القضارف، حيث يشير في حديثه للصحيفة إلى أن جميع رؤساء وقيادات الحزب بالمحليات عازمون على تقديم استقالاتهم بصورة جماعية، وهو ما يؤكد حالة القمع التي تواجه الحزب الذي طالما رفع شعارات من أجل الحرية والديمقراطية.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي