الخرطوم – الزين عثمان
عند التاسعة إلا ربعاً من مساء الأمس، أعلن فوز عبد الرحمن سر الختم بمقعد رئيس الاتحاد العام لكرة القدم بعد حصوله على كل أصوات المشاركين في الجمعية العمومية غير العادية لانتخاب مجلس إدارة جديد، فوز سر الختم وسط هتافات وتكبيرات مناصريه لن يكون الحلقة الأخيرة في سيناريوهات الصراع في اتحاد الكرة وإنما فقط البداية لما يمكن أن يأتي مستقبلا.
ففي صباحات الأمس كان السيناريو تتابع حلقاته، ودون توقف يتواصل مسلسل (الفوضى) بحسب كثيرين، وهم يتابعون مشهد انتخابات الاتحاد العام لكرة القدم السوداني، ما حدث يوم السبت يلقي بظلاله على الأحد.. تمضي المعركة دون وضع نهايات موضوعية لها، ودون أن يملك أحد للإجابة على سؤال: وما الذي سيأتي غداً؟
صيف معركة الدكتور معتصم جعفر والفريق عبد الرحمن سر الختم ربما ينتهي بقرار تمهره الفيفا وتوضع بموجبه السودان في وضع التجميد الذي لم يعد مستبعداً، وهتافات بعض ممثلي اتحادات الكرة في المدن تخرج: “ما خايفين من التجميد”.
قبل التاسعة صباحاً كانت الوفود تتجه إلى مباني الاتحاد العام لكرة القدم، يسبقهم إلى هناك عبد العزيز سيد أحمد نائب رئيس لجنة الانتخابات، والذي أصبح رئيساً لها عقب إعلانه قبلها بيوم قيام الانتخابات في توقيتها المعلن.. لكن الرجل كان يصطدم بأبواب الأكاديمية المغلقة، وأنه لا يمكنه الدخول إلى المبنى، وبالتالي، الحصول على وثائق العملية الانتخابية، وكانت أنباء قد تسربت بأن السلطات طالبت اللجنة السابقة بتسليمها، وقوبل طلبها بالرفض من قبل رئيس الاتحاد معتصم جعفر الذي رفض تسليم تفويضات أعضاء الجمعية العمومية أو أي مستندات تخص اتحاد الكرة، باعتبار أن الأمر تم حسمه بخطاب الاتحاد الدولي لكرة القدم.
ومشهد الفوضى يتصل حين يضطر رجال الشرطة لاقتياد عضو مجلس الاتحاد السابق محمد سيد أحمد وياسر بشارة مساعد سكرتير اتحاد الدويم إلى قسم الشرطة عقب حدوث مشاجرة بينهما أمام مباني الاتحاد، أثناء هرج ومرج الدخول ومنعه؛ وهو مشهد يضاف إلى مشاهد الأمس حين طالب سيد أحمد أعضاء لجنة الانتخابات بحمل أغراضهم ومغادرة الاتحاد عقب الخطاب الذي أرسلته الفيفا وألغت بموجبه العملية الانتخابية برمتها.
وما لم يحدث عند الصباح الباكر يتم نقله إلى بواكير المساء، فحين عجزت لجنة الانتخابات عن تجاوز سياج الإغلاق الموضوعة في البوابات المؤدية إلى داخل مباني الاتحاد العام قررت نقل صناديقها ومندوبيها إلى مباني اتحاد الخرطوم من أجل إجراء العملية الانتخابية هناك، وهو ما حدث بالفعل حيث انخرط الجميع في التجهيزات بحضور مرشح قائمة التطوير والإصلاح عبد الرحمن سر الختم ومناصريه وفي وجود عبد العزيز سيد أحمد رئيس لجنة الانتخابات مع غياب ممثلي القائمة الأخرى بزعامة معتصم جعفر ومجدي شمس الدين وأسامة عطا المنان أمين المال في الاتحاد والذي انخرط في النهار في ملاسنات حادة مع الراغبين في الدخول إلى مباني الاتحاد.
نقلت اللجنة العليا للإشراف على الانتخابات العملية من مباني الاتحاد العام إلى المباني الخاصة باتحاد الخرطوم وهو الأمر الذي اعتبره عضو الاتحاد محمد سيد أحمد سببا كافيا لبطلان العملية الانتخابية، ولم يقف عند هذا الحد وأنما واصل وهو يتحدث بنبرة ملؤها التحدي: “لن نسلمهم مباني الاتحاد.. ولنر من أين سيديرون كرة القدم”، وأضاف انه من الاستحالة إقامة انتخابات دون إجازة للنظام الاساسي المنظم لكرة القدم في السودان من الاتحاد الدولي لكرة القدم، وهو السبب الرئيس الذي تم بموجبه تأجيل العملية الانتخابية وفقاً للخطاب الذي بعثت به الفيفا في وقت سابق.
يقول مجدي شمس الدين السكرتير العام لاتحاد كرة القدم في تصريحات صحفية وهو يستبق قيام الانتخابات وفقاً لما جرى بالأمس، إن خطاب الفيفا واضح في إعلانه أنه لا توجد انتخابات دون إجازة للنظام الأساسي الذي يتوافق والنظام الذي يحكم الكرة دون محاولة للخروج عليه؛ فيما اعتبر الناقد الرياضي والكاتب الصحفي حسن فاروق أن ما يجري لا يعدو سوى كونه محاولة (غلاط) دون أن يملكوا الوعي بالطريقة التي تدار بها القضايا الكروية وفقاً لمنهج الفيفا.
بالنسبة لفاروق، فإن كل ما جرى تم خارج إطار القانون الحاكم لأهلية وديمقراطية الحركة الرياضية، وأن هذه الانتخابات لن تجد اعترافا من الاتحاد الدولي لكرة القدم والذي ربما يتخذ خطوة تجميد نشاط السودان.
وفي ذات السياق، حذر نادي المريخ من مغبة تجاوز قرارات الاتحاد الدولي في ما يتعلق بإقامة الانتخابات، ويقول إن هذا التجاوز من شأنه أن يقود إلى تجميد نشاط السودان على المستوى الدولي والإقليمي وبالتالي فقدان أندية المريخ والهلال وهلال الأبيض فرصتها في بطولات افريقيا لهذا العام، وهو أمر سيشمل المنتخب الوطني ايضاً، ما يعني أن البلاد ستعيش في عزلة رياضية.
لن يصبح سر الختم رئيساً للاتحاد السوداني بمجرد إعلانه من قبل اللجنة الانتخابية، فالامر رهين وبشكل مباشر بموافقة الفيفا على نتيجة الانتخابات. الفيفا التي كان ممثلها موجوداً في الانتخابات السابقة.. ومؤكد غائب عما جرى بالامس، فهو رئيس عبر الصناديق لكنه سيكون دون نظام أساسي ينظم عمله وفقاً للمجموعة الأخرى المتنافسة.. هو رئيس للاتحاد في وجود رئيس آخر وفقاً للخطاب الذي تم بموجبه تأجيل الانتخابات حتى أكتوبر.
رئيسان في مركب واحدة هكذا هو مشهد كرة القدم السودانية التي تمضي سريعاً نحو الغرق في بحر الفوضى.. الفريق المنتصر بالصناديق في مواجهة الدكتور المدعوم بقرارات الفيفا. نعم أعلن فوز سر الختم، لكن سيجد نفسه في مواجهة أول التحديات المتعلقة بالانتقال من مباني اتحاد الخرطوم المحلي إلى حيث مباني الاتحاد العام، وبالطبع إمكانية حصوله على المفاتيح التي تمكنه من فتح عدة أبواب مغلقة.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي