الخرطوم – عبد الرحمن العاجب
لا زالت تدفقات اللاجئين من جنوب السودان تتصاعد بوتيرة متسارعة نحو السودان، بسبب العنف الدائر هناك، وارتفع أكثر بعد إعلان المجاعة رسمياً بالدولة الوليدة، وفيما يبدو أن لذلك الواقع تأثيره على البلاد. وتشير بعض التقارير إلى أن دولة جنوب السودان أصبحت رابع أكبر دولة منتجة للاجئين في العالم، وثاني أكبر دولة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بعد الصومال. وتفيد المتابعات أن اندلاع القتال العنيف في جنوب السودان في يوليو من العام الماضي، في أعقاب انهيار اتفاق سلام هش بين الحكومة وقوات المعارضة، أدى إلى فرار أكثر من (760) ألف لاجئ من البلاد بمعدل (63) ألف شخص شهرياً في المتوسط خلال النصف الثاني من العام.
وفي سياق متصل بالأزمة الجنوبية، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن اللاجئين من مواطني دولة جنوب السودان إلى السودان بلغ ربع عدد الفارين من الدولة المضطربة إلى دول الجوار، وقالت المفوضية إن عدد اللاجئين من دولة جنوب السودان الذين التمسوا الحصول على المأوى والمساعدات في السودان، منذ شهر ديسمبر من عام 2013م بلغ نحو (390.000) شخص، وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق شؤون الإنسانية (أوتشا) في نشرته الأسبوعية، أن نسبة الواصلين منذ بداية العام تمثل زيادة بنسبة (32 %) منذ نهاية عام 2016م، وأوضحت أن أكثر من (10.000) لاجئ من دولة الجنوب وصلوا إلى السودان خلال النصف الأول من أبريل الحالي، ليصل بذلك عدد اللاجئين إلى أكثر من (95.000) لاجئ منذ بداية العام الحالي.
وأشارت نشرة (أوتشا) إلى أن أعلى سجل للوافدين في عام 2017م سجل في ولايتي شرق دارفور والنيل الأبيض، بنسبة تصل إلى (68 %) من مجموع الوافدين، وأضافت النشرة أن السودان استضاف حتى 15- أبريل 2017م نحو ربع عدد اللاجئين من مواطني دولة جنوب السودان البالغ عددهم حوالى (1.6) مليون لاجئ في الدول المحيطة بدولة جنوب السودان، وتوقعت مفوضية شؤون اللاجئين وشركاؤها استمرار تدفق اللاجئين من مواطني دولة الجنوب إلى السودان طوال عام 2017، وأرجعت ذلك لخطورة الوضع في الدولة الوليدة التي ينتشر فيها القتال، وكذلك مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي في المناطق القريبة من الحدود السودان.
ومنذ اندلاع الأزمة الجنوبية، التي أفرزت واقعا إنسانيا مريرا هناك، بذلت الحكومة السودانية جهودا في سبيل تسهيل وتقديم الخدمات للمتأثرين بالأحداث، وقدمت خدمة إنسانية للمواطن الجنوبي المتأثر بالحروب، وظلت دولة جنوب السودان تشهد نقصا في الغذاء والماء الصالح للشرب بعد تدهور الأوضاع الإنسانية هناك بشكل مذهل، بسبب المعارك الدائرة بين القوات الحكومية وقوات التمرد.
وكانت حكومتا السودان وجنوب السودان اتفقتا على تمديد مذكرة التفاهم المتعلقة بنقل المساعدات الإنسانية إلى دولة جنوب السودان، والتي تقوم بتنفيذها الأمم المتحدة عبر برنامج الغذاء العالمي لفترة ستة أشهر قابلة للتجديد، وقالت مفوضية العون الإنساني السودانية وقتها إن هذا الاتفاق بمثابة امتداد للتعاون بين الدولتين في مجالات العمل الإنساني وفي إطار المساهمة في استقرار الأوضاع بدولة جنوب السودان، وتوصيل المساعدات الإنسانية لها بمساهمة برنامج الغذاء العالمي، وبفضل مذكرة تفاهم تم توقيعها بين البلدين في يوليو من عام 2014م نقل برنامج الأغذية العالمي ما يزيد عن (57.420) طنا متريا من السلع المتنوعة إلى جنوب السودان.
وفي السابع والعشرين من أبريل الماضي رحبت الأمم المتحدة بقرار حكومة السودان القاضي بفتح ممر إنساني ثالث لإيصال المساعدات الإنسانية لدولة جنوب السودان، ليشمل العون مواطني شمال بحر الغزال، والممر الجديد الرابط بين (الأبيض – المجلد – أويل) يعتبر الثاني من نوعه في غضون أشهر يفتح لنقل الإعانات الغذائية للمتأثرين بجنوب السودان، من الجارة الشمالية، مضافا إلى ممر أساسي عبر ولاية النيل الأبيض.
وأوضحت الأمم المتحدة أن الممر الإضافي من مدينة الأُبيض في وسط السودان إلى أويل في ولاية بحر الغزال، سيسمح لبرنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة بتقديم (7.000) طن متري إضافية من الذرة الرفيعة لدعم (540.000) شخص في حاجة إلى المساعدات الغذائية في المنطقة، وأفادت أن ما لا يقل عن (7.5) مليون شخص في جميع أنحاء دولة جنوب السودان (أي ما يقرب من ثلثي السكان) يجتاجون إلى المساعدات الإنسانية.
وكان السودان أقر في سبتمبر الماضي رسمياً معاملة الجنوبيين الفارين من الحرب بدولة جنوب السودان باعتبارهم لاجئين، الأمر الذي اعتبره البعض يفتح الباب أمام الأمم المتحدة لتقديم العون لهم وتمويل برامج الإغاثة، ولكن في واقع الأمر لا يزال الجنوبيون تتم معاملتهم باعبارهم مواطنين سودانيين بفضل الوشائج والعلاقات التاريخية القديمة. وفيما يبدو أن مأساة جنوب السودان ستتطاول بعد أن أصبحت دولة الجنوب رابع أكبر دولة منتجة للاجئين في العالم، وثاني أكبر دولة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بعد الصومال، ما لم يعمل العقلاء هناك وبشكل جاد على إنهاء حالة التوهان وإعادة الأمور إلى نصابها، بتوافق سياسي ينهي حالة القطيعة التي ظل يعيشها الفرقاء هناك.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي