تقرير: محمد عمر smc))
عند إعلان مبادرة الرئيس البشير برعاية المفاوضات بين الفرقاء بدولة جنوب السودان، لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع وصول الأطراف الجنوبية لإتفاقية سلام تنهي أكثر الصراعات دموية بالمنطقة، وكذلك لم يتوقع أنصار زعيم المعارضة الدكتور رياك مشار عودته إلي جوبا بعد خروجه منها، ولكنها الإرادة السياسية والعزيمة القوية من كافة الأطراف المتصارعة، التي أعطت ثقتها الكاملة للرئيس البشير لرعاية المفاوضات والوصول بها لبر الأمان، وهو ساهم بصورة فعالة في إنجاح المفاوضات وإبراز الدور السوداني في مد يد العون لأشقأه في جنوب السودان.
بعد النجاح المشهود لمفاوضات الأطراف الجنوبية والقبول الشعبي لنتائجها، إتجهت الأنظار لمبادرة رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت لرعاية مفاوضات مباشرة بين الحكومة السودانية ومتمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال والأطراف الأخري، وهي خطوة إعتبرها المراقبون بادرة لرد الجميل للسودان لرعايته المفاوضات الجنوبية، ووجدت المبادرة الترحيب الإيجابي من السودان، كما لاقت الإستجابة الفورية من الأطراف الأخري في قطاع الشمال، حيث تناولت وسائل الإعلام تواجد قيادات القطاع بجناحيها في مدينة جوبا عاصمة دولة جنوب السودان، مما يرفع من سقف التفاؤل لدي مواطني المنطقتين بحدوث إختراق حقيقي ينهي معاناة المتأثرين بالأحداث ويعجل بنهاية المتاجرة بمعاناتهم، خاصة أحداث النهب الأخيرة المتكررة بواسطة الجماعات المحسوبة علي الحركات المسلحة في النيل الأزرق ودارفور، والإستفادة من الإرادة السياسية القوية في المحيط الإقليمي لتحقيق السلام وعودة الطمأنينة والتعايش السلمي بين كافة المكونات الإجتماعية في المنطقتين.
مبادرة الرئيس سلفاكير للوساطة كشف عنها د. فيصل حسن إبراهيم مساعد رئيس الجمهورية عقب زيارته لجوبا وتنويره للرئيس سلفا حول جولة التفاوض غير الرسمية مع مجموعة قطاع الشمال جناح عبد العزيز الحلو بجوهانسبرج في الفترة من (27-30) إكتوبر الماضي.
وأوضح فيصل بحسب وسائل الاعلام عقب عودته من جوبا أن التفاوض قضية إستراتيجية وخيار ضروري تسعي إليه الحكومة في كل ميدان وساحة وبعقل وذهن مفتوحين، موضحاً بأن اللقاء مع مجموعة الحلو كان بمثابة كسر الجمود للمفاوضات، حيث يعتبر أول لقاء مباشر غير رسمي مع الحلو وحركته لمناقشة القضايا والإتفاق علي عقد الجولة المقبلة، مؤكداً إصرار الحكومة علي عدم إعادة ما أسماه بالتجارب الفاشلة من خلال وجود جيشين بالبلاد، وهي النقطة التي يبدو أن الإختلاف بين الجانبين تركز حولها، حيث أوضحت مصادر متطابقة أن مجموعة الحلو طالبت بالإحتفاظ بالجيش الشعبي لفترة إنتقالية تقارب الـ(20) عاماً .
لكن د. فيصل أوضح أن مجموعة الحلو في كلمتها المكتوبة بالجلسة الولي للمفاوضات طالبت بتضمين ما يتم الإتفاق حوله من القضايا الكلية وفي قسمة السلطة والثروة والترتيبات الأمنية بالدستور القومي، ونفي فيصل بصورة قاطعة مطالبة مجموعة الحلو بتقرير المصير للمنطقتين.
وتوقعت الأوساط الشعبية والمجتمعية بالمنطقتين أن تساهم مبادرة سلفاكير بصورة فعالة في الدفع بعملية السلام ومواصلة الجهود السابقة التي أنهت مايزيد عن الـ (80%) من ملفات المسار الإنساني والأمني، والوصول لوقف دائم لإطلاق النار بالإستفادة من الجهود الحكومية الخاصة بتمديد وقف إطلاق النار في العامين الماضيين، كما ثمنت الأوساط الشعبية والمجتمعية وقيادات الإدارة الأهلية بجنوب كردفان والنيل الأزرق حرص القائمين علي أمر التفاوض وتمسكهم بوحدة السودان وعدم التفريط فيها، مشددة علي أن تكون مسألة وحدة السودان وإستقلال قراره السياسية وصون أراضيه محل تأكيد جميع الأطراف.
ومن المؤكد أن رؤية الوفد المفاوض الشاملة والمحيطة بكل مسارات التفاوض ترفع مستوى الثقة في قدرته على ادارة ملف، خاصة بعد تأكيدات الدكتور فيصل المسؤل الأول عن ملف التفاوض بأن رؤية الوفد تعبر إرادة القوي السياسية السودانية، مستصحبة الحوار الوطني الذي أنجز الكثير من الملفات والقضايا السياسية والأمنية ومسألة الهوية وشكل الحكم في المرحلة القادمة.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من موقع المركز السوداني للخدمات الصحفية