سئل التلميذ عن اسم بلد المليون شهيد .. فرد فى احتفاء وطرب .. مستسهلا السؤال .. انها الجزائر يا استاذ .. لكن التلميذ اسقط فى يده وحار جوابا .. حين سأله الاستاذ .. او بالاحرى باغته الاستاذ .. اذكر اسماء المليون شهيد .. و لم يكن فى وارد الاحتمال هذا السؤال .. فبقى عالقا .. فى انتظار الاجابة العصية ..!
هكذا كان حال الحكومة واحزابها .. يوم الحشد الاكبر فى الساحة الخضراء .. فعدد الاحزاب بقواعدها المفترضة .. ثم الامكانات المتاحة .. والخبرات المكتسبة .. والتأمين الذى اسبغه وزير الداخلية قبل يوم واحد .. وقد كان تحصيل حاصلٍ اصلا .. كل ذلك جعل من حشد الساحة الخضراء .. سهلا كما الاجابة على سؤال .. ما هى بلد المليون شهيد .. ولكن .. ولما يتمطى القوم فرحين بكسبهم .. ولما ينقلبون الى اهلهم مسرورين .. كان المعلم يقذف بالسؤال العصى على الاجابة كما اسلفنا .. اذكر اسماء المليون شهيد .. كان ما حدث فى امدرمان من تظاهرات .. وكر وفر .. وحشد وحشر .. وضرب وقتل .. ثم هرولة بين الاحياء والمشافى ..وغازات الخنق داخل الغرف وفى العنابر .. واحداث تبلغ حد تشكيل لجنة للتحقيق ..كلها مما جعل الحكومة امام سؤال عصى على الاجابة .. سيما وان الحكومة التى احتفت بحشدها المليونى .. واحتمت بالخرطوم .. حيث بينها و بين امدرمان بحور وجسور .. ما كانت تنتظر ان يأتيها من تلقاء العاصمة الوطنية مفزعٌ لا فزع ..!
لكن المفارغة .. ان حشد الساحة الخضراء .. لم يكن كله بلا جدوى .. كما يظن بعض المشفقين والمغرضين علي حد سواء .. فخطاب الرئيس اتسم بالهدوء والروح التصالحية .. وهو امر كان ولا يزال مطلوبا وبشدة .. ثم .. ولو اننى كنت فى مكان الرئيس .. لما اصطحبت من خطب ذاك الحشد .. غير مطلب الدكتور التجانى السيسى .. سيما وانه قد جاء محمولا على اجنحة دعوات الشيخ عبد الوهاب الكباشي ..محفوفا ببركات الصوفية .. فهل من اكبر من حزب الصوفية فى السودان ..؟
التجانى السيسى الخبير الوطنى .. بل العالمى ..الزاهد فى السلطة بكل المقاييس .. زهد المتصوفة فى متاع الدنيا .. قال حين اعتلى المنصة .. انه يرى ان تقدم الاحزاب المثل والقدوة .. و ان تضحى بكل مكاسبها فى سبيل الاصلاح .. وان تتقدم الاحزاب الشعب فى تحمل المعاناة .. غير ان الذى قاله الدكتور التجانى قبل ذلك .. هو اصراره .. وفى اكثر من مرة .. على استصحاب رؤية الشيخ عبد الوهاب الكباشي .. الذى سبقه بالحديث .. ولو كنت مكان ادارة المنصة لتركت الخبير التجانى يسهب فى تقديم وصفته العلاجية على الملأ .. ولو كنت مكان الرئيس وحكومته .. ومكان الحكومة واحزابها .. لعدت لحديث التجانى مستخلصا الاجابة على سؤال امدرمان ..!
تشخيص التجانى بايجاز .. ان المحاصصات والموازنات والمجاملات .. القبلية والجهوية والعشائرية وحتى الحزبية .. قد اورثت البلاد .. ورزأت العباد بحكومات ومؤسسات عاجزة عن الانجاز و .. عن العطاء.. اما العلاج عنده فهو حكومة كفاءات وخبرات محدودة العدد محددة المهام .. ثم هو يرى ان الترهل قد ضرب كل الانحاء واثقل كاهل الموازنة العامة وكاهل المواطن بمصروفات بلا عائد .. على مستوى المركز والولايات .. ويرى فى الاخيرة أس البلاء .. ثم يقدم حلوله فى تقليص كل شيء .. جيش جرار من وزراء الدولة .. ثم جيش موازٍ فى الولايات .. من وزراء ومعتمدين .. يمكن لكل هؤلاء ان يختفوا ولن يتأثر دولاب العمل .. ان لم يتحسن .. على المستوى الاتحادى عدد محدود من الوزراء .. تحملهم كفاءاتهم وخبراتهم .. ويبقيهم عطاءهم .. وعلى المستوى الولائي والى ونائبه ثم المدراء العامون والضباط الاداريون يديرون شئون العباد .. تبقيهم فقط مدى حساسيتهم تجاه احتياج المواطن .. وانفعالهم بقضايا المواطن .. !
بقى ان نسأل ..لما لا يعود التجانى الى كابينة القيادة .. ليطبق وصفته هذه ..؟؟!!
اجابة هذا السؤال اقل كلفة بكثير من .. الاجابة على سؤال امدرمان ..!
اقرا الخبر ايضا من المصدر من هنا عبر صحيفة الراكوبة نيوز