الخرطوم – أميرة الجعلي
لا تزال الاتهامات تلاحق حكومة الجنوب وجيشها الشعبي من قبل الخرطوم، بدعم وإيواء الحركات المسلحة السودانية، خاصة قيادات الحركة الشعبية (قطاع الشمال)، بقيادة مالك عقار وياسر عرمان، حتى في ظل الانشقاقات التي طرأت في صفوف الحركة، خاصة بعد تقديم عبد العزيز الحلو استقالته وإعلان مجلس جبال النوبة عزل عرمان من الأمانة العامة للحركة ورئاسة وفد الحركة المفاوض. وفي المقابل أيضا لم تكف حكومة الجنوب عن توجيه ذات الاتهامات للحكومة السودانية بمواصلة دعم رياك مشار زعيم المعارضة الجنوبية .
على كل، في خطوة وصفها البعض بـ(المتوقعة) وفقاً للتسريبات التي حملتها صحف الخرطوم أمس الأول (الاثنين)، التي أكدت تدخل حكومة الجنوب بثقلها الاستخباري لاحتواء الانشقاقات التي ضربت صفوف قيادات الحركة، حيث كشف مصدر عسكري أن حكومة الجنوب أرسلت اللواء أكول مجوك التابع لاستخبارات الجيش الشعبي كمبعوث إلى جنوب كردفان أثناء وجود عقار وعرمان، لتوصيل رسالة لقيادات الحركة (قطاع الشمال)، وظل موجودا من الفترة (27-29) من مارس الماض،ي وحضر كافة اللقاءات التي تمت بين قيادة الحركة ورئيس الحركة عقار، وعرمان في كل من كاودا والجقيبة بغرض التوسط لاحتواء الخلافات التي وقعت مؤخرا، وضرورة الحفاظ على تماسك الحركة. وأبدى استعداد حكومة الجنوب لتقديم المساعدات المطلوبة لتستعيد الحركة نشاطها العسكري، وبناءً على ذلك تم تسليم أكول مجوك قائمة بالمطلوبات العسكرية العاجلة من الأسلحة والذخائر وقطع غيار ووقود للمنطقتين، هذا السلوك دليل على ضلوع حكومة الجنوب وإصرارها على دعم الحركة الشعبية لاستمرار نشاطها العسكري تجاه السودان، وعدم نيتها فك ارتباطها بقطاع الشمال.
واتهم ذات المصدر العسكري حكومة سلفاكير والجيش الشعبي بمواصلة تقديم الدعم العسكري واللوجستي للحركة الشعبية في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وأنها تبذل جهودا مضنية لإخراج قطاع الشمال من هذه الحالة لتقريب وجهات النظر، رغم الجهود التي بذلها السودان لمساعدة دولة الجنوب في حل أزمتها الداخلية المستفحلة واستضافتها للفارين من جحيم الحرب القبلية وضحايا المجاعة التي تضرب الجنوب وفتحها لمسارات المساعدات الإنسانية ومبادرتها بتقديم المواد الغذائية لإغاثة الجنوبيين وإيوائهم في ولايات السودان المختلفة .
وقال مراقبون إن التسريبات المذكورة أوضحت أن حكومة الجنوب تساند عقار وعرمان على حساب جناح الحلو، رغم تأكيدات سلفاكير بوقف دعمه للحركة، وأشاروا إلى أنه إذا صحت المعلومات المذكورة ستؤكد أن سلفاكير لا يزال يتورط في تأجيج الصراع داخل السودان، وأوضحوا في الأثناء أن السودان أعلن من قبل وقوفه في الحياد والامتناع عن تقديم أي عون سياسي أو لوجستي لتعقيد الصراع داخل الجنوب، وفق اتفاق المسارات الخمسة مع الإدارة الأمريكية، وأضافوا أيضاً أن هذه التطورات تشير إلى أن حكومة الجنوب لا تزال تراهن على قضية دعم الحركة في المنطقتين دون مد جسور التعاون السياسي وتبادل المصالح مع الحكومة السودانية .
ونشير إلى أن هذه التطورات تتزامن مع الأنباء التي أكدت وصول فرانسيس دينق المندوب الدائم لجنوب السودان في نيويورك، لتقديم تصور لحل مشكلة أبيي والنزاع القائم بين السودان والجنوب. ويرى المراقبون أنه بهذا فقد تحولت حكومة الجنوب إلى خانة الخصم بدعمها إحدى الفصائل المسلحة التي تعارض الحكومة في السودان، وأشاروا إلى أن هذا الموقف رغم أنه يمثل سياسة جوبا القديمة والسابقة إلا أن أجواء التحالف مع مصر ربما يكون قد شكل دفعة جديدة للتعاون والدعم الذي تقدمه جوبا للحركة .
وعلى كل، إزاء هذه التطورات فإن كل خيارات حكومة السودان للرد على نظيرتها الجنوب سودانية محدودة، لأنها تتداخل مع الالتزام الذي قدمته للإدارة الأمريكية بعدم التدخل في الأزمة الداخلية بدولة الجنوب، ولكن مع قرب انتهاء فترة المراقبة والمراجعة لرفع العقوبات الأمريكية عن السودان بصورة دائمة والتي تبقى لها ثلاثة أشهر فإنه، ربما، ستقف الخرطوم مكتوفة الأيدي حرصاً على نظافة سجلاتها أثناء المراجعة القادمة. في المقابل يرى البعض أن دعم حكومة الجنوب للحركة في تقوية موقفها السياسي وسرعان ما أصدرت الأخيرة بياناً أكدت تمسكها بموقفها السابق في التفاوض مع الحكومة خاصة نقل الغوث الإنساني عبر أصوصا، الأمر الذي رفضته الأخيرة وتمسكت بالمقترح الأمريكي، وإعلانها مجدداً لرفض مخرجات الحوار الوطني والدخول في أي اجتماعات مع الآلية التنفيذية العليا للحوار.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي