إسطنبول-“القدس العربي”:
في زيارة تستمر ليومين، عقد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار لقاءات مع الرئيس السودان عمر البشير ووزير دفاعه ورئيس أركان جيشه في زيارة تحمل طابعاً عسكرياً بحتاً أعادة إلى الواجهة بقوة الحديث عن احتمال موافقة الخرطوم على إقامة قاعدة عسكرية تركية تطل على البحر الأحمر الاستراتيجي.
ونهاية العام الماضي، قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة وصفت بـ”التاريخية” إلى السودان، لاقى خلالها ترحيباً رسمياً وشعبياً كبيرا، وقبل أن تنتهي الزيارة أعلن أردوغان أن الرئيس السوداني عمر البشير وافق على “تخصيص” جزيرة سواكن التاريخية والتي تتمتع بأهمية جغرافية وسياسية استراتيجية إلى تركيا، إلى جانب توقع عدد من الاتفاقيات والملاحق العسكرية التي قال أردوغان إنه “لن يتحدث عنها في الوقت الحالي”.
وعلى الرغم من أن الإعلان الرسمي ركز على أن الأمر يتعلق بنية تركية لتطوير الجزيرة التي كانت بمثابة مركز قيادة في الدولة العثمانية من الناحية الاقتصادية وتطويرها سياحياً، جرى الحديث بقوة في وسائل الإعلام التركية عن نية لإقامة قاعدة عسكرية وميناء عسكري تركي في السودان وأعلن وزير الخارجية التركي رسمياً أنه سيجري إقامة ميناء لـ”صيانة السفن العسكرية”.
وتتمتع الجزيرة والسواحل السودانية بشكل عام بأهمية استراتيجية كبيرة من حيث إطلالتها على البحر الأحمر ومقابلتها للسواحل السعودية ومجاورتها لمصر، وهو ما أثار غضب الرياض والقاهرة آنذاك ودفع وسائل الإعلام التابعة لهما لشن هجوم غير مسبوق على الخرطوم وأنقرة.
وعقب لقاءه خلوصي أكار في الخرطوم، الثلاثاء، وجه الرئيس السوداني عمر البشير، وزارة الدفاع بأن “يكون التعاون العسكري مع تركيا متقدم على كل المحاور”، مؤكداً أن هناك ارادة قوية في البلدين للتعامل في كافة المجالات لاسيما المجال العسكري”، حسب ما أفادت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا). كما جرى لقاء آخر بين الوزير التركي ونظيره السوداني الفريق أول ركن عوض محمد أحمد بن عوف، تناول العلاقات المشتركة بين البلدين
من جهته، قال رئيس أركان الجيش السوداني الفريق أول ركن كمال عبد المعروف، في تصريحات صحافية، إن زيارة وزير الدفاع التركي للبلاد ولقائه رئيس الجمهورية “تأتي في إطار التعاون الاستراتيجي بين الجيشين السوداني والتركي من خلال الزيارات المتبادلة بين الطرفين”، مضيفاً: “سبق أن وقعنا اتفاقية إطارية أثناء زيارتي إلى تركيا، مايو (أيار) الماضي، للتعاون العسكري بين البلدين، شملت التدريب، ومكافحة الإرهاب، ودورات اللغة، وأخرى متعلقة بالأمن.. التعاون العسكري بين السودان وتركيا يمضي في تطور مضطرد”.
وكان إعلان أردوغان عن موافقة السودان على “تخصيص” جزيرة سواكن لتركيا أثار مخاوف مصرية وسعودية من أن يكون الحديث عن إعادة ترميم الآثار العثمانية في الجزيرة ليس إلا مقدمة للتأسيس لنفوذ تركي يحضر له أردوغان في السودان يُتوقع أن يتوج خلال الفترة المقبلة بالإعلان عن بناء قاعدة عسكرية تركية في هذا البلد.
وفي حال حصول ذلك، يكون السودان ثالث بلد عربي في الشرق الأوسط يحتضن قاعدة عسكرية تركية وذلك بعد أن أقام الجيش التركي قاعدة عسكرية في الصومال تطل على خليج عدن الاستراتيجي، وقاعدة عسكرية في قطر تطل على الخليج العربي، فيما ستكون القاعدة العسكرية التركية في السودان ـ في حال إنشائها- تطل على البحر الأحمر الاستراتيجي. وذلك إلى جانب التواجد العسكري التركي في شمالي سوريا والعراق.
وميناء سواكن هو الأقدم في السودان ويستخدم في الغالب لنقل المسافرين والبضائع إلى ميناء جدة في السعودية، وهو الميناء الثاني للسودان بعد بور سودان الذي يبعد 60 كلم إلى الشمال منه. واستخدمت الدولة العثمانية جزيرة سواكن مركزا لبحريتها في البحر الأحمر، وضم الميناء مقر الحاكم العثماني لمنطقة جنوب البحر الأحمر بين عامي 1821 و1885.
ومن ضمن الاتفاقيات الـ21 التي جرى توقيعها بين تركيا والسودان خلال زيارة أردوغان اتفاقية تتعلق بالتعاون الدفاعي والتعاون في مجال الصناعات الدفاعية، دون الكشف عن تفاصيل أكثر في هذا الجانب، بالإضافة إلى تشكيل مجلس للتعاون الاستراتيجي بين البلدين.
ويتوقع عملياً أن تصل قوات تابعة للبحرية التركية إلى جزيرة سواكن مع الانتهاء من إعادة تأهيل ميناء الجزيرة الذي سوف يخصص لإصلاح السفن المدينة والعسكرية، وهو ما يعتقد أنه سيكون بداية التواجد العسكري التركي المباشر في السودان.
في سياق آخر، كان السفير التركي لدى الخرطوم، عرفان نذير أوغلو قد أوضح أن تكلفة إعادة تأهيل المباني والميناء في جزيرة سواكن، شرقي السودان، بلغت 400 مليون دولار، لافتاً إلى أن عدد المباني العريقة في الجزيرة التي سيتم تأهيلها بالكامل تصل إلى 100 مبنى، بالإضافة إلى الميناء ومرافقه.
والشهر الماضي، قالت وزارة الزراعة والغابات التركية إن تركيا والسودان وقعا اتفاقا بقيمة 100 مليون دولار للتنقيب عن النفط واتفاقا لتخصيص آلاف الأميال المربعة من الأراضي الزراعية السودانية لتستثمر فيها الشركات التركية. وقالت الوزارة التركية إن السودان خصص 780 ألفا و500 هكتار (ثلاثة آلاف ميل مربع) من الأراضي لتستثمر فيها شركات تركية خاصة، مضيفة أن ذلك سيوفر “الأمن الغذائي لتركيا والسودان ودول أخرى”.
وتشمل الاتفاقات الأخرى التي وقعها أردوغان خلال الزيارة الماضية استثمارات تركية لبناء مطار جديد مزمع في الخرطوم واستثمارات من القطاع الخاص في إنتاج القطن وتوليد الكهرباء وبناء صوامع حبوب ومجازر. كما يتم العمل على فتح فروع لبنك الزراعة التركي في الخرطوم.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من موقع المركز السوداني للخدمات الصحفية