السودان الان

رئيس حركة جيش تحرير السودان «الثورة الثانية» في حوار خاص لـ«الصحافة»

مصدر الخبر / جريدة الصحافة

مرت قضية دارفور بمراحل وأزمات عديدة نسبة لخلافات داخلية بين الحركات…وبعد «13» عاماً من الحرب تشظت خلالها الحركات المسلحة وأضحت فصائل لا تُحصى ولا تُعد… واحدة من اكبر الانشقاقات التي اثرت على تماسك الحركات هي خروج القيادي بحركة تحرير السودان ووالي غرب دارفور السابق أبوالقاسم إمام الحاج بتنفيذ انقلاب أبيض داخل صفوف الحركة على رفيقه رئيس الحركة عبدالواحد محمد نور…. شق صف الحركة من قبل وترأس الجسم المنشق …وعاد باتفاق مع الحكومة عُين بموجبه والياً لغرب دارفور …ثم فقد منصب الوالي بعد التعديل الحكومي ..وعاد لحركة عبدالواحد.. وانشق منه للمرة الثانية وترأس الجسم المنشق واستجاب الى نداء الرئيس بالعودة والانضمام الى طاولة الحوار الوطني…بضمانات من الرئيس التشادي ادريس دبي… بماذا يوصف هذا السلوك السياسي ؟… ولماذا تتنافر حركات دارفور فيما بينها طالما القضية الواحدة؟…. وماجدوى وجود حركات بعد وصول صوت المهمشين الى المركز؟….وهل سيعود أبوالقاسم إمام ثانية عبر الحوار الوطني الى المشاركة في حكومة الوفاق الوطني؟….
كشف رئيس حركة جيش تحرير السودان «الثورة الثانية» أبوالقاسم إمام توقيع حركته لاتفاق سلام مع الحكومة بالعاصمة القطرية الدوحة في مقبل الايام كخطوة مكملة للحوار ، وقطع بعدم وجود اي «محاصصات» سياسية في الحوار الوطني كما يروج البعض، وقال لاتوجد محاصصات وليس لدينا تحفظات على توصيات الحوار، مؤكداً عن رضائهم على ما توصلت اليه المخرجات وان الحركة شاركت في اللجان الست للحوار بتقديم رؤاها في القضايا القومية التي طرحت على منضدة الحوار الوطني مع ابداء الرأي في بعض القضايا وصولاً لصيغة تصادق على مجمل القضايا التي تم التوافق عليها…
واكد إمام في حواره مع «الصحافة» ان مشاركته في الحوار الوطني تأتي ضمن تعزيز السلام ومخاطبة جذور أزمات المناطق التي تأثرت بالحرب…الى مضابط الحوار…

حوار نفيسة محمد الحسن

* كيف تنظر الى الحوار الوطني من حيث التوقيت والدلالات؟
الحوار من حيث المبدأ هو وسيلة من الوسائل الأفضل لمعالجة الازمات ، وهو نهج جيد لتجنب الحوار الخشن او العنف، كنا نتخوف من الحوار منذ انطلاقته باعتبار أن تجربتنا مع المؤتمر الوطني في مؤتمر كنانة غير محفزة، لكن بعد وصولنا وجلوسنا مع راعي المبادرة السيد الرئيس لاحظنا الحماس والرغبة في حوار حقيقي، حينها شاركت الحركة بكل قياداتها في كل لجان الحوار ، واطلعنا على المخرجات ،وتقديرنا ان الحوار على الورق ممتاز، لكن الخطوة الاصعب والتحدي الاكبر هو تكوين آليات للتنفيذ بجداول زمنية ومصداقية حتى يثق من هم بالخارج في نوايا الحكومة وصدقها حول الحوار، واهم مرتكزات الحوار في المرحلة المقبلة هي ايقاف الحرب وتحقيق السلام وتعزيز معاني الوحدة الوطنية والتأسيس لدولة السودان الجديد بعدالة ومواطنة وحرية، واعتقد ان هنالك مناطق تعاني يجب مخاطبة قضاياهم.
* جاءت مبادرة الحوار من الرئيس.. ماهو دوركم كحركات في الهم الوطني…وهل تعتقد ان تطمينات التنفيذ كافية؟
دورنا مع الشعب السوداني…دورنا مشترك .. الحركات المسلحة انطلقت نتاجا لتراكم المظالم التأريخية في الدولة السودانية منذ الاستقلال، والحوار الوطني خاطب تلك القضايا واوجد حلولا لتلك المظالم، يبقى التنفيذ وعلينا ان نكون متجانسين ومتقاربين مع البعد عن اسلوب العنف ، لان اسلوب المنطق موجود وهو الحوار فلاضرورة للعنف الان، نحن جربنا الحرب ونعلم جيداً ان الحرب ليس بها كسب بل خسارة لكل الاطراف، نحتاج ان نكون واقعيين ونعترف بحقيقة اننا سودانيون بتنوعنا الثقافي وموارد ضخمة وعقول كبيرة ونيرة يجب استثمارها داخل الوطن في جو معافى، والتجارب والمخاطر الان حولنا ماثلة الان في الاطار الاقليمي حتى لايضيع الوطن من بين ايدينا، لذلك يجب المحافظة على ماتبقى من السودان وعلينا ان نبدأ في كيفية وضع الاسس واللبنات وآليات التنفيذ للمخرجات مع استخدام اللغة المقبولة في المخاطبة، هنالك رافضون ومتحفظون لتقديراتهم وهو هاجس الخوف والتوجس ، لكن الان نحتاج الى اقناع هؤلاء حسب علاقاتنا معهم لان وجودهم ومراجعة مواقفهم يكمل مرحلة التوافق الوطني في السودان، وهذه مسؤولية مشتركة بيننا والدولة ، نحمل الان محتوى ومخرجات الحوار الوطني ونتوقع استجابة منهم.
* انت من القادمين بضمانة….هل تمت محاصصة سياسية في الحوار الوطني ..؟
لم يحدث ذلك…جئنا بقناعتنا وتوافقنا على المخرجات بقناعتنا ، وننتظر التنفيذ ، يمر الحوار بمرحلة جديدة لتكوين آلية تنسيقية عليا ولجنة للدستور للوصول الى حكومة وفاق وطني، في مرحلة انتقالية حتى الوصول الى 2020م،الهدف من مشاركتنا هي طمأنة الناس من مخرجات الحوار الوطني .
* توصف المعارضة والممانعين الحوار الوطني بانه «حوار الذات».. ماهو تقييمك من خلال مشاركاتك في اللجان؟
نحن لانريد التحول الى مساجلات مثل الاحاديث المتكررة حول حوار الذات وحوار الوطني وقوى الحوار، هذا لايخدم القضية السودانية، لذلك من المستحسن للرافض والممانع ان ينتقد المخرجات او الرؤى، ولايمكن التقليل من قدرات الاشخاص ايا كان انتماء هذا الشخص لاية جهة سياسية او مجتمعية، يجب تغيير الخطاب العام للوصول الى نقطة مشتركة.
* آخر قرارات الرئاسة « تمديد وقف اطلاق النار لبقية العام» .. هل ترى ان هذا القرار يمكن أن يؤثر على الطرف المعارض من الحركات؟
هذا قرار مهم جداً.. وهو احد عناصر تهيئة المناخ والاجواء لحوار داخلي، بكل امانة مرحلة الحوار بدأت الان وستستمر خلال 3 اشهر وهي فترة كافية للتوصل الى تفاهمات واقناع البقية، لان الحرب تقضي على الاخضر واليابس ،لذلك لم الشمل داخل الحوار مطلوب خلال المرحلة القادمة، يجب ان تستمر مثل لغة الرئيس الحالية .
* هل تتوقع استجابة من حاملي السلاح قريباً؟
بشكل ضمني لم يعلق الطرف الاخر حتى الان، لكن يبدو هنالك تفهم للاوضاع، واؤكد ان بعض تلك القوى والحركات مؤمنة بالحوار الا انها لديها بعض التخوف والشكوك من المؤتمر الوطني، وتوجد قوى اخرى غير مؤمنة بالحوار او التفاوض في ظل الحكومة الحالية ، الموقف الاول يمكن التوصل معهم الى اتفاق باعتبار ان الحوار ليس حصراً على الوطني بل كلنا مشاركون،لكن الاخرون الكل يؤمن بمواقف وربما لن يستجيبوا وعلى الحكومة رغم ذلك استخدام الاسلوب المرن الحديث، لان الهدف من بناء التنظيمات السياسية ان يستفيد المواطن من البرامج والافكار، نريد ان نتقدم خطوة حتى نتطور، واقولها بكل امانة صحيح توجد خطوات في اطار الحوار الوطني لكن نحتاج الى الاصلاح السياسي والحزبي، فالتشظي والانقسام السياسي ينعكس سلباً على حياة المواطن ، انا شخصياً لست راضيا على الحال السياسي الان ، لذلك اقترح مراجعة مواقفنا كقوى سياسية لحاجة المواطن السوداني لبرامج وافكار ورؤى هذه التنظيمات ، وهذه واحدة من التحديات أمام القوى السياسية.
* تحاول الحكومة جمع السلاح بعدة آليات لاستتباب الأمن.. ماهي دواعي حمل السلاح الان في دارفور في تقديرك؟
صحيح السلاح في دارفور منتشر ، لاسباب عديدة ، جزء منها لدواعي العمل المسلح .. وجزء للتنازع والصراعات القبلية، لكني اقول ان جزءا من هذا الصراع مصطنع، والدولة قادرة على تجفيف ونزع السلاح من ايدي المجموعات .
* اشتعلت شرارة الحرب في دارفور عام 2003م… ومرت مياه كثيرة تحت الجسر… اذا ماجدوى وجود حركات في دارفورالان؟
حمل السلاح ليس هدفا بل وسيلة فُرضت علينا في وقت ما، ولطالما وجد المناخ والاعتراف بكل القضايا وبدأنا خطوات عملية ، اذا ستنتهي الحركات تلقائياً ، وستزول جدواها بعد تدابير وترتيبات، ومخاطبة قضايا التنمية وتحقيق العدالة حتى يشعر بها المواطن ، حينها سيتم التخلي تدريجياً من حمل السلاح ، كانت لنا قضية ووجدنا استجابة لتلك القضية باسلوب مرن مثل الحوار ومقارنة الحجة بالحجة، لايوجد سبب للاصرار على حمل السلاح الا ان يكون حمل السلاح والحرب هواية وهذا امر آخر، لذلك اقول يكفي السودان حرباً وتمزقاً.
* لكن بدأت التنمية في دارفور…وهناك اتهام بأن الحركات تتاجر بقضية وإنسان دارفور ماهو ردك؟
قطعاً هذا غير صحيح…لا أفسر استمرار الحرب بهذا السياق ، ذكرت سابقاً هنالك مشكلة يعاني منها السودان وهي تشظي الأحزاب وانقسام الحركات فيما بينها، الى الان توجد قضايا حقيقية وواقعية تحتاج الى خطوات مثل قضية انعدام الأمن وقضايا النازحين واللاجئين، بالاضافة الى انتشار السلاح في ايدي مجموعات عديدة ، يجب حسم كل تلك الملفات، صحيح ان العافية بدأت تدب في مناطق السودان الملتهبة بالحرب، لكن في المرحلة القادمة نحتاج الى اقناع الاخرين.
* الا تعتقد ان قضية دارفور تحولت من مطلبية الى البحث عن سلطة؟…
هل هذه مشكلة؟….السلطة واحدة من حقوق المواطن، نريد عدالة في التنمية والسلطة والثروة، وان لم يكن لدينا موقع في السلطة مكان اتخاذ القرار كيف يمكن صُنع التنمية.
* هل صحيح ان الحركات تُدعم من مصادر غربية؟
هذا حديث سياسي لاحقيقة له الان،مصادر تمويلنا معلومة.. لدينا اناس واقفون معنا ويؤمنون بالقضية التي نحملها.
* هل تقصد ان المواطن هو الذي يدعمكم؟
نعم..من حقهم دعمنا فهؤلاء اولادهم ويحملون قضيتهم، نحن اناس متعلمون ووطنيون ولانؤمن بالمؤثرات ،يمكن اتخاذ قرارنا عند شعورنا بالقناعة والقبول، من اجل مصلحة الوطن والمواطن لايمكن ان نستخدم اساليب رخيصة.
* متى تعود الى الوطن وممارسة الحياة السياسية ؟
انا الان في ارض الوطن ساغادر بعد ساعات… جئنا الان بضمانات وترتيبات متعلقة بالحوار لكن في المرحلة القادمة سنلحق بالوثيقة في الدوحة عبر بروتكول لمخاطبة جزء من القضايا الحساسة، هذا سيكون قريباً .
* مابين الانشقاق والمشاركة في الحكومة.. والعودة للتمرد والاتفاق مع عبدالواحد ثم الانشقاق والعودة للحوار الوطني.. ماذا تسمي هذا السلوك السياسي؟
هذا التحول ينصب في الحالة السياسية بالسودان انشقاقات وانقسامات…الاختلاف في الاراء في بعض الاحيان يتحول لخلاف، للاسف الشديد مثل هذه الظواهر تنتج بعد التحول من اختلاف الى خلاف.
* كيف تقيم تجربة السلطة الاقليمية المنتهية؟
هي تجربة بشرية ، بذلوا مجهودات مقدرة حسب طاقاتهم والمتبقي سيكمله القادمون، وهي امتداد لتجربة ابوجا…صحيح توجد اخفاقات وقضايا ضمن الاتفاقية لم تتم معالجتها في حياة المواطن ومعيشته وهذا يحتاج الى جهد في المرحلة القادمة عبر تعزيز السلام في دارفور، يوجد خلل اداري وفراغ بين ابوجا والدوحة لكن التقييم النهائي يتوقف على المشاركين ورؤيتهم.
* في تقديرك كيف يمكن التوافق بين الحركات لتوحيد الكلمة والقضية؟
بعد خروجي من السودان توصلت الى قناعة واحدة وهي توحيد الجهود عبر تأسيس جبهة ثورية ، والواقع الموجود الان لدينا فيه رؤية وفهم نحاول طرحه في الوقت المناسب لايجاد مدخل اخر للملمة الاطراف، لان الانقسام لايقود الى قوة.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من موقع جريدة الصحافة

عن مصدر الخبر

جريدة الصحافة