أحمد عبد العظيم، طالب جامعي في سنته الأولى “يفترض” أنه أحرز 81% تم قبولهُ في جامعة الخرطوم كلية الآداب، وبعد إكماله إجراءات الفحص الطبي خَضع للمعاينة مع نائبة عميد الكلية التي سألته عن رغبته مجيباً أنه يرغب في دراسة اللغة الفرنسية، ولم تُظهِر أي اعتراض خلال المعاينة على رغبة أحمد الذي نشرت قصته «باج نيوز» بعدما طرح قضيته للرأي العام.
ذهب أحمد بعد أيام لقسم اللغة الفرنسية لينتظم في الدراسة، تفاجأ أن اسمه غير موجود، وأخبرته رئيسة القسم أن قراراً داخلياً اتخذه القسم لن يمكِّنه من أن يكون طالباً هنا، لماذا؟ لأنه كفيف فاقد البصر.
لم يستسلم، طرق كل أبواب المسؤولين في الكلية والجامعة، موجع شكل الردود التي وجدها من الكلية والجامعة لكن لا بد من إيرادها، فجميعها على شاكلة عميدة الكلية تسأله: أنت بعد تدرس حتعمل شنو؟ حيشيلوك في الخارجية؟!
ثم نائبة العميد تفاجئه أن قبول المكفوفين متوقِّف منذُ ثلاث سنوات، “لو ما اسم الجامعة وسمعتها كنا قفَّلناها، الجامعة وضعها متدهور وشغالة بالبركة”.
ليس هذا وحسب فالسيدة عميدة الكلية تحاول إقناع أسرة أحمد أنه لو تم قبوله لن يستطيع أن يكمل سيكون مثل الببغاء.
وأنا اقرأ هذه القصة توقَّعت أن تكون نهايتها «معك الكاميرا الخفية».. لكنه الواقع المتجرد من أي حسٍّ إنساني، جامعة الخرطوم أو غيرها، منذ متى كان قبول الطلاب المكفوفين يمثِّل معضلة؟، درسنا في هذه الجامعة ومعنا طالبات وطلاب فاقدين للبصر ولم يكن هناك أدنى إحساس لديهم بأنهم عبء أو عليهم البقاء في بيوتهم لأنهم في الجامعة مجرد ببغاوات. بل هذه الجامعة يعمل الآن ضمن طاقم التدريس فيها مكفوفون.
قبل يومين أصدرت عمادة الطلاب بالجامعة بياناً قالت فيه إن إدارة كلية الآداب لم ترفض تسجيل الطالب بقسم اللغة الفرنسية بل نصحتهُ باختيار تخصص آخر لعدم توفر المعينات اللازمة في الوقت الراهن، إلى جانب قيام الأب بتجميد العام الدراسي لابنه.
بمعنى أن ينتظر أحمد عاماً كاملاً حتى ترتب الكلية أوضاعها وقد لا تترتب.
صحيح ربما يكون هناك معضلات حقيقية تواجه جامعة الخرطوم في بعض كلياتها، رغم أن المعينات بالنسبة للمكفوفين ليست بالصعوبة المذكورة، لكن تأملوا انعدام الحس الإنساني في التعامل، فقدان لأدنى درجات الحساسية. الطالب أحمد تحدَّى إعاقته على مدى سنوات الدراسة فانظروا لحجم الأثر النفسي الذي تركته فيه جامعة الخرطوم.
هذه قصة تعكس حجم اللا إنسانية في هذه البلاد، وتكشف عن مقدرة فائقة في التدمير النفسي المجاني. لا أقول أنقذوا جامعة الخرطوم بل أنقذوا هذه البلاد.
التيار
اقرا الخبر ايضا من المصدر من هنا عبر صحيفة الراكوبة نيوز