السودان الان السودان عاجل

محجوب عروة : الحل بيد البشير

مصدر الخبر / المشهد السوداني

السؤال الوحيد الذي يسأله كل الناس ما هو الحل المناسب لما يجري في البلاد التي تقف الآن على حافة هاوية أو لنقل في مفترق طرق، أحدها يسير بها في طريق السلامة والسلام والأمن والاستقرار وتجاوز هذه الحالة الاقتصادية المزرية الراهنة، والطريق الآخر يسير بنا نحو الفوضى والمزيد من الصراعات والشتات وانفراط الأمن، والمزيد من المعاناة المعيشية والانهيار الكامل لاقتصادنا.

المشكلة أنَّ البلاد الآن منقسمة على نفسها تعكسها هذه المظاهرات الواسعة التي انتظمت معظم المدن لما يقرب من شهر، وواضح أنَّها لن تتوقف يقابلها رد فعل من حزب الحكومة كما حدث في الساحة الخضراء، فأصبحت بلادنا تعيش حالة احتقان وانسداد سياسي مع استمرار الوضع الاقتصادي والمعيشي المزري، سيما وأنَّ المتظاهرين قد تجاوزوا حالة الخوف وأصبحوا لا يكترثون للعنف الذي يواجههم من قبل السلطات. وخطورة ذلك على البلاد أن يؤدي هذا إلى المزيد من العنف وتوسع المظاهرات والمزيد من الاحتقان السياسي الذي يؤثر حتماً على مناخ الاستثمار في البلاد، والمزيد من التردي الاقتصادي والمعيشي وربما يؤدي إلى تدخل خارجي غير محمود.

لقد جرب أهل السودان منذ الاستقلال حتى اليوم كل الأنظمة السياسية من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، وجربوا كل وسائل التغيير من ديمقراطية حزبية وجربت الانقلابات العسكرية والثورات السياسية والتمرد العسكري، فشلت جميعها في تحقيق أحلام السودانيين ووصل بنا الحال أن أصبحنا سلة مبادرات العالم والتدخل الخارجي، بدلاً من سلة غذاء العالم بل صرنا نمارس التسول والمعونات الخارجية أعطونا أو منعونا، رغم أن بلادنا من أغنى بلاد العالم موارد وثروات وموقع جغرافي فريد، بل يملك أهلها عشرات المليارات من العملات الحرة داخل بلادهم وخارجها لا تجري في شرايين الاقتصاد الرسمي السوي، بل انتشرت ظاهرة الاقتصاد السري وأسوأ من ذلك أصبحت ظاهرة عدم الثقة في السياسات والقرارات الاقتصادية سيدة الموقف، مما سيزيد الأوضاع سوءاً على سوء.. كل ذلك بسبب الفشل في تكريس السياسات السليمة بل أضاع الفساد المالي فرصاً عزيزة في تنمية الاقتصاد.

الحل الأوفق في تقديري هو ما قاله الرئيس البشير في عطبرة ثم في الساحة الخضراء والذي يبدو لي أنه أرسل مؤشراً، بأنه يمكن أن يقبل بتسليم السلطة للقوات المسلحة في حالة استمرار هذا الاحتقان والتردي الاقتصادي، فإذا كان الرئيس جاداً في ذلك فربما يكون هو الحل المناسب في ظل ضعف المعارضة وعدم قدرتها على إدارة البلاد بالكفاءة اللازمة، فالجيش هو الجهة الوحيدة المؤهلة الآن والموحدة لإدارة فترة انتقالية لا تقل عن ثلاثة أعوام من خلال حكومة قومية وليست حزبية أو حكومة تكنوقراط، بشرط أن يتمتعوا ببعد سياسي لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وتنصرف فيه الأحزاب لإعادة بناء نفسها ووضع برامجها وتتحول الحركات المسلحة إلى أحزاب سياسية وترك العمل المسلح، لتتنافس جميعها عبر انتخابات حرة ونزيهة ويتبادلون السلطة سلمياً.

إذا فعل البشير ذلك فيتعين على المعارضة أن تقبل هذا الحل الوسط الذي أراه مناسباً فتساهم في عملية الحل السياسي والتحول الديمقراطي، ولا تستعجل السلطة فهي غير مؤهلة حالياً لإدارة البلاد تجنباً للفوضى التي حدثت في بلاد أخرى، ويمكن أن تجري خلال الفترة الانتقالية حواراً جاداً وصادقاً حول مستقبل البلاد، فلا يكرروا فشل ما بعد ثورتي أكتوبر وأبريل.

التيار

اقرا الخبر ايضا من المصدر من هنا عبر موقع المشهد السوداني

عن مصدر الخبر

المشهد السوداني