السودان الان السودان عاجل

صحيفة فرنسية : متظاهرو السودان ليسوا فقراء ولا يوجد مكان مركزي حتى الان للإحتجاجات

مصدر الخبر / المشهد السوداني

قال باحث فرنسي -في رد له على سؤال من صحيفة ليبراسيون عن طبيعة ونوع المتظاهرين في السودان حاليا- إن من يخرجون إلى الشارع في الاحتجاجات ليسوا أفقر السودانيين خلافا لما وقع عام 2013، بل هم من الطبقة المتوسطة والطبقات الشعبية من ذوي الأجور (المنخفضة).

وفي تقرير لها نشرته عن الاحتجاجات المستمرة، قالت الصحيفة الفرنسية إن الرئيس عمر البشير الذي حكم نحو ثلاثين سنة يواجه منذ أكثر من شهرين أحداثا غير مسبوقة، تحدت فيها الطبقة المتوسطة والموظفون إطلاق النار بالشوارع للاحتجاج على نظام يرون أنه يضطهدهم ويستنزف اقتصاد بلادهم.

وأضافت ليبراسيون أن ثلثي السودانيين -الذين لا يعرفون رئيسا سوى البشير المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادة جماعية- يواجه عدد كبير منهم في جميع أنحاء البلاد كل يوم قوات الأمن بالشوارع.

شرارة اقتصادية ونار سياسية
وإذا كانت الشرارة اقتصادية، فالنار الآن سياسية -تقول الصحيفة- إذ ينادي المحتجون بإسقاط البشير، في حين ينفي الرئيس إمكان التغيير عن طريق وسائل التواصل ويقدم بعض الوعود لإرضاء الناس وخاصة الشباب، ومن بينها الإفراج عن جميع المعتقلين منذ بدء الاحتجاجات، وهم نحو ألف، وفق منظمات غير حكومية.

وفي مقابلة مع الصحيفة، يقول الباحث بجامعة باريس 8 كليمان ديهاي “هذه الاحتجاجات غير مسبوقة من حيث حجمها وانتشارها الجغرافي” كما أنها لم تتوقف رغم تدشين الرئيس مؤخرا طريقا سريعا جديدا بطول 340 كيلومترا وإعلانه إنشاء مستشفى وشبكة من مياه الشرب.

وفي حديث له عن معالم ما سمته الصحيفة ثورة -قتل فيها حتى الآن ثلاثون شخصا وفق التقارير الرسمية و51 حسب منظمة هيومن رايتس ووتش- يقول الباحث إن الأمر بدأ مع ارتفاع سعر الخبز ثلاثة أضعاف نتيجة الأزمة النقدية.

وسرد الباحث جملة من العوامل الاقتصادية الناتجة عن هذه الأزمة، من ضمنها أن استيراد القمح أصبح مكلفا للغاية عند بلوغ معدل التضخم الرسمي 70% أو 120% حسب بعض الاقتصاديين.

البداية عفوية
وقال الباحث إن السودانيين يعتبرون يوم 19 ديسمبر/كانون الثاني الماضي بداية الثورة حين انتفضت المدن وأحرقت مكاتب جهاز المخابرات، وينبه إلى أن الأمور بدأت عفوية وغير منسقة وأن مدن الولايات ما زالت تحافظ على الثورة في شكل مظاهرات دوارة.

وأوضح أن ذروة المظاهرات كانت في شمال البلاد مثل بورتسودان وعطبرة معقل الحزب الشيوعي والطبقة العاملة، مشيرا إلى أن المناطق الريفية والزراعية والبلدات الصغيرة في شمال كردفان تقوم بالتعبئة بطريقة جديدة.

أما الجزء الأكبر من التعبئة فيحدث من حي إلى حي -يقول الباحث- ففي الخرطوم مثلا يغلق الشباب مداخل الحي ويتظاهرون داخله، ولكن تجمع المهنيين دعا إلى تعبئة مركزية حيث تنطلق المظاهرات من داخل الأحياء لتلتقي وسط المدينة.

لم يجدوا مركزا
وقد حددت النقابة 17 نقطة تجمع متزامنة في الخرطوم الأسبوع الماضي، ولكن المتظاهرين لم يجدوا الفرصة لاحتلال مكان مركزي مثل ميدان التحرير في القاهرة، لأن الشرطة تطلق النار بالذخيرة الحية وتفرق المسيرات بشكل منتظم.

أما تجمع المهنيين -الذي أشار إليه الباحث- فقال إنه لم يكن معروفا وليس له قادة معروفون باستثناء أولئك الموجودين الآن في السجن، وقد أنشأ تطبيقا لإعلان الشعارات ومسار المظاهرات وغير ذلك.

وأوضح الباحث أن هذا التجمع لا يرتبط بالضرورة بلجان الأحياء على الأرض، وأن أعضاءه قليلون فغالبا ما يكونون من الأطباء والمهندسين والمعلمين، مشيرا إلى أنه لا يضاهي نقابات السكك الحديدية القوية وعمال الأسمنت الذين أطلقوا ثورات عامي 1964 و1985.

مطالب المحتجين
وعند سؤاله عن مطالب هذه الحركة، قال الباحث إنها لا تقتصر على المجال الاقتصادي، إذ رفع المتظاهرون يوم 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي شعارات الربيع العربي مثل “الشعب يريد إسقاط النظام، تسقط حكومة اللصوص، حرية.. سلام.. عدالة”.

وأضاف أن هذه الشعارات تعني أن المستهدف هو النظام لا الحكومة فقط، وفسر ذلك بالنظرة السائدة بأن السودان بلد غني ولكنه يعاني من سوء الإدارة، وأن العزلة المتزايدة للنظام قد قضت على ما تحقق في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين من تقدم في مجال الصحة والتعليم والبنية التحتية.

وفي حديثه عن القمع، قال الخبير إن الأمن -الذي يدرك خطورة الاحتجاجات في أوقات ضعف النظام- استفاد من تجارب الدول العربية المجاورة، فكانت أول خطوة له قطع الشبكات الاجتماعية وإظهار الجد بقتل المتظاهرين.

موقف الجيش
وبين الباحث أن النظام كان خائفا من ظهور بعض التعاطف بين الجيش والمتظاهرين، خاصة أن ضباطا كبارا قالوا إنهم سيظلون مخلصين للنظام لكنهم لم يطلقوا النار على الحشد، كما روي عن ضباط شرطة قولهم إن دور الشرطة حماية “جميع المواطنين”.

ولهذه الأسباب، يرى الباحث أن السلطات استبعدت الجيش والشرطة معتمدة على قوات مكافحة الشغب والمخابرات و”مليشيات” الحزب الحاكم التي اعتبرها الأخطر.

وفي معرض سؤال عن مدى تهديد الرئيس، قال الباحث إن النظام بالسودان يمكن أن يستمر بدون البشير لأنه في رأيه مجرد نقطة توازن بين عدة اتجاهات (الجيش والإسلاميين والاستخبارات) حتى إنه رأى أن البعض يريدون التخلص منه لأن نقطة تركيز المجتمع الدولي واستمراره أمر سيئ.

التجربة الوحيدة للإخوان
وهل هذه الاحتجاجات ضربة للإسلاميين؟ -تسأل الصحيفة- فيرد الباحث بأن السودان هو التجربة الوحيدة للإخوان المسلمين في العالم العربي وهي فشل مطلق، غير أن الاحتجاجات لم تتحول ضد الإسلاميين مع ذلك، كما يقول.

وفيما يتعلق بالحلفاء الدوليين للنظام في السودان، استغرب الكاتب كونهم كثرا، وإن كان يجد لكل منهم مبرره مثل دول الخليج.

أما الصينيون الذين يدين لهم السودان بمليارات الدولارات فهم يريدون ضمان استحقاقهم، كما أن الروس يحمون مناجمهم، أما الجار المصري عبد الفتاح السيسي الذي يعمل على ترميم الاستبداد -حسب تعبير الباحث- فهو يخاف صحوة الربيع، وحتى الأميركيون قد أقاموا شراكة قيمة لمكافحة “الإرهاب” مع الاستخبارات السودانية.

المصدر : ليبيراسيون

اقرا الخبر ايضا من المصدر من هنا عبر موقع المشهد السوداني

عن مصدر الخبر

المشهد السوداني