اعتباراً من اليوم يستطيع كل من يملك رخصة استيراد أن يستورد أي نوعٍ من أصناف الدواء المعتمدة لدى إدارة الصيدلة والسموم.
فلنفترض مثلاً أن مئات المستوردين هرعوا إلى سوق الدواء العالمي. وأن شركات الدواء وافقت البيع لهم وألغت التوكيلات السابقة. وأن السوق السودانية امتلأت بكل أصناف الدواء. فهل هذا يعني أن ازدياد حجم العرض من السلعة سيخلق نوعاً من المنافسة الداخلية، ومن ثمّ تنخفض الأسعار؟
إن مشكلة شح الدواء وضعف الإمداد بعيدة كل البعد عن هذا التفكير الذي يُخضِع السلعة للعرض والطلب وقواعد المنافسة التجارية.
المشكلة هي مشكلة سعر شراء الدولار بواقع 47 جنيه بحسب آلية صناع السوق وتسعير الدواء بما يعادل 35 جنيه للدولار.. الكل يعلم ذلك.
المعالجات كانت تكون لهذه المشكلة التي لن يحلها فك الاحتكار ولا إلغاء التوكيلات ولا إغراق السوق بكل أصناف الدواء من الخارج.. كيف يتوفر دواء أسعار شرائه أقل من سعر البيع؟.
كل السلع محررة عدا الدواء؛ فهو القطاع الوحيد الذي يخضع للتسعير وقد يكون ذلك مفهوماً لحساسية الأمر. لكن هناك معالجات أخرى كان بالإمكان دراستها والعمل بها. ومن ضمن هذه المعالجات اللجوء إلى نظام العطاءات السنوية عبر الإمدادات الطبية بتوفير العملة الصعبة لشراء الأدوية المطلوبة خلال العام، بما يخلق الوفرة ويقود إلى استقرار الأسعار وعدم تأثرها بتقلبات سعر الصرف التي تقفز بشكل متسارع في كل ساعة..
من المعالجات المهمة لمشكلة الدواء أيضاً فتح باب الاستيراد للبدائل، وليس بالضرورة استيراد الدواء من الشركات الأم من سويسرا وانجلترا والمانيا.. لقد ألزَمَ قرار رئاسة الجمهورية التعامل مع الأسماء الكيميائية للأدوية وليس العلامة التجارية، وهو قرار صحيح، مما يسمح بدخول البدائل لكن هذا الاتجاه يحتاج إلى معامل حديثة لفحص نوع وكمية الدواء ودرجة التفاعلات وجوانب فنية أخرى تحتاج إلى معامل حديثة ونظم قوية في الكشف..
العام الماضي أحدث إلغاء استيراد عقار هندي لمرضى الكلى ارتفاعاً كبيراً جداً في الأسعار فاقت 4 أضعاف سعر نفس تركيبة الدواء الذي تم استيراده من شركة سويسرية لصالح إحدى شركات الدواء المعروفة.. الآن بعد 9 أشهر تتجه الحكومة الرجوع إلى العقار الهندي بعد أن ثبت جدواه.
إلغاء نظام شراء الدواء عبر الوكلاء يمثل شائناً داخلياً قد لا تعتمده الشركات المصنعة بالخارج لعدة أسباب؛ أهمها تحديد المسئولية حول الدواء نفسه بعد دخوله السودان الآن تعدد المستوردين قد يخلق نوعاً من تشتيت المسئولية، وهو أمر قد لا توافق عليه الشركات العالمية الكبيرة.. لكن هذه المسألة في اعتقادي ليست ذات أهمية بالنسبة للمواطن الذي يبحث عن توفر الدواء بأسعار معقولة. وهذا هو ما يجب أن تفكر فيه الحكومة في ظل ارتفاع سعر الدولار.
الذي أمامنا أنه لا توجد سياسة واضحة للأدوية، ونخشى من تفاقم الأزمة الحالية.
اقرا الخبر ايضا من المصدر من هنا عبر صحيفة الراكوبة نيوز